في الوقت الذي يتوهم فيه العالم إيجاد حل سياسي في سوريا، ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليؤكد على أن الساحة السورية أظهرت “قوة ونجاح” أسلحة بلاده، التي تحصد في كل يوم عشرات الأرواح من السوريين، ومن يرى الصور القادمة من غوطة دمشق الشرقية يعرف جيداً أن عالمنا منفصل عن الواقع، ولا حتى على أقل تقدير يسمي الأمور بمسمياتها.
فلو كان صادقا تجاه ما يجري في سوريا لاعتبر روسيا دولة محتلة وعدوة للشعب السوري، لا أن يضع بين يديها مسألة رعاية المباحثات السياسية وكأنها “حمامة سلام” تجند جميع قواها من أجل مكافحة الحروب والسلاح وسفك الدماء.
نعم، السلاح الروسي، قوي وناجح، فهو الذي دمر مدينة حلب وشرد أهلها، وعنها قالت المنظمات الدولية إنها المدينة الأكثر تدميراً منذ الحرب العالمية الثانية، وهو السلاح ذاته الذي دمر مدن وبلدات إدلب ودرعا وحمص ودير الزور والرقة.
وبعد كل هذه المجازر تفاخر بوتين قائلا: “إن العالم يعرف الآن أسماء كل أسلحتنا الرئيسية بعد عملية سوريا”. كما سبق هذا التصريح، اعتبار أن جيشه يجري نشاطاً تدريبياً في سوريا بأحدث الأسلحة، وهو “الأرخص”، يتدرب بأرواح الأطفال والنساء، وبتدمير المدن السورية، بهدف الترويج للسلاح الذي تعيش على تجارته روسيا، ونشر الإرهاب والرعب في العالم، ليعلن للعالم أن الدب العملاق قد عاد بقوة.
اتبع الجيش الروسي أسلوب الحرب المتوحشة ضد الشعب السوري، ولهذا استخدم أكثر من 200 صنف من الأسلحة، فالاستراتيجية تقوم على قتل أكبر عدد من الشعب السوري وتهجير من تبقى على قيد الحياة، وتدمير كل مقومات الحياة في المدن الثائرة لإرغام بقية الشعب على قبول حكم آل الأسد، الذي لم يكن ليبقى لولا كل هذا الدعم الروسي والإيراني.
منظمة العفو الدولية وهيومن، أكدتا أن لديها أدلة دامغة على أن القوات الروسية هاجمت مدنيين في الأسواق والمستشفيات والمساجد وأماكن سكنهم، وهذا يصنف ضمن قائمة جرائم الحرب، وقالت “إن الحكومة السورية، وبدعم من روسيا، تستهدف عمداً شعبها في الغوطة الشرقية. فالسكان لم يعانوا حصاراً قاسياً خلال السنوات الست الماضية فحسب، بل إنهم محاصرون الآن تحت وابل يومي من الهجمات التي تتعمد قتلهم وتشويههم، والتي تشكل جرائم حرب سافرة. فمنذ ست سنوات، وقف المجتمع الدولي متفرجاً على جرائم حرب، مع الإفلات التام من العقاب”.
المسؤولية عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية للشعب السوري لا يمكن أن تكون غير شخصية، لأن ذلك سيتيح للمجرمين تجنب العقاب، والعدل لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كل فرد من الذين أمروا، ومن الذين سلموا السلاح للاستهداف والذين قاموا برمي القنابل، سوف يتم تحديدهم وتقديمهم إلى المسؤولية الشخصية، أولهم فلاديمير بوتين، بالدرجة الأولى، يليه كلا من بشار الأسد، وعلي خامنئي وحسن نصر الله. فلو أرادت روسيا إتمام عملية سياسية في سوريا، لما كبلت مجلس الأمن الدولي 11 مرة، بما يسمى “الفيتو” واقفة بوجه أي مشروع أممي يسعى لحقن الدماء، وإيقاف الحرب الدائرة على صدور الشعب السوري.
سجل الجرائم الروسي معروف جيدا للعالم في (أفغانستان، والشيشان، وأبخازيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأوكرانيا) فهي كما تكون عصابة “مافيا” كبيرة تمارس الإرهاب والقتل ليس على مستوى الأفراد وإنما على مستوى الدول والشعوب.