تسعى إيران إلى توسيع نفوذها في سوريا عن طريق تنصيب مسؤولين موالين لها في المجالس المحلّية في جميع أنحاء البلاد، وذلك كجزءٍ من استراتيجية متعدّدة الجوانب، تهدف للحفاظ على السيطرة والتحالفات في المناطق التي استعادها نظام الأسد من المعارضة.
أدّت الاستراتيجية الإيرانية إلى انتخاب ما لا يقلّ عن سبعة مسؤولين محليين تدعمهم طهران في حلب ودمشق، وفقًا لتحليل قامت به SY24، ويأتي ذلك كجزءٍ من جهدٍ أوسع تقوم به الجمهورية الإسلامية، يشمل تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية عبر المنظّمات غير الحكومية المحلّية الموالية لإيران، والحفاظ على الأمن عن طريق الميليشيات المحلية الموالية لها أو التي تسيطر عليها.
تتوافق هذه الاستراتيجية مع طريقة عمل إيران في الشرق الأوسط، والتي اعتمدت بشكل عام على بسط نفوذها من خلال وكلاء محليين كحزب الله في لبنان أو الميليشيات المموّلة إيرانياً في العراق واليمن، إضافةً إلى إبقاء الحكومات المركزية في هذه البلدان ضعيفة.
جهدت طهران إلى تعيين أعضاء موالين لها بالمجالس المحلية في أجزاء مختلفة من سوريا، لا سيما في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، وذلك على الرغم من دعمها الدبلوماسي المستمرّ لحكومة بشار الأسد، وموقفها العلني الداعم للسيادة السورية خلال محادثات السلام.
وعلى الرغم من موقفها المعلن، عملت إيران على تنمية الشخصيات البارزة والمسؤولين الموالين لها، بما في ذلك البعثيين، من خلال دعم انتخابهم للمجالس المحلّية.
هذه الاستراتيجية ستمكّن إيران من لعب دورٍ كبيرٍ في الأجزاء التي استرجعها النظام من البلاد، وملء فراغ السلطة الذي خلقه تراجع جيش النظام ومؤسسات الدولة في وقت مبكر من النزاع، عندما جعلت مكاسب المعارضة مسألة إبقاء السيطرة على هذه المناطق مكلفةً للغاية.
وستلعب المجالس المحلية دورًا كبيراً في إعادة الإعمار على الأرجح، حيث تحاول حكومة النظام توسيع نطاق نفوذها داخل البلاد، متأثرةً بالعقوبات التي فرضتها عليها كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تردّدٍ واسع من جانب المجتمع الدولي عن المشاركة في إعادة الإعمار قبل التوصل إلى تسويةٍ سياسيةٍ لحل القضية السورية.
تنمية إيران للقادة المحلّيين سيمنحها دورًا أكبر في صنع القرار المحلّي، والقدرة على بناء شبكات مناصرة لها من خلال توزيع المساعدات وتقديم الخدمات المحلّية، خاصةً في المجتمعات الريفية ذات الأهمّية الاستراتيجية، التي وجدت نفسها مهجورةً من قبل النظام، الذي قام بدوره بالضغط عليها أو معاقبتها في حال اعتبرها غير ملتزمةٍ ببقائه بشكلٍ كاف.
وستبرز قدرة إيران على تقديم هذه الخدمات في تناقضٍ صارخ مع أزمة الغاز المستمرّة في سوريا، التي تفاقمت بسبب قسوة فصل الشتاء. عجز حكومة النظام عن توفير المرافق والخدمات التي كانت متاحة قبل عام 2011 قد يؤدي إلى تفاقم التوتّر، لا سيما مع الارتفاع غير المسبوق لمستويات الفقر والبطالة في البلاد مع انخفاض وتيرة القتال.
بالنتيجة، من المحتمل أن تقوّض قدرة إيران على تقديم الخدمات المحلّية سلطة حكومة النظام، إلا أن محاولاتها لزيادة نفوذها في أوساط المسؤولين المحليين يشكّل تناقضاً حاداً مع التزامها المعلن بالحفاظ على المؤسسات والحكومة في سوريا.
في عهد الزعيم الأعلى “آية الله خامنئي” والرئيس “حسن روحاني”، كرّرت القيادة الإيرانية مزاعم الحكومة السورية التي تصف الثورة ضدّها على أنها مؤامرةٌ أجنبية وحربٌ بالوكالة، يشنّها الغرب وإسرائيل والممالك العربية.
كما أصرّت طهران على أن وجودها في سوريا يتقيّد بالقانون الدولي وجاء بدعوةٍ من الحكومة السورية، وألحّت خلال عملية أستانا للسلام على أن أيّ إصلاحات في البلاد يجب أن تتمّ بقيادة سورية دون تدخلٍ أجنبي.
لكن محاولات إيران بناءها شبكةٍ من الحلفاء ونفوذ داخل الحكومة والمجالس المحلية تُظهر نمطًا من التدخل الأجنبي ودعماً لوكلاء إيرانيين على الأرض في سوريا، ومن المرجح أن يضعف ذلك سيطرة الدولة السورية على أراضيها.