الشبكة السورية: 79 هجوماً على مخيمات للنازحين استهدفها النظام السوري منذ 8 أعوام

Facebook
WhatsApp
Telegram

الشبكة السورية لحقوق الإنسان – SY24

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر يوم أمس 13 ديسمبر 2019، الذي تناول هجوم مخيم قاح شمال إدلب إنَّ النظام السوري هو المسؤول غالباً عن قصف مخيم للنازحين وقتل 11 طفلاً سورياً.

وذكر التقرير الذي جاء في 16 صفحة أنَّ اتفاق خفض التصعيد في أيار/ 2017 واتفاق سوتشي في أيلول/ 2018، اللذين شهدتهما منطقة إدلب، وما تلاهما من اتفاقات جميعها افتقرت إلى آليات تنفيذ حقيقية تردع النظام السوري وحلفاءه عن الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، وعجزت عن وقف آلة القتل اليومية التي تحصد أرواح السوريين، حيث بقيت الطائرات الحربية الروسية والسورية تُحلِّق وتقصف متى تشاء.

وأشار التقرير إلى أنَّ الآلاف ممن تقطَّعت بهم السبل بعد العملية العسكرية الأخيرة التي شنها الحلف السوري الروسي منذ 26 نيسان المنصرم 2019، اضطروا إلى اللجوء إلى منطقة مخيمات أطمة الواقعة في ريف إدلب الشمالي وهي عبارة عن تجمع كبير للمخيمات بدأ تأسيسه نهاية عام 2012 وتوسَّع تدريجياً.

وبحسب التقرير فإنَّ هذه المخيمات تضمُّ ما يقارب نصف مليون شخص نصفهم من الأطفال والنساء يقطنون في ظروف معيشية سيئة ولا يحصلون على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالمياه والحمامات وخدمات الرعاية الطبيَّة، ويعانون شحَّ المساعدات وعدم انتظام وصولها إلى المخيمات، وبالتوازي مع الوضع الإنساني الكارثي يعيش المدنيون في تلك المخيمات تحت تهديد مستمر بالقتل بفعل الهجمات السورية الروسية التي لاحقتهم إلى مكان نزوحهم.

ووصف التقرير كيف لاحق النظام السوري السوريين الذين تسبَّبت الانتهاكات التي مارسها هو وحلفاؤه في تشرديهم، وطبقاً للتقرير فلم يكتفي النظام السوري بتشريدهم وقصف منازلهم وتدميرها وسنِّ قوانين تبيح السطو على مملكاتهم فقط، بل قام بملاحقتهم وقتلهم ضمن المخيمات التي أقاموا فيها.

يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“تثبت هذه الواقعة مجدداً لدول العالم كافة أنَّ النظام السوري يُشكل تهديداً صارخاً للنازحين، وهو المتسبب الرئيس وراء استمرار تدفق اللاجئين وتخوفهم من العودة والاستقرار حتى في المناطق التي لا يسيطر عليها، عبر عمليات قصف مستمرة لم يسلم منها حتى الأطفال في المخيمات، وعلى الرغم من كل هذا التوحش والبربرية نسمع أصوات ومراكز أبحاث تبرر إعادة التعامل مع النظام السوري بدلاً من المطالبة بمحاسبته تمهيداً لانتقال سياسي وعودة طوعية ومستدامة.”

وسلَّط التقرير الضوء على الهجوم بالذخائر العنقودية الذي شنَّه النظام السوري والميليشيات الإيرانية على مخيم قاح للنازحين بريف إدلب الشمالي، واستندَ التقرير على شهادات تم الحصول عليها عبر حديث مباشر مع شهود أو ناجين وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة واستعرض سبع روايات منها، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.

وبحسب التقرير فقد وقع الهجوم يوم الأربعاء 20/ تشرين الثاني/ 2019 بين الساعة 19:45 و20:00 عندما أطلقت منصة صواريخ تابعة لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية يعتقد أنها متمركزة في منطقة جبل عزان بريف حلب الجنوبي صاروخاً من نمطTochka 9M79 محملاً بذخائر عنقودية من نمط 9N24، سقط على مخيم قاح للنازحين؛ تسبَّب القصف في مقتل 16 مدنياً، بينهم 11 طفلاً و3 سيدات (أنثى بالغة)، وإصابة ما لا يقل عن 50 آخرين وأضرار في مشفى الأمومة، إضافة إلى أضرار في قرابة 10 خيام.

ووفقاً للتقرير فقد تسبَّب الهجوم في تشريد قرابة 80 % من سكان المخيم الذين نزحوا خوفاً من تعرُّض المخيم لمزيد من الهجمات وحتى تاريخ صدوره لم يتم تسجيل سوى عودة نسبة بسيطة منهم إلى المخيم.

واستعرض التقرير نوع الذخائر المستخدمة في الهجوم استناداً إلى مراجعة وتحليل صور مخلفات الأسلحة التي عُثر عليها في الموقع، والمعلومات من الشهود، وآثار الدمار، وأشار التقرير إلى استخدام صواريخ بالستية تكتيكية من سلسلة (Tochka – 9M79)، روسية الصنع تطلق من عربة من طراز (9P129)، وحدَّد التقرير أربعة أماكن محتملة للمنصات التي يعتقد أنها أطلقت هذه الصواريخ، وأشار إلى أنَّ المصدر الأكثر ترجيحاً لإطلاق هذه الصواريخ هو منصات إطلاق موجودة في منطقة جبل عزان بريف حلب الجنوبي بحسب الروايات وشهود العيان.

وبحسب التقرير فمن الممكن أن تزوَّد هذه الصواريخ برؤوس حربية مختلفة عنقودية أو كيميائية أو نووية، وفي هجوم مخيم قاح تم التحقق من خلال روايات الشهود وتحليل الصور والمقاطع المصورة أنَّ الصاروخ كان مزوداً برأس حربي من نمط 9N123K محمل بذخائر عنقودية من نمط 9N24 يبلغ عددها نحو 50 ذخيرة.

وذكر التقرير وقوع ما لا يقل عن 12 هجوماً نفَّذتها قوات النظام السوري استخدمت فيها صواريخ من سلسلةTochka ، ثلاثة منها على الأقل كانت محملة بذخائر عنقودية.

وذكر التقرير أنَّ طائرات الاستطلاع التابعة للنظام السوري ظلَّت تحلق فوق سماء المخيم طوال أيام عدة قبل الهجوم، وهذا يُشير إلى أن النظام السوري على علم تام بماهية الهدف وقاطنيه، إضافة إلى ذلك فقد اختار في ارتكاب هذا القصف استخدام الذخائر العنقودية؛ أي أن الهجوم يُشكل جريمة مركبة.

وسجل التقرير ما لا يقل عن 79 حادثة اعتداء نفَّذتها قوات الحلف السوري الروسي على مخيمات للنازحين منذ آذار/ 2011 حتى هجوم مخيم قاح، 61 هجوماً منها نفذتها قوات النظام السوري، و18 هجوماً نفذتها القوات الروسية ومن ضمن هذه الهجمات وثق التقرير 11 هجوماً في غضون الحملة العسكرية الأخيرة التي شنَّتها قوات الحلف السوري الروسي منذ 26/ نيسان/ 2019.

وبحسب التقرير فقد وقع ما لا يقل عن 487 هجوماً بذخائر عنقودية منذ أول استخدام موثَّق لها في تموز/ 2012 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2019، منها 243 على يد قوات النظام السوري و236 على يد القوات الروسية، و8 هجمات روسية/ سورية.

وأكَّد التقرير أن قوات الحلف السوري الإيراني الروسي خرقت قراري مجلس الأمن 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، وخرقت عدداً واسعاً من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي، وانتهكت عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي؛ ما يُشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشار إلى إنَّ عمليات القصف، قد تسبَّبت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضرَّر الكبير بالأعيان المدنيَّة. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأنَّ الضَّرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة، كما أنَّ الهجمات لم تميِّز بين المدنيين والعسكريين في أغلب الحالات، ويبدو أنَّ بعض الهجمات تعمَّدت استهداف مراكز حيوية ومناطق مدنية.

أكَّد التقرير أنَّ استخدام قوات النظام السوري بقيادة الفريق بشار الأسد، وكذلك القوات الروسية لذخائر عنقودية يُعتبر انتهاكاً لكلٍّ من مبدأي التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني، ويُعتبر بمثابة جريمة حرب، كما أشار إلى أنَّ الأدلة الواردة فيه تؤكد أن استخدام الذخائر العنقودية قد تمَّ من قبل قوات النظام السوري، وضدَّ أهداف مدنيَّة، ولم توجَّه إلى غرض عسكري محدَّد، وتُشكِّل بالتالي جرائم حرب.

ذكر التقرير أنَّ الدول قد وافقت بالإجماع في قمة عام 2005 على مسؤولية كل دولة عن حماية سكانها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، إن هذه المسؤولية تستلزم منع هذه الجرائم، ومنع التحريض على ارتكابها بكافة الوسائل الممكنة، وعندما تخفق الدولة بشكل واضح في حماية سكانها من الجرائم الفظيعة، أو تقوم هي بارتكاب هذه الجرائم كما في حالة النظام السوري، فإن من مسؤولية المجتمع الدولي التدخل باتخاذ إجراءات حماية بطريقة جماعية وحاسمة وفي الوقت المناسب.

وأكد التقرير أن عمليات القصف على مخيمات النازحين والتجمعات المدنية تسبَّبت في نشر حالة من الإرهاب والخوف بين المشردين وفاقمت بشكل صارخ من أوضاعهم الإنسانية الكارثية التي تعاني أصلاً من تدهور من ناحية الاستجابة الإنسانية الأولية.

طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في عرقلة العملية السياسية وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي والطلب من النظام السوري وحليفه الروسي وفصائل المعارضة التوقف عن كافة الانتهاكات وتأمين إجراءات حسن النية عن طريق إيقاف القصف وكشف مصير المختفين قسرياً على أقل تقدير.

أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على “توقف فوراً أية هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حدِّ ذاتها، وأكَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.

كما أكد التقرير على ضرورة إحلال الأمن والسلام وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين، لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب.

وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.

أكد التقرير على ضرورة أن يقوم مجلس الأمن بإصدار قرار خاص يحظر استخدام الذخائر العنقودية في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية ويتضمَّن نقاط لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.

يجب أن لا تمنع عضوية روسيا الدائمة في مجلس الأمن مساءَلتَها من قبل المجلس نفسه، وإلا فإنَّ هذا يُفقده مصداقيته المتبقية.

وطبقاً للتقرير فإنَّ استخدام الذخائر العنقودية من قبل النظام السوري يُهدِّد أمن وسلامة عشرات الآلاف من المجتمع السوري وعلى مجلس الأمن التَّدخل المباشر والعاجل لحماية الشعب السوري من اعتداءات السلطة الحاكمة، التي تُشكِّل جرائم حرب، وإرسال قوات حفظ سلام لحماية النازحين ومخيماتهم من هجمات قوات النظام السوري.

واعتبر التقرير أنه في ظلِّ انقسام مجلس الأمن وشلله الكامل، يتوجب التَّحرك على المستوى الوطني والإقليمي لإقامة تحالفات لدعم الشَّعب السوري، ويتجلى ذلك في حمايته من عمليات القتل اليومي ورفع الحصار، وزيادة جرعات الدَّعم المقدمة على الصعيد الإغاثي. والسَّعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين.

دعا التقرير إلى اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة كما دعا إلى تجديد الضَّغط على مجلس الأمن بهدف إحالة الملف في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية والسَّعي من أجل إحقاق العدالة والمحاسبة في سوريا عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، واستخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية.

وطالب التقرير المفوضة السَّامية أن تُقدِّم تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان وغيره من هيئات الأمم المتحدة عن الانتهاكات الواردة في هذا التقرير وغيره من التقارير السابقة، باعتبارها نُفِّذت من قبل أطراف النِّزاع وحثَّ على ضرورة تدريب المنظمات السورية على البدء بإزالة الألغام والذخائر العنقودية غير المنفجرة ورفع التَّوعية المحلية لمثل هذا النوع من المخاطر، وإنشاء منصَّة تجمع عدداً من المنظمات السورية الفاعلة في مجال توثيق الانتهاكات والمساعدة الإنسانية؛ بهدف تبادل الخبرات مع المجتمع السوري.

وأوصى التقرير دول أصدقاء الشعب السوري برفض اعتبار الحكومة الروسية طرفاً في الحوار والانتقال السياسي في سوريا في حال إصرارها على ارتكاب انتهاكات واسعة وممنهجة بحقِّ الشَّعب السوري، ولا أوضحَ من استخدام الذخائر العنقودية كدليل صارخ على انتهاكاتها.

كما أكد التقرير على ضرورة تَّوقف الحكومة الروسية الفوري عن إنتاج الذخائر العنقودية واستخدامها في سوريا، والبدء بتدمير مخزونها والانضمام إلى معاهدة حظر استخدام الذخائر العنقودية وطالب بالتَّحقيق في جميع الانتهاكات الواردة فيه، وأكد على أهمية نشر خرائط تفصيلية بالمواقع التي شنَّت فيها هجمات بالذخائر العنقودية، وتزويد الأمم المتحدة بها وإطلاع المجتمع السوري عليها، وهذا يُيسر عمليات إزالة المخلفات التي لم تنفجر بعد.

طالب التقرير النظام السوري بالتَّوقف عن انتهاك الدستور السوري عبر قتل المواطنين السوريين وتدمير منازلهم وإخفاء وتعذيب عشرات الآلاف منهم، وإيقاف عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، وإيقاف عمليات التعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني والدستور والقانون السوري.

مقالات ذات صلة