تركت الحرب آثارها عميقاً في مجتمع الجزيرة، والتي عانت أصلاً من الفقر والتهميش والإهمال سابقاً، لكن مع استمرار تردي الأوضاع، غدا الفقر الوسيلة الأنجع على الرغم من قسوتها في تغيير العادات، وأصبح هو السبب الأبرز لخروج النساء إلى الشوارع، والعمل في أعمال لطالما احتكرها الرجال، والهدف هو تأمين دخل شريف يدعم أسرهن دون الركون إلى العوز والحاجة.
وبهدف تأمين فرص عملٍ للنساء، لمن هم من الفقراء، أطلقت مؤخراً منظمة UNDP مشروعاً في مدينة المالكية، الواقعة في ريف القامشلي، والمشروع عبارة عن فكرة جديدة، وهي تنظيف شوارع المدينة، ولكن هذه المرة من قبل النساء والفتيات حصراً، حيث انضم للمشروع عدد جيد من الفتيات، مرحبين بالفكرة.
“ليلى السعد” إحدى العاملات في المشروع قالت لـ SY24، إنها “قرأت الإعلانات الطرقية التي وزعتها منظمة UNDP في جميع شوارع المدينة، فأحببتُ الفكرة كفرصة عملٍ احتاجها، لمساعدة زوجي في مصاريف المنزل العالية من جهة، ولتغيير روتين وجود المرأة في المنزل دون عمل (كعاداتٍ وتقاليد) فُرضت على نساء المدينة من جهةٍ أخرى، وأشجع كل النساء والفتيات في المدينة، أن يملأن أوقاتهن بالعمل.
بدورها قالت “ديالا حسين”، “انضممتُ لهذا المشروع بعدف مساعدة زوجي وأولادي بالمدخول المادي، لأن الحياة هنا أصبحت صعبة، والأسعار دائماً بإرتفاع، وأنا مرتاحة جداً بعملي في المنظمة، واستطيع أن أوفق بين عملي كربةِ منزل وعاملة في المشروع، وقد سبق وعملّتُ في الحصاد وتعبئة التبن، أما هذا المشروع فأنا أراه شيء جديد من نوعه”.
وتابعت “ديالا”، نعم 40 ألف ليرة سورية، التي اتقاضاها من المنظمة كراتب، تعتبر قليلة في هذه الظروف الصعبة، إلا أنني مرتاحة جداً في عملي، ويبقى المبلغ يُسهم ولو بشكلٍ بسيط بمصاريف البيت والأطفال، وعلى قولة المثل (بحصة بتسند جرة).
وقالت السيدة “ربا السالم”، إنها “تعمل في المنظمة وهذا المشروع تحديداً، لأن فكرة تنظيف شوارع مدينتي قد أعجبتني، فهي جديدة من نوعها، خصوصاً أن مثل هذه الأعمال كانت حكراً للرجال فقط في مناطقنا، وأشجع من هم بعمري من البنات، للعمل ومساعدة ذويهم، وأن نثبت لهم أنهم بحاجتنا وليس العكس”.
وبدورها “ربا” شكرت المنظمة والقائمين على المشروع، لإتاحة فرص عملٍ لمن هم بعمرها من الفتيات.
من جهتها مشرفة العاملات في مشروع (UNDP) للتنظيف في المالكية، حدثت Sy24 عن فكرة المشروع قائلةً: “نقوم بهذا المشروع بالتعاون مع بلدية الشعب في المدينة، ويضم المشروع حتى الآن 65 عاملةً من فتيات المالكية، انضممن للمشروع بعد قرائتهن لإعلان العمل الذي تم نشره في جميع شوارع المدينة، فهي بالنسبة للفقراء منهن فرصةَ عملٍ ممتازة، لأن معظمهم لديهم ظروف مادية قاسية، لعل هذا العمل يساعدهم في دراسة ابنائهم، ومساعدة أزواجهم باحتياجات الحياة الكثيرة”.
وأردفت المشرفة، أن “العمل يبدأ في الساعة الثامنة صباحاً، وينتهي عند الساعة 12 ظهراً، والراتب هو 40 ألف ليرة سورية، هو راتبٌ بسيط أمام ما نعيشه من غلاءٍ فاحشٍ في كل المتطلبات الحياتية، لكنه يساعد ولو قليلاً من هم من الطبقة المعدمة”.
وختمت حديثها قائلةً: إن “المشروع كان فرصة عمل، استفاد منها عدد لابأس به من فتيات ونساء المدينة، بالإضافة أنها فرصة لتحسين وتنظيف الشوارع، وإضافة جمالية من لمسة أنثوية، باعتبار هذا العمل كان سابقاً برسم الرجال فقط، وأشكر المنظمة على هذه الفكرة الرائعة، خصوصاً أن هناك فكرة لتوسيع المشروع في جميع مناطق الجزيرة السورية، بعد أن نجحت مبدئياً في مدينة المالكية”.