تحاول ماكينات النظام وأبواقه وأذرعه الإعلامية اقتناص الفرص وتسيسيها لصالح نظام الأسد، من أجل تلميع صورته خاصة أمام حاضنته وداعميه.
وتلعب تلك الماكينات على ورقة السوريين المتواجدين على الأراضي التركية، في الوقت الذي تشن فيه السلطات التركية حملة أمنية بحق المخالفين لضبط الوضع خاصة في مدينة إسطنبول.
وما إن بدأت تلك الحملة حتى سارعت بعض المصادر والشخصيات الإعلامية بالترويج للسوريين المتواجدين في تركيا بأن طريق العودة إلى سوريا عبر “معبر كسب” متاح للراغبين بذلك، وأن الدولة السورية مستعدة لاستقبالهم بالأحضان، على حد زعمها.
ولم تكتف تلك الماكينات بهذه الدعوات التي تخفي خلفها نوايا مبطنة، بل عمدت إلى الادعاء بأن “الحكومة التركية تخير السوريين بين الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام عبر معبر كسب، أو إلى مناطق سيطرة جبهة النصرة من معبر باب الهوى أو باب السلامة”.
كما ادعت تلك الماكينات بأن “معبر كسب السوري مفتوح لكل السوريين المتواجدين بتركيا على مدار 24 ساعة يستقبل الناس، إلا أن المعبر التركي يفتح بابه من الساعة 9 بتوقيت أنقرة وحتى 4 عصراً ويغلق المعبر، كما أن معبر كسب مفتوح كل أيام الأسبوع عدا يوم الأحد، فالمدة محددة من الجانب التركي وليس من الجانب السوري”.
وذهب إعلام النظام بالترويج إلى أبعد من ذلك بغية ترغيب السوريين بالعودة، محاولة توضيح الشروط اللازمة من أجل الدخول عبر معبر كسب وقال: “كل سوري موجود بتركيا ويريد القدوم إلى سوريا، عليه إصدار إذن خروج من الولاية المقيم فيها إلى معبر يايلا داغ التركي، ويذهب إلى المعبر التركي ويسلم إذن الخروج والكملك وينطلق إلى المعبر السوري”. إضافة لعدد من الشروط الأخرى.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يدعو فيها نظام الأسد عبر أذرعه الإعلامية، السوريين المتواجدين في تركيا للعودة عبر معبر كسب الحدودي، بل سبقها عدة دعوات في فترات ماضية.
ومع أوائل شهر أذار/مارس الماضي، بدأ عضو هيئة المصالحة الوطنية في حكومة النظام والمعارض السابق المدعو “عمر رحمون” بالترويج لعودة السوريين عبر هذا المعبر، الأمر الذي دفع بكثيرين لاعتباره “عرابا” لتلك الدعوات وتسهيلها.
وأثارت تلك الدعوات من قبل شخصيات محسوبة على النظام في الترويج للعودة إلى “حضن الوطن”، ردود فعل ساخرة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل ما تشهده سوريا من وضع اقتصادي متردي وأزمات معيشية تلقي بظلالها على المواطنين في مناطق وجود النظام.
وتعليقًا منه على تلك الأساليب التي يحاول نظام الأسد تسويق نفسه بأنه يدعو السوريين للعودة إلى مدنهم وبلداتهم قال عضو هيئة القانونيين السوريين المحامي “عبد الناصر حوشان”: إنه من المعروف أن النظام وروسيا يسعيان وراء اللاجئين السوريين في كل بلاد اللجوء من أجل إعادتهم إلى حظيرة النظام.
وأضاف في حديثه لـ SY24، أن هذا الأمر كان على أعلى مستوى في القيادة الروسية، إذ طلب من المستشارة الألمانية ميركل العمل على إعادة اللاجئين مقابل إلغاء القانون رقم 10 لعام 2018 الخاص بمناطق التنظيم.
وتابع بالقول: كذلك سعت الحكومة الروسية مع المسؤولين اللبنانيين لإعادة اللاجئين من لبنان وقد توجت محاوﻻت روسية بإعادتهم من لبنان ولم تتوقف حملات الإعادة حتى اليوم.
ويرى “حوشان” أن نظام الأسد نشط في هذا الأمر في تركيا، عبر خلايا تابعة له تعمل على استقطاب الشباب وتأمين عودتهم الى النظام عبر معبر كسب، وكان عراب هذه الحملة الشبيح عمر رحمون.
وتقدر أعداد العائدين عبر معبر كسب في أوقات سابقة، بحسب “حوشان”، بحوالي 200 شخص أغلبهم ليس من المحسوبين على الثورة، وهم من المتخلفين عن الخدمة العسكرية وأغلبهم ما زال في معتقلات النظام، وقد تم توثيق أكثر من عشر حاﻻت قتل تحت التعذيب من هؤﻻء العائدين.
ويرى “حوشان” أن استغلال نظام الأسد للحملة التركية هو أمر طبيعي، ويجدها فرصة ﻻستقطاب هؤﻻء الشباب، معربًا عن اعتقاده بأنه لن يذهب عبر معبر كسب إﻻّ الموالين له.
ولفت الانتباه، إلى أن الترحيل من تركيا كان باتجاه “اعزاز” شمالي حلب أي المناطق المحررة، مرجعًا السبب لتفادي الأتراك الوقوع في مخالفة للقانون الدولي.
وأضاف، أن الأتراك قد شعروا بخطر الحملة مما دعاهم لإيقافها كما تواترت الأخبار بذلك، وفتح الباب لتسوية أوضاع المخالفين.
ولم يستبعد المحامي السوري استمرار نظام الأسد باستغلال ما يجري في تركيا وتوظيفه لصالحه وقال: نعم، هو يعمل مع أطياف في المعارضة التركية التي ﻻ تخفي تقاربها معه، وﻻ يستبعد أن يكون لها يد في تأجيج العداء للسوريين في تركيا.