تصريحات مدوية أدلى بها وزير دفاع نظام الأسد العماد “علي أيوب” خلال الزيارة التي أجراها مع مسؤولي النظام إلى طهران، لتقديم ما أسموه واجب العزاء بمقتل قائد ميليشيا فيلق القدس “قاسم سليماني”، حول مشاركة الميليشيات الإيرانية في قمع الثورة منذ العام 2011.
ووصف كثيرون تلك التصريحات بأنها اعترافات صريحة بالدور الذي لعبته ولا تزال الميليشيات الإيرانية في دعم نظام الأسد والقتال إلى جانب قواته ضد السوريين الذين ثاروا عليه قبل تسعة أعوام.
وفي مقطع فيديو نشرته قناة “روسيا اليوم” على اليوتيوب، ظهر فيه “أيوب” وهو جالس أمام مجموعة من الضباط الإيرانيين ومن بينهم وزير الدفاع الإيراني وهو يعترف قائلاً: “تعرفت على قاسم سليماني في العام 2011، وكانت أول معركة خضناها وخططنا لها في العام 2011 في مدينة حمص وتحديداً في حي باباعمرو”.
وتعليقاً على تلك الاعترافات من وزير دفاع النظام، قال الباحث السياسي والتاريخي “عمر آل حسون”، إن “تصريح وزير الدفاع السوري في ذلك الوقت لم يكن عن عبث وربما كان متأخراً في الإدلاء بهذا التصريح، فتدخل إيران في سوريا لم يكن حديث عهد وخصوصا التحالف السري الذي جمع بين نظام حافظ الأسد و نظام ملالي طهران، وخصوصا عندما تم الاتفاق بينهما وبين إسرائيل على القضاء على القوات الفلسطينية في جنوب لبنان، والتي كانت تتخذه نقطة لانطلاق عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وقامت حركة أمل وبدعم من الجيش السوري بارتكاب المجازر بحق الفلسطيني في مخيمي صبرا وشاتيلا”.
وأضاف “آل حسون” في حديثه لـ SY24، أنه “بعدها كان هناك دور لملالي إيران في اختراق النسيج السوري ثقافيا عبر ممثليات إيران الثقافية في سوريا وبعلم من النظام السوري الذي حاول طيلة ثلاثة عقود تلميع إيران دينيا وثقافيا وعروبيا رغم تجاهل الكثير من السوريين لأصول رأس النظام السوري، الذي اعترف به جميل الأسد للرئيس العراقي السابق جلال الطالباني عن أصولهم الإيرانية الكاكائية المذهب، التي لم ينفها نظام الأسد لليوم”.
وتابع “آل حسون”، قائلاً: إن “تصريح وزير الدفاع السوري الجديد بتعرفه على قاسم سليماني في معركة بابا عمرو، جاء كما ذكر الوزير معبراً عن شخصيته متناسياً أن إيران منذ أول يوم دخلت على خط وأد الثورة السورية إلى جانب النظام السوري وقد قالها المقدم حسين هرموش رحمه الله الذي انشق عن الجيش النظامي بعدما رأى تدخل القوات الإيرانية بشكل صريح ضد الثورة السورية: لقد دخل سليماني الرجل الثاني في إيران على خط القتال ضد الجيش الحر كونه قائد ما يسمى الحرس الثوري الإيراني أو بفيلق القدس، الذي تبين لاحقاً أن هدفه إخماد كل ثورة تكون سبباً في الوصول إلى القدس أو تحريرها”.
وختم “آل حسون” بقوله: “لقد تمكن الجيش الحر من مسح الأرض بكرامة كل قوات إيران التي قاتلت إلى جانب النظام السوري، قبل أن تتدخل القوة التدميرية الروسية التي أحرقت الأخضر واليابس نصرة لنظام الأسد وحفظاً لماء وجه إيران التي مسح بكرامتها الارض مقاتلوا الجيش السوري الحر”.
وكانت قوات نظام الأسد بسطت سيطرتها على حي “بابا عمرو” في مدينة حمص، وذلك في الأول من آذار2012، عقب حملة قصف همجية وعمليات عسكرية استمرت لأشهر طويلة، ليتأكد اليوم وبلسان نظام الأسد التدخل الإيراني العسكري في تلك العمليات ضد هذه المناطق.
بدوره رأى الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام، النقيب “رشيد حوراني”، أن “ما كشفه وزير الدفاع ليس مفاجأة إنما هو تفاصيل هذا التدخل الذي أخذ بالظهور إلى العلن منذ العام 2005 ،وكانت إيران تضع المؤسسة العسكرية كواحدة من المؤسسات التي توليها الاهتمام، فمثلا قبل الثورة وزعت كتاب نهج البلاغة على فئة الضباط العاملين في وحدات الحرس الجمهوري، كما استقبلت مشفى الخميني الكائن في منطقة السيدة زينب بدمشق لعلاج المرضى من الوحدات العسكرية المتواجدة في محيط تواجد المشفى المذكور”.
ومع بدء الثورة مر تدخلها بمراحل ثلاث:
أ – مرحلة الدعم التقني والتدريب وتقديم المشورة
ب – مرحلة الدعم الإعلامي كغطاء على الحضور العسكري وتمتد هذه المرحلة خلال العام 2012م وتضمنت الحشد والتجييش وتبرير المواقف بقوة التي يمارسها “محور المقاومة والممانعة”
ج – الدعم العسكري العلني والحرب المقدسة بحجة حماية المراقد: وتمتد هذه المرحلة من بداية العام 2013م وحتى الآن”.
وأضاف “حوراني” في تصريحه لـ SY24، أنه “بالنسبة لما صرح به وزير الدفاع أنه تعرف على سليماني في 2011، هو صحيح إذا ما قارناه بالخطوة التي لجأت إليها وزارة الدفاع آنذاك وهي إيفاد مستشارين عسكريين في كافة التخصصات من إيران ليقوموا بتقديم الخبرة والمشورة لضباط النظام خاصة أن إيران مرت باحتجاجات شعبية في العام 2009، فمثلا تم إيفاد ضابط إيراني إلى الإدارة السياسية وحاضر بالضباط حول آليات الإعلام الحربي والتوجيه السياسي خلال المرحلة المقبلة مع إدراكهم توسع نطاق الثورة”.
يذكر أن عدداً من المنشقين عن جيش نظام الأسد تمركزوا حينها في حي “باباعمرو” والذي كان يعتبر نقطة استراتيجية يتمكنون من خلاله التوجه والنفاذ إلى عدد من المحاور كونه قريب من عدد من المناطق والأحياء داخل مدينة حمص، إلا أن الحي وبسبب الحملة الشرسة من قوات النظام وخاصة من “الفرقة الرابعة” شهد دماراً كبيراً وسقوط المئات من الضحايا المدنيين.