بعد الرصد والمتابعة.. أبو سعيد يتمكن من الحصول على غنيمته المفقودة في درعا

Facebook
WhatsApp
Telegram

جواد أبو حمزة - SY24

يهرول أبو سعيد نحو منزله مسرعاً بعد خروجه من مسجد القرية فجراً، بهدف إيقاظ ابنه سعيد، فقد سمع في حديث المصلين تمتمات فيما بينهم عن أقاويل منتشرة بالقرية عن دخول شاحنة تحمل أسطوانات الغاز منتصف الليل عبرت شوارع المدينة متجهة نحو بلدية النظام لتبيت حتى شروق الشمس ويتم تقسيمها صباحاً إلى معتمدي المبيع وصولاً للأهالي، إن قدر ولم تنفذ الكمية قبل توزيعها على المحسوبيات من أقارب وأصدقاء المسؤول عن الشاحنة المرسلة، خصوصاً أن الأهالي في ترقب وانتظار دائم بعد فقدانها منذ عدة أشهر.

يفزع سعيد من هول صوت والده البعيد قبل وصوله إليه وبعيون شبه نائمة ووقفة استعدادية مليئة بالرعب من فظاعة الصوت، يتأتأ سعيد متسائلاً عن مصاب والده الذي ظن أن مكروهاً أصابه، والصوت يعلو مع اقترابه ووصوله باب غرفته قائلا له “يا ابني شيل الجرة والحقني وبسرعة”.

يصل أبو سعيد وابنه باب المعتمد في حيهم قبل شروق الشمس منتظراً، ليبدأ بعدها توافد أهالي الحي تباعاً، والجميع يحمل جرته الفارغة وأبو سعيد كالمنتصر يقف في أول الطابور ينظر خلفه والعدد في تزايد، قائلاً لابنه سعيد والنوم لازال في عيونه: ” شايف ما أشطر أبوك “، وسعيد يهز في رأسه ويسأل، يعني أكيد في غاز؟ لاسيما وأن جميع الواقفين في الطابور يسأل والكل يخشى أن تكون إشاعة أو أن لا يكون لحيهم نصيب في الشحنة المرسلة.

وقال سعيد لـ SY24 في حديث خاص عن قصة ذلك اليوم السعيد، إنه وبعد خمس ساعات من طابور الانتظار لأهالي الحي تبدأ ملامح شاحنة التوزيع بالاقتراب، يرافقها عنصرين من جيش النظام، توقفت أمام معتمد التوزيع وتبدأ بعدها صيحات العناصر المرافقة  بالارتفاع مطالبين الحشود بتنظيم طابورهم جيداً، وأي خلل فيه سيحرم صاحبه من البقاء والحصول على الجرة، ونظراً لإعاقة الصفوف الأولى لحركة الشاحنة طلب العناصر من والدي ومن معه في الصفوف الأولى الرجوع إلى الوراء ليتسنى لهم تفريغ الحمولة التي تبين عند حديث الموزع مع صاحب المحل، أنها سبعون جرة فقط، مقابل ما يزيد عن طابور فاق 300 شخص.

وأضاف: أن دقائق مضت على تفريغ الحمولة، التي تكفي لربع العدد الموجود، وما أن انصرفت الشاحنة مع العناصر المرافقة، حتى بدأت عمليات التدافع فالكل بات يسعى لتبديل جرته وساعات الانتظار والانتظام انتهت بعد رؤية العدد للجرات المنزلة والعشرات باتوا أقرب منا إلى باب المعتمد ولا سبيل لنا إلا المحاولة للوصول إلى دورنا والحصول على الجرة المرجوة، لم أعد أسمع من بين الجموع سوى صوت والدي “يلا ياسعيد حاول ياسعيد” وهو يدفعني بقوة  لتحصيل دورنا الضائع في ظل الازدحام والتدافع وأصوات الطالبين من المعتمد تخليصهم وبيعهم.

وأشار سعيد في سياق حديثه قائلاً: ساعتان في ظل معركة حامية الوطيس، ليخرج بعدها والدي ويجلس على الرصيف منتظراً وأنا أحمل الغنيمة المنشودة، لتبدأ على وجهه تعابير الفرح والانتصار بالحصول على جرة الغاز بعد انقطاعها عن منزلنا قرابة الثلاثة أشهر، وبعبارات الفخر والإطراء أمام الحشد المنتظر يقول والدي لي “ماقصرت الله يعطيك العافية” وقبل الوصول للمنزل يصر والدي الخمسيني على مساعدتي في حملها وهو لا يقوى على ذلك، فهو يريد أن يدخل بها المنزل دخول المنتصر أمام والدتي التي لم تكف عن الدعاء لنا في معركتنا.

حالة أبو سعيد وابنه لم تكن الوحيدة، فالمئات من العائلات باتت لها أسطوانة الغاز المفقودة الحلم الضائع وغيرها من المشتقات التي باتت تفتقدها منازلهم من مادة مازوت التدفئة والكاز والبنزين ناهيك عن انقطاع الكهرباء والماء، خصوصاً أن قوات النظام كانت قد تعمدت حرمان المناطق التي كانت خارجة عن سيطرتها من معظم الخدمات الضرورية، قبل أن يعم النقص باقي المحافظات السورية وتكون أسطوانة الغاز قد حققت السعر القياسي، حتى كادت تنافس سعر الذهب، لا سيما وأن السعر المتقلب وصل في أحد أيامه إلى 18 ألف ليرة سورية، حسب قول سعيد.

مقالات ذات صلة