الأسد يطيح بشخصيات أمنية هامة.. ما سبب ذلك؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

أحمد زكريا - SY24

في خطوة أثارت عددًا من إشارات الاستفهام، استبدل رأس النظام بشار الأسد عددًا من الشخصيات الأمنية المؤثرة وتعيين شخصيات أخرى بدلًا عنها، غالبيتها مدرجة على قائمة العقوبات الأوروبية.

ومن أهم تلك الشخصيات هو اللواء “جميل الحسن” مدير إدارة المخابرات الجوية والذي عرف بإجرامه ضد الشعب السوري الثائر، وتم إطلاق عدد من الألقاب عليه ومنها “سفاح المخابرات الجوية” و “مبتدع فكرة البراميل المتفجرة.

وعيّن رأس النظام بشار الأسد، اللواء “غسان إسماعيل” رئيسًا للمخابرات الجوية بدلًا من “جميل الحسن”، كما عيّن اللواء “حسام لوقا” رئيسًا للمخابرات العامة وهو مدرج على قائمة العقوبات الأوروبية، كما تم تعيين اللواء “ناصر العلي” رئيسًا لشعبة الأمن السياسي والذي شغل منصب رئيس الأمن السياسي في حلب ثم في درعا، وتم تعيين اللواء “ناصر ديب” مديراً لإدارة الأمن الجنائي.

ووصف ناشطون اللواء “غسان إسماعيل” بأنه اليد اليمنى لحميل الحسن، ويعتبر شريكًا له في المجازر والجرائم كما أنه موضوع أيضًا على قائمة العقوبات الأوروبية.

أمّا فيما يتعلق باللواء “ناصر العلي” فقال الناشط السياسي “قحطان عبد الجبار” في صفحته على الفيس بوك: إنه للمرة الأولى يتم تعيين شخصية من عشائر “منبج” بهذا المنصب الحساس، لافتًا إلى أن “العلي” يعرف المنطقة جيدا وله علاقات مع قيادات تنظيم pyd في منبج وحلب والحسكة، كما تربطه علاقات ببعض الشخصيات المحسوبة على العشائر في عموم المناطق السورية ومنبج على وجه الخصوص.

وتابع: أن العلي اجتمع مرات عديدة مع قيادات pyd في حلب و معروف عنه الولاء المطلق للنظام وهو الذي اقترح دعم تنظيم pyd بالأسلحة في مناطق مختلفة لشراء ولائهم و هو ما حدث فعلا، معتبرًا في الوقت ذاته أنها رسالة من النظام تدل على اهتمامه بالفترة القادمة بالمناطق ذات الأغلبية العشائرية التي همشها سابقا، لذا جاء برجل حديدي للتعامل مع أهل المنطقة وهو تطور لافت ستظهر نتائجه في قادم الأيام.

وفيما يتعلق باللواء “حسام لوقا”، وبحسب مصادر موالية للنظام، فقد عيّن رئيساً لشعبة الأمن السياسي في العام الماضي، وكان قد شغل سابقًا رئيس فرع الأمن السياسي في حمص منذ عام 2012 ومعاونًا لمدير إدارة المخابرات العامة، وهو ينحدر من منطقة خناصر بريف حلب الجنوبي، وكان له الدور الأكبر في السيطرة على حي الوعر في مدينة حمص، عام 2017، باتفاق رعته روسيا قضى بخروج فصائل المعارضة إلى الشمال السوري
وتباينت الآراء حول الأسباب التي دفعت نظام الأسد لإجراء تلك التبديلات في الجهاز الأمني وخاصة “جميل الحسن” بعد أن تم التمديد له قبل أقلّ من شهر، إذ أشارت مصادر موالية للنظام إلى أن إقالة الحسن تعود لأسباب صحية إضافة لانتهاء فترة تمديده، في حين ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك مرجعين السبب إلى خلاف روسي إيراني أطاح بالجهاز الأمني لنظام الأسد وتعيين بدلاً منهم.

وكانت أنباء نقلها ناشطون تفيد أنه وبعد اجتماع القدس الثلاثي بين مستشاري الأمن القومي في روسيا وأمريكا وإسرائيل، تشهد سوريا تصعيداً لافتاً من قبل الشرطة العسكرية الروسية ومكتب المتابعة الأمني التابع لقاعدة حميميم حيال شخصيات كبيرة محسوبة على إيران.

ولفتوا الانتباه، إلى اعتقال ضابط أمن الفرقة الرابعة شقيق زوجة ماهر الأسد، وضابط الأمن في مفهوم الفرق العسكرية السورية هو الرجل الثاني في القرار بعد قائد الفرقة ماهر شقيق بشار المعروف بولائه لإيران، كما تم اعتقال العميد “غسان بلال” مدير مكتب ماهر الأسد، يضاف إلى ذلك اعتقال اللواء “زهير شاليش” المعروف باسم ذو الهمة وهو ابن عمة بشار الأسد وقائد جهاز الحماية الرئاسية منذ عهد والده، بالإضافة لإقالة اللواء جميل الحسن مدير إدارة المخابرات الجوية، أشهر جهاز أمني مجرم ومشرف على قتل آلاف السوريين.

الباحث في الشأن السياسي والعسكري السوري “رشيد حوراني” وتعليقا على تلك الأحداث قال لسوريا 24: أنه يمكن قراءة التعيينات الجديدة من عدة زوايا:
أولاً: أنه مع بداية كل عام، وفي منتصفه أيضا تصدر عن إدارة شؤون الضباط النشرة الخاصة بالترفيعات والتنقلات وتولية المناصب، ومن الممكن القول إن هذه التنقلات إجراء إداري روتيني تندرج تحت هذا الباب، وهي عامة تخص كل وحدات الجيش والأمن وكذلك الشرطة، وربما اكتسبت التنقلات الخاصة بالأجهزة الأمنية تسليط للضوء عليها بشكل أكثر بسبب فداحة ما ارتكبته من وحشية ضد الشعب السوري.

ثانياً: يحاول النظام ومن وراءه روسيا الدعاية بأن النظام هو حافظ لمؤسسات الدولة، ومن خلال تصدير تلك التغيرات كأنه يريد من وراء ذلك الإشارة إلى عدم تأثر تلك المؤسسات رغم مرور ثماني سنوات على الثورة السورية وما حملته من انعكاسات على تلك الأجهزة، فهذه التغيرات كانت تجري من قبل دون هذا الضجيج الذي صاحبها.

ثالثاً: في عهد حافظ الأسد تمكن رجالاته من صنع حالة لكل منهم قادرة على التأثير والفعل، بدءًا من رفعت الأسد مرورا بعلي دوبا، وعلي حيدر، وشفيق فياض، وآصف شوكت، ومحمد منصورة، وغيرهم وصولا إلى غازي كنعان.
وتابع بالقول: روى لي أحد العاملين في الأمن العسكري أن “علي دوبا” عند إقالته مطلع العام 2000 استنفر الجيش بالكامل، خوفا من ردة فعله، خاصة أنه عُرف بمعارضته لتولي بشار رئاسة الجمهورية.

ومع تولي بشار الأسد الحكم قد يكون تنبه لهذه الحالة ومنع تلك الشخصيات من تشكيل هذه الحالة، فمثلا غازي كنعان افتتح دورة للضباط في كلية الشرطة أتبع فيها عددا من الشباب العلوي ليكون ولائهم له مستقبلا، ولا تزال هذه الدورة وخريجيها تعرف بدورة غازي كنعان، وعندما شعر النظام بميوله المذكورة عمل على تصفيته، بالإضافة لأسباب أخرى، وقام بتسريح ابنه وقتها وكان ضابط برتبة نقيب في شعبة الأمن السياسي.

وعليه فإن النظام اليوم يريد التعامل مع مسؤوليه كموظفين يعملون على تنفيذ الأوامر والمهام، والأسماء المذكورة تنطبق عليهم ذلك نظرا لعدم وجود عمق وظيفي مؤثر أو اجتماعي في حواضنهم طبعا مع وجود فوارق بين هذا وذاك، لكن بشكل عام يسعى النظام لتحقيق ذلك في مسؤولية.

ولابد من الإشارة إلى أن المطبخ الأمني الحقيقي لنظام الأسد هو القصر الجمهوري وضباط الحرس الجمهوري والمكتب الأمني فيه، يليه المكتب الأمني في الفرقة الرابعة ويتم فيه وضع الخطط وتقيم أداء تلك الأجهزة، حتى أن الكثير من الأحيان يتم تعيين ضباط من القصر لشغل رئاسة هذا الفرع أو ذاك بناء على تقييم من القصر “الحرس الجمهوري” هن ترهل أدائه ليقوم الضابط المعين من القصر برفع وتيرة الأداء، على حد قول “حوراني”.

أمّا المقدم “عبد الله” المنشق عن شعبة الأمن السياسي التابعة للنظام فقال لسوريا 24: أعتقد أنها خطوة اعتيادية لن تحمل جديداً، أما بالنسبة للتوقيت فهي لم تكن استثنائية حيث جرت العادة أن تتم التنقلات والتسريحات والتعيينات لضباط الجيش والشرطة في الأول من شهري تموز وكانون الثاني من كل عام، وفي هذا السياق جاءت التنقلات والتعيينات الحالية.

وأضاف، أنه قد يبدو للوهلة الأولى أن تعيين اثنين من محافظة حلب رئيسين لجهازي الأمن السياسي وأمن الدولة هو شيء ملفت للانتباه، إلا أن العارفين بطبيعة هذا النظام يعلمون جيداً أن رئيس الجهاز الأمني هو مجرد موظف مالم توكل إليه مهام خاصة بتفويض من رئيس الجمهورية، وهو ما لا نعتقد أنه سوف يتم إجراؤه بالنسبة للرئيسين الجديدين.

وبالنسبة لما يقال عن صراع إيراني روسي لتثبيت مواليهما في المناصب العسكرية والأمنية، فإننا نرى أن الأمر فيه تضخيم أكثر من حقيقته وهو من صنع الإعلام، فكل المعينين هم موالون ومؤيدون لبشار الأسد وأعضاء في عصابته، قد لا يكون الرؤساء الجدد لهذه الأجهزة على علاقة بإيران أو تابعين لها، ولكن في كل الأحوال هم لن يكونون تابعين لروسيا وإن كان تعيينهم مريحاً لها.

وحول موضوع قرب البعض من المسؤولين من إيران، وبعضهم الآخر من روسيا، نرى أن هذه وظائف مكلفين بها من قبل النظام، وهي لا تتعدى نطاق توزيع المهام التي يحددها النظام بشكلٍ مدروس، قد يكون مطلوباً من بعضهم أن يكون على علاقة جيدة بالضباط الإيرانيين، في حين يكون مطلوباً من الآخرين إنشاء علاقات جيدة مع الروس لحل أي إشكالات تنشأ أثناء العمل.

وختم بالقول: بقي أن نذكر أنه مع الانتقال إلى الصراع العسكري في سورية، بدأت الأجهزة الأمنية تفقد صلاحياتها تدريجياً، لصالح القادة العسكريين الميدانيين، الذين اعتمدوا على أنفسهم وعبر شبكاتهم الخاصة في الحصول على المعلومات اللازمة لوحداتهم العسكرية.

في حين أبدى المستشار الاقتصادي “يونس الكريم” رأيًا مخالفًا إذ اعتبر أن تلك التغييرات في الجهاز الأمني لنظام الأسد هي انعكاس للصراع بين إيران وروسيا حول إعادة ترتيب الأوراق السياسية والأمنية، مستفيدين من الضغط الدولي عليهم لإنجاز حل سياسي، وذلك بالقضاء على الشخصيات القوية ذات الصلة بجرائم الحرب.

مقالات ذات صلة