حذر “معهد دراسات الحرب” الأمريكي، من أن الهجوم على منطقة إدلب من قبل النظام السوري قد بات وشيكا، موضحا عددا من النقاط والمؤشرات على ذلك، في حين رجح محللون أتراك أن تتجه الأمور نحو التصعيد في تلك المنطقة.
وذكر المعهد في دراسة جديدة وموسعة له، أنه “يوجد احتمال بأن تركيا قد وافقت على التنازل عن السيطرة على مناطق في جنوب إدلب للقوات الموالية للأسد في اجتماع مع روسيا في 16 أيلول/سبتمبر 2020، وإذا كانت المعلومات عن اتفاق كهذا صحيحة، فمن المحتمل أن يكون هجوم الأسد على إدلب وشيكًا”.
وأشار المعهد إلى أن “المنطقة التي من المرجح أن تركيا تنازلت عنها هي المنطقة الواقعة جنوب الطريق السريع M4، وهي ذات المنطقة التي وافقت تركيا على السماح بمرور دوريات روسية فيها في آذار/مارس 2020، مع الاحتفاظ بقواتها فيها أيضاً، ومن ضمنها وحدات المدفعية، مما حال دون سيطرة النظام بالكامل على المنطقة”.
ولفت المعهد إلى أن “انسحاب القوات التركية المتفاوض عليه من إدلب، -في حال حدوثه-، سيمثل إعادة نظر في اتفاقية خفض التصعيد التي وقعتها روسيا وتركيا في 5 آذار/مارس 2020، وهذا يؤشر إلى هجوم جديد وشيك للنظام على مناطق المعارضة”.
ورأى المعهد في تقريره أن “الموقع الأكثر احتمالاً للهجوم المحتمل لقوات النظام هو منطقتي “سهل الغاب” و “جبل الزاوية” جنوب الطريق السريع M4، حيث ركزت القوات الموالية للنظام غاراتها الجوية والقصف وهجمات الخطوط الأمامية على هاتين المنطقتين”.
وتزامن صدور الدراسة الخاصة بالمعهد الأمريكي، مع تصعيد عسكري من قوات النظام وسلاح الجو الروسي، الذي أغار، أمس، على عدة مواقع بريف إدلب، في خرق واضح للاتفاقيات مع الجانب التركي.
وسبق تلك الأحداث تطورات متلاحقة على صعيد الاجتماعات التي عقدها وفد روسي مع المسؤولين الأتراك، الأسبوع الماضي، في أنقرة والتي أشارت مصادر متعددة إلى أنها لم تفض إلى أي تفاهم بين الطرفين بخصوص ملف إدلب.
وفي هذا الصدد قال الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية “طه عودة أوغلو” لـSY24، إنه “بعد التلميحات التركية على لسان عميد الدبلوماسية التركية مولود تشاووش أوغلو عقب انتهاء المفاوضات التركية الروسية في أنقرة الأسبوع الماضي، بأنه وفي ظل استمرار الخروقات في منطقة إدلب فإن العملية السياسية بحكم المنتهية، ودعوته إلى التركيز على المحادثات السياسية بين أنقرة وموسكو، إلا أن التطورات على الأرض تشير إلى أن الروس يرغبون باستعادة السيطرة على الطريق الدولي M4، خاصة مع زيادة حاجة النظام السوري للسيطرة عليه في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا”.
ورأى أنه “وفي ظل اتساع فجوة الخلافات بين الأتراك والروس يمكن القول بأن الأمور قد تتدحرج إلى تصعيد وشيك في حال فشلت المباحثات بين الطرفين خلال الأيام القادمة”.
وأشار إلى أنه “في المقابل دفعت أنقرة خلال الساعات الماضية بتعزيزات عسكرية إلى إدلب وشمال حلب، في رسالة واضحة للروس وأعوانهم بأن أنقرة مستعدة لكافة الاحتمالات”.
من جهته قال المحلل السياسي التركي “مهند حافظ أوغلو” لـSY24، إنه “لا يستبعد في أي حال من الأحوال أن يكون هناك هجوم لقوات النظام أو العناصر التابعة لإيران أو حتى القوات الروسية على إدلب”.
وأضاف أن “الجميع يدرك الارتباط ما بين عدة ملفات مشتركة بين تركيا وروسيا، إذ تضغط روسيا على تركيا لتكب في ملف آخر وهذا تكتيك تستخدمه دوما، ولكن تركيا لن تسمح بأن يكون وقف إطلاق النار معرضا لأي انهيار، فالتعزيزات التي رأيناها في اليومين الماضيين والتي أرسلتها تركيا إلى إدلب تدل على أن تركيا لن تقبل بأي تسليم لمناطق الـ ولا في محيطها”.
وأكد “حافظ أوغلو” أن “تركيا متمسكة بوقف إطلاق النار وجعله مستداما وفي إطار اتفاقيات سوتشي ولن تقبل بأي عمل عسكري مجددا هناك، وإن قامت روسيا بذلك فإن الرد سيكون عمليا وعسكريا، فلا يظن أحد أن انشغال تركيا بملف شرقي المتوسط قد يشغلها عن الملف السوري، بل على العكس لأن الملف السوري في بؤرة الحداث بالنسبة للأمن القومي التركي الذي هو على المحك بسبب الترابط الجغرافي والحدود البرية الطويلة”.
وأشار إلى أن “روسيا لن تقبل بأن يكون هناك انهيار وقف إطلاق النار، لأنها سوف تفتح عليها جبهات هي بغنى عنها، كجبهات خسارة صفقات عسكرية تقوم بها تركيا من روسيا، إضافة للضغط على روسيا في ملفات مثل ليبيا بشكل خاص، وأيضا نقل الغاز الروسي عبرها إلى أوروبا، وبالتالي كثير من الملفات بحاجة روسيا فيها إلى تركيا، وهي لن تعرض مصالحها للخطر لأجل عيون الأسد والإيرانيين”.
وشهدت منطقة إدلب خلال الأيام القليلة الماضية، إرسال الجيش التركي أرتالا عسكرية ضخمة إلى منطقة إدلب، وفق ما أكدت مصادر ميدانية ومحلية.
يذكر أنه في 5 آذار الماضي، توصلت روسيا وتركيا إلى اتفاق يقضي بوقف لإطلاق النار في إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي “حلب اللاذقية” أو ما يعرف بطريق الـM4 .