تواصل حكومة نظام الأسد مساعيها للاستيلاء على المناطق التي هجرت أهلها منها عقب العمليات العسكرية في قلب العاصمة دمشق، بحجة إعادة تنظيمها العمراني من جديد زاعمة أنه سيتم تعويض أصحابها بالطرق القانونية.
وأعلنت حكومة نظام الأسد حسب مصادر إعلام موالية، عن الاستيلاء على منطقة “القابون الصناعي” بدمشق وأن تلك المنطقة باتت خاضعة للقانون رقم 10 لعام 2018.
ويرى حقوقيون أن القانون رقم 10 صُمم للاستيلاء على أملاك المهجرين واللاجئين، واستبدال الشعب الرافض للنظام بشعوب أخرى، مشيرين إلى أنها جريمة توطئة لجريمة التهجير القسري التي جرت بقرار من رأس النظام بشار الأسد، الذي صرّح بشكل علني أنه سعيد بالحرب لأنها جعلت المجتمع السوري متجانس، أي أن جميع الباقين هم تحت هيمنته، والمعارضين أصبحوا خارج سوريا ولن يسمح لهم بالعودة.
ونقلت صحيفة الوطن الموالية عن مدير التنظيم العمراني في محافظة دمشق “إبراهيم دياب”، ادعاءاته أنه “تم الانتهاء دراسة الجدوى الاقتصادية التي أجرتها الشركة العامة للدراسات الهندسية للمشروع 104 مدخل دمشق الشمالي الذي يتضمن مناطق تنظيم القابون الصناعي والزراعة الداخلية وجزءاً من منطقة تنظيم الزبلطاني c مرحلة A ومرحلة B”.
واعترف “دياب” بشكل صريح أنه ” وفق هذه الدراسة الأمور تتجه إلى تطبيق القانون 10 المعدل للمرسوم ،66 وهو الذي يعطي المواطنين الحرية في اختيار حصصهم السهمية بين البناء السكني والتجاري، وهناك عزم على إعطاء أصحاب الحقوق من 1.5 إلى 2 مما كانوا يملكون قبل التطبيق بمعنى أن يكون ضعف الملكية السابقة سهميا، وهذا أفضل بكثير من تطبيق المرسوم التنظيمي 23 الذي يحدد التوزيع الإجباري لحقوق المالكين، على حد زعمه.
ولم يكتف “دياب” بذلك بل أوضح أن ” حكومة النظام سوف تبدأ بعمليات التوزيع فور وصول نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية إلى المحافظة والتي لن تتأخر”،مضيفا أن “القابون الصناعي لا يحتاج إلى إخلاء لأن المنطقة خالية وبالتالي التنفيذ سيكون مباشرة، ومعها يتم توزيع الأسهم على المستحقين حسب رغبتهم”، وفق صحيفة الوطن.
وتعليقاً على ذلك قال الصحفي والخبير الاقتصادي،”سمير طويل”، إن “النظام يحاول منذ عامين ومنذ إصدار القانون رقم 10 الاستيلاء على بعض المناطق القريبة من دمشق والقريبة من حمص، وبالتزامن مع الإعلان عن بدء تنفيذ القانون رقم 10 بمناطق مختلفة من دمشق كحي القدم وحرستا والقابون أيضا بدأ بتنفيذ القانون رقم 10 بمدينة حمص بهدف الاستيلاء، وهو قانون شرّع للنظام الاستيلاء على العقارات والمناطق الصناعية والأراضي والمقاسم، والهدف الرئيس من هذا القانون الاستيلاء على عقارات الأشخاص الذين من الصعب أن يتواجدوا بسوريا”.
وأضاف “طويل”، أن “النظام يحاول أن يفعل كما فعل سابقا قبل عام 2011 بسنوات، عندما استولى على منطقة كفرسوسة وقتها بموجب القانون رقم 66، ولم تنصف حينها التعويضات المواطنين والذين تضرروا بشكل كبير خاصة أن الجهة المقابلة لهم هي حكومة النظام”.
وادعت حكومة نظام الأسد أن ” جميع الدراسات التخطيطية والتنظيمية، وتم إعلان المصور للجمهور للاعتراض وقدمت الاعتراضات، وتمت دراستها من اللجان المختصة في هذا الموضوع، وتم إقرار تعديل الصفة العمرانية للمنطقتين العقاريتين القابون وحرستا، وقريبا مناطق أخرى”.
وأشار “طويل” إلى أننا “نتحدث اليوم عن 3 مناطق تنظيمية دخلت حيز التنفيذ بدمشق ومن ثم حمص، وغالبية تلك الأحياء ثائرة على النظام الذي قام بتهجير أهلها، ومن ثم يقوم بإعادة الترتيب الديمغرافي عبر هذا القانون”.
أمّا فيما يتعلق بمنطقة القابون رأى طويل أن “النظام يهدف لإعادة هيكلة المنطقة تنظيميا وبالتالي سيستفيد من مساحات الأراضي والمصانع لبناء تجمعات سكنية وتجارية، ومن ثم يقوم ببيعها الى مستثمرين سواء إيرانيين وروس إضافة لرجال اعمال مقربين من النظام، وسيتم تعويض من يتواجد من الملاك الأصليين بمبالغ قد لاتفي بالغرض أو بقيمة العقار لو تم بيعه بالحالة الطبيعية”.
وأوضح أنه “تم وضع خطة للعديد من المناطق التنظيمية و ابتدأت منذ العام 2018 ومن المحتمل ألا تنتهي عام 2023، فأغلب المناطق العشوائية ومنها القابون الصناعية سيعيد تشكيلها بطريقة تتناسب مع خطة النظام بإعادة التغيير الديمغرافي لهذه المناطق، نتيجة أن هذه المناطق كانت ثائرة ضده وهو الأن يريد إعادة هيكلتها بطريقة تناسبه”.
ولفت الانتباه، إلى أن “النظام بدأ بمرحلة إعادة الترميم بشكل قليل، والمستثمرون الكبار سيد خلون الآن لنيل حصتهم بعد السيطرة والاستيلاء على تلك المناطق من قبل النظام من بوابة العقارات والاستثمار العقاري، علما أن النظام كان يفكر بالاستيلاء على تلك المناطق حتى قبل عام 2011، لكن ظروف التهجير والتهديم التي مارسها خلال كل تلك السنوات أتاحت له الفرصة لأن يسيطر عليها بشكل أكبر”.
وحسب رواية حكومة نظام الأسد فإن المشروع الجديد لمنطقة القابون سيتم من خلاله تحويلها إلى مقاسم سكنية وتعليمية وخدمية وترفيهية وطبية، زاعمة أن ” أكثر من 55% من مقاسم المشروع هي سكنية و36 % هي مقاسم للمشاريع الاستثمارية، وأن هناك أكثر من 12% من المقاسم للخدمات التربوية والتعليمية، ما يعني أن هناك تكاملاً في هذا المشروع الذي سيشكل أحد النماذج العمرانية في دمشق”، على حد وصفها.