اعترف النظام السوري بانتشار ظاهرة التسول في مناطق سيطرته، مدعيا أنه ألقى القبض على 500 متسول وتم إحالتهم إلى القضاء، متجاهلا في الوقت ذاته الأسباب التي تدفع بهم للتسول، وأهمها تردي الواقع المعيشي الاقتصادي، وعجز حكومة النظام عن إيجاد الحلول.
وقال مدير الشؤون الاجتماعية والعمل التابع للنظام “محمود الدمراني”، إنه تم مؤخرا توقيف 500 متسول وإحالتهم إلى القضاء المختص، وأنه يجري العمل حاليا وبالتعاون مع وزارة الداخلية على مكافحة الاتجار بالأشخاص، ومعالجة ملف التسوّل، وملاحقة مشغّلي الأطفال، والعمل على إيجاد آلية لتطبيق القوانين النافذة.
وكشف المصدر ذاته أن مكتب مكافحة التسول لديهم يضبط يوميا عدد كبير من المتسولين والمشردين، وجميعهم تتم إحالتهم إلى القضاء، وغالبا عندما يخلى سبيلهم بعد يومين من اعتقالهم يعودون للتسول.
وذكر “الدمراني” أيضا أنه يجري العمل على إحداث مكاتب لمكافحة التسول في كل المحافظات، داعيا الجمعيات الأهلية لتحمل مسؤولياتها ومتابعة وضع حالات التسول والتشرد والإبلاغ عنها، مشيرا إلى التنسيق مع وزارة الداخلية لزيادة الغرامة على من يمتهن التسول أو يجبر الأطفال على ذلك.
ولم يتطرق المسؤول في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، إلى الأسباب والدوافع التي تدفع بالمواطنين للتسول أو الدفع بأبنائهم إلى الشوارع لامتهان هذا الأمر، مكتفيا بالتهديد والوعيد بإلقاء القبض عليهم وزجهم في المعتقلات.
يشار إلى أن ظاهرة “التسول” بدت واضحة في بلدة “جديدة عرطوز الفضل” بريف دمشق الغربي، عندما فرض النظام عليها في 11 تموز الماضي، حجرا صحيا خانقا بحجة انتشار كورونا.
واعترفت وسائل إعلام النظام حينها بذلك، وضربت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام أمثلة عن الأوضاع السيئة في البلدة، مشيرة إلى رؤية شاب يعرض مروحة كهربائية للبيع ليشتري طعاما لأسرته، إضافة لرجل يعرض دوره بتبديل أسطوانة الغاز للبيع ليشتري طعاما لأسرته، كما لفتت الانتباه إلى انتشار حالات التسول بين الأطفال وطرق الأبواب من أجل الحصول على طعام لذويهم.
ومطلع أيلول الجاري، دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر محذرة من أن أكثر من مليوني شخص في سوريا مهددون بالجوع والفقر، في حال لم يتم تقديم المساعدات العاجلة لهم.
وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في بيان من أن “2.2 مليون شخص إضافي في سوريا قد ينزلقون نحو الجوع والفقر في حال لم يتم تقديم مساعدة عاجلة لهم”.
وأشار البرنامج الأممي إلى أن الأمور تتجه نحو تسجيل رقم قياسي جديد في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها سوريا، والتي تسببت في ارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية، إضافة لعدم استقرار سعر صرف الليرة السورية وانهيارها في كثير من الأحيان أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار.
وفي 27 أيار الماضي، أعلن “المكتب المركزي للإحصاء” التابع للنظام ، أن 80% من السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
وأكد المصدر ذاته أن “أكثر من 2.66 مليون عامل الذي يتقاضون أجراً أقل من 65 ألف ليرة سورية شهريا و يعيلون حوالي 13.3 مليون شخص من إجمالي عدد السكان المقدر بـ 16.8 مليون نسمة، وهو أقل من 82 ألف ليرة سورية شهريا، المحسوبة عند خط الفقر المدقع لأسرة مكونة من خمسة أشخاص وفقاً لسعر الصرف الرسمي.