حذر مراقبون من خطورة ما تسعى إليه حكومة نظام الأسد في مناطق دمشق القديمة وخاصة في مناطق (ساروجة وشارع الملك فيصل والمناخلية والتضامن والميدان والمهاجرين وعش الورور وركن الدين)، بحجة أن الأبنية فيها آيلة للسقوط وهي قديمة جداً ومبنية من (اللبن والخشب)، ويجب تسوية وضعها بأسرع وقت ممكن (أي هدمها)، كونها تشكل خطراً على المواطنين.
وادعت حكومة النظام أنها رصدت منذ بداية العام الجاري أكثر من 30 حالة في دمشق القديمة، تعود لعقارات آيلة للسقوط، زاعمة أن العديد من الأحياء القديمة جداً في العاصمة دمشق تشهد ازدياداً ملحوظاً في عدد من الأبنية الآيلة للسقوط، موجهة الاتهام في الوقت ذاته لتلك الأبنية القديمة بأنها “مناطق مخالفات” ويجب معالجتها.
وحول ذلك قال الباحث الاقتصادي الدكتور “فادي الشامي” لـ SY24، والذي فضل عدم الكشف عن هويته بشكل صريح، إنه “يجب التفريق بين أمرين سواء في دمشق القديمة أو المنازل الآيلة للسقوط في منطقة عش الورور وغيرها”.
وأضاف “الشامي”: أنه “في دمشق القديمة التي هي عبارة عن بيوت فعلا قديمة ولكنها ليست آيلة للسقوط كما يذكر لأنها مبينة من الحجر وليس كما يقولون (من اللبن والخشب)”.
وتابع قائلاً: إن “الأمر الأهم هو أن هذه المنطقة ومنذ فترة قديمة حتى ما قبل الثورة السورية مستهدفة من الإيرانيين، وأنه منذ عام 1990 وحتى في عام 2002 كان هناك فكرة أن تقوم شركة إيرانية مدفوعة من جهات حكومية أو من جهات إيديولوجية بشراء البيوت القريبة من قبر الصحابي معاوية بن أبي سفيان (منطقة النقاشات في دمشق القديمة)، حتى تكون مطلة على القبر ومن بعدها تقوم بردمه كي ينسى الأهالي ما كان يوجد هنا، لكن ولولا تداعى عدد من مشايخ دمشق وقتها كان الأمر تم ونفذت الشركة مبتغاها”، مشيرا إلى اعتقاده بأنه “ربما يكون هناك اليوم من قام بشراء البيت المطل على القبر والله وحده يعلم ماذا حل به الآن”.
وأشار إلى أن “هناك أمر آخر حدث في أواخر عام 2018 وهو حادثة الماس الكهربائي في منطقة (المناخلية) وهي ليست بعيدة عن هذا الموضوع، حيث كان هناك اختلاق لأزمات وظروف لتنفيذ تلك الحوادث ضمن إطار المحاولات لإجبار الناس على بيع منازلها، وكان هناك محاولات للابتزاز من خلال الخطف والاعتقالات لإجبارهم على بيع منازلهم”.
وادعت حكومة نظام الأسد أيضاً أن هذه المناطق المذكورة عبارة عن مناطق مخالفات ليست مؤسسة ومبنية على البلوك، ومنها ما هو مبني على خط الانهدام، إضافة إلى وجود مبان ضمنها تجاريف، على حد زعمها.
وأكد “الشامي” أن “دمشق القديمة ليست آيلة للسقوط والقانون يمنع عمارة بيوت دمشق القديمة على أساس أنه تراث سواء داخل السور أو داخل دمشق القديمة، فكان الحل الأمثل هو هدمه أو حرقه من أجل تنفيذ المشروع الذي يسعون إليه، وذات الشيء لو ذهبنا إلى (مقام السيدة رقية) حيث أصبح هناك توسعة وتكبير للمكان رغما عن الجوار وبدعم من وزارة الثقافة التابعة لنظام الأسد”.
وجندت حكومة النظام عدد من المدنيين لخدمتها في رصد وتوثيق المنازل التي يجب هدمها بحجة أنها “آيلة للسقوط”، وذلك في عدد من أحياء دمشق القديمة، حسب ما ذكرت مصادر مطلعة فضلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية.
أما فيما يخص بـ “عش الورور”، فأوضح “الشامي”، أنها عبارة عن مستعمرات من أشخاص تم جلبهم من خارج دمشق ووضعوا في هذه الأماكن مثل “عش الورور، ومزة 86، وجبل الورد، ومساكن الشيباني، وبعض أجزاء من ضاحية صحنايا، وضاحية الأسد”، وضعت جميعها بشكل مقصود حول دمشق.
وأضاف أن “البيوت في تلك المناطق كلها مخالفة للسكن وفيها مخالفات عديدة وأصلا وجودها خاطئ، والآن يريدون هدمها وبناء عمارات جديدة مكانها وهذا يتبع لاتفاق المدن الأربع (مضايا الزبداني كفريا والفوعة)”.
وليس بعيد عنها مدينة داريا التي لم يعد سكانها إليها حتى اليوم وهناك شركات إيرانية تقوم ببناء مساكن في داريا ودوما وبعض الأماكن، وهناك مساعي لتوسعة مقام “الست سكينة” من أجل أن يكون مزار لهم.، حسب “الشامي.
ولفت “الشامي”، إلى أنه “في دوما هناك جامع أبو الرهج وجامع الشيخ علي وهم مسجدين لا علاقة لهم بالشيعة وهم لسكان دوما، ولكن الإيرانيين ينون تحويلهم إلى مقامات من أجل جلب الزيارات الشيعية المدعومة وكل ذلك يدل على عملية تغيير ديمغرافي قادمة للمنطقة وبمساعدة أبناء البلد للأسف”.
يشار إلى أن دوائر الخدمات التابعة للنظام في محافظة دمشق، بدأت بالفعل بمخططها وكانت محطتها الأولى من “حارة الشرف” في شارع الملك فيصل بمحاذاة سور دمشق القديمة، إذ هدمت منزلا قديما بحجة أنه “آيل للسقوط”، وأنه مبني من “اللبن والطين”، كما قامت بهدم “غرفة” في ” حي الشيخ خالد” بمنطقة ركن الدين، بحجة أنها مبنية على الأملاك العامة، في حين حذر مراقبون ومحللون اقتصاديون من خطورة تلك الخطوة وهدم المعالم التراثية القديمة بحجة أنها تشكل خطرا على المواطنين والأملاك العامة، مؤكدين أن هناك أياد إيرانية تقف خلف هذه المخططات التي تطال دمشق القديمة.