كشفت حكومة نظام الأسد أن ما أسمته “مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي” ستبدأ قريباً مع طهران، مشيرة إلى أن مذكرة تفاهم سيتم توقيعها لتوحيد المعايير والمقاييس لتسهيل دخول المنتجات والسلع بين طهران ودمشق وبالعكس، مشيرة إلى أنها ستكون مماثلة لما تم توقيعه بين طهران وبغداد.
وادعت حكومة النظام أن تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين يستوجب توسيع نطاق التعاون في مجال العلاقات الاقتصادية في مختلف المجالات، بما يسهم في انسياب البضائع للسوق السورية والإيرانية، على حد زعمها.
ويعتبر هذا التحرك الإيراني للتغلغل أكثر في السوق السورية والاقتصاد السوري هو الأول مع بداية العام 2020، وهو استكمالا لما سعت إليه في الأشهر الأخيرة من العام 2019 والذي شهد تحركا إيرانيا مكوكيا للتغلغل في المجتمع الاقتصادي والتجاري السوري.
في حين أرجع محللون اقتصاديون وحقوقيون ذلك التغلغل الحثيث إلى محاولة إيران استغلال انهيار ونزيف الليرة السورية الحاد أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار الذي وصل إلى أكثر من 1000 ليرة سورية بالنسبة لسعر الصرف، إضافة لاستغلالها تردي الاقتصاد السوري، لتحاول الترويج على أنها المخلص الذي ينتظره السوريون حسب تصورها.
وقال المستشار القانوني المحامي “عبد الناصر حوشان” لـ SY24، إن “العلاقات التجارية بين النظام السوري والنظام الايراني انتعشت لدرجة كبيرة حتى أضحت الأسواق السورية غارقة بالمنتجات الإيرانية، و قد قام الطرفين بالتوقيع على عدة اتفاقيات تجارية واقتصادية و مصرفية تضمن استمرار التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي بينهما، فكانت اتفاقية الخط الائتماني بينهما هو الذريعة الاقتصادية لقرصنة السوق السورية، التي بدأت بالمواد الغذائية ثم تطورت إلى مواد البناء والحديد والإسمنت وغيرها، ثم تجديد العمل باتفاقية توحيد المعايير والمواصفات القياسية في العام 2016، والتي تهدف إلى رفع الرقابة عن المنتجات الإيرانية والاكتفاء بشهادة المنشأ الصادرة عن إيران، مما يسهل دخولها عبر المعابر الحدودية وعدم إخضاع المنتجات إلى نظام الرقابة الصحية والمعايرة وأخذ العينات وطرق الفحص والاختبار”.
وتربط حكومة نظام الأسد بأوامر إيرانية بين عجلة الاقتصاد بينها وبين طهران وبين وإعادة الإعمار، إذ زعمت أن “تسهيل تصدير واستيراد السلع والبضائع الإيرانية وبالعكس من شأنه أن يقوم بدور محوري في إعادة الإعمار في سورية، ويعتبر حافزا لدفع خطوات التعاون الاقتصادي الثنائية”.
ولم تكتف حكومة الأسد بذلك، بل يبدو أن الضغوطات الإيرانية عليها بدأت تأخذ مفعولها من خلال رضوخ حكومة النظام لذلك من خلال إعطاء الأولوية في برنامج عملها للتعاون الاقتصادي والشراكة الإيرانية الفاعلة في المرحلة القادمة، وفي جميع قطاعات الإنتاج لتكون إيران شريكا أساسيا في عملية إعادة الإعمار، وفق ما نقلت عنها مصادر إعلامية موالية ومنها صحيفة “الوطن”.
ورغم أن حكومة الأسد تهلل وتطبل للتدخل الاقتصادي الإيراني متجاهلة تبعات ذلك كون “المطبخ الإيراني” لا ينتج إلا السموم، حسب مراقبين، إلا أن الحقوقي “حوشان” قلل من إيجابية هذا الأمر وحذر من أن السوق السورية سوف تغرق بالمنتجات الإيرانية المخالفة للمقاييس والمواصفات.
وقال “حوشان” إن “إنشاء مخابر مشتركة بين طهران ودمشق بدلاً من مخابر الحكومة السورية يفتح الباب إلى إغراق السوق السورية بالمنتجات المخالفة للمواصفات القياسية السورية، وبالتالي مخالفة المواصفات القياسية الدولية سواء لجهة الغش في الإنتاج أو مخالفة المنتجات للمعايير الصحية والتقنية، لا سيما وأن البضائع الإيرانية في سورية منذ بداية الاحداث يغلب عليها طابع الغش والفساد وعدم صلاحيتها من الناحية الصحية بالنسبة للمواد الغذائية، والتقنية بالنسبة لمواد البناء خاصة الأسمنت والحديد غير المقاوم للهزات الأرضية وغيرها من العوامل الطبيعية”.
ومن أجل امتصاص غضب الشارع الذي بدأ يبدي علامات الاستغراب من التغلغل الإيراني وكان هناك أصوات تتعالى من الموالين أنفسهم متسائلة حول التمدد الإيراني الذي بات يشمل كافة مفاصل الحياة، ادعت حكومة نظام الأسد أن “الأمر ليس بجديد على حكومتي البلدين، إذ تم التوقيع في العام 2006 على اتفاقية مدتها 5 سنوات، لكن الظروف في سورية حالت دون تمديد العمل بالمذكرة”.
كما ادعت أنه في العام 2016، تم التوقيع على ثلاث وثائق ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي لها، ومذكرة تفاهم للاعتراف المقابل بشهادات الجودة التي تصدر عن كلا الطرفين، وأن إيران أكدت أنها مستعدة للتعاون مع سورية وتقديم الدعم والمساعدة إلى هيئة المواصفات والمقاييس السورية في المنظمة الدولية للمعايير الدولية ومؤسسة المعايير الإسلامية وغيرها من الجهات الأخرى.