“الأقبية والملاجئ”.. قبور المحاصرين في الغوطة الشرقية

Facebook
WhatsApp
Telegram
"الأقبية والملاجئ".. قبور المحاصرين في الغوطة الشرقية

أحمد زكريا – SY24

يقبعُ عدد من المدنيين المحاصرين في عموم الغوطة الشرقية والتي تأوي نحو 400 ألف مدني، منذ أكثر من عشرين يومًا، في ملاجئ غير مجهزة في حين يقبع البعض الآخر في أقبية تفتقر لأدنى مقومات الحياة المعيشية والإنسانية.

ووصفت مصادر محلية من داخل الغوطة الشرقية “الأقبية” بأنها أشبه بالقبور، وذهب بعضهم لوصفها بأنها أسوأ من ذلك والوضع بداخلها لا يسرّ عدواً ولا صديق، مشيرين في الوقت ذاته بأن الوضع الإنساني بداخلها لا يمكن توصيفه أبدًا.

وبيّن “حسام البيروتي” رئيس المجلس المحلي لمدينة حرستا، في حديثه لـ SY24، بأن: “الملجأ هو عبارة عن قبو غير صحي وغير مجهز للحياة على الاطلاق، مضيفًا أن نسبة الرطوبة عالية بداخلها كونها لا ترى نور الشمس مما يجعل القاطن فيها عرضة للأمراض والآفات”.

ويتواجد في داخل “القبو” الواحد بحسب تقديرات “البيروتي” نحو عشر عائلات على الأقل أي ما يقارب من 40 نسمة، ثلاثة أرباعهم نساء وأطفال، مشيرًا إلى أنه ليس هناك إحصائية دقيقة لأعداد الأقبية، ولكن عدد الأقبية لا يتناسب بشكل طبيعي مع عدد السكان ولا تعتبر آمنة كفاية، على حد تعبيره.

ويعاني قاطنو تلك الأقبية التي لا ترقى لمستوى أن تكون بمثابة ملجأ مجهز، من انتشار الروائح السيئة وعدم القدرة على الحصول على الخصوصيات بين أفراد العائلة الواحدة، ناهيك عن التعرض الشديد للبرد، وفق ما تحدث به “البيروتي”.

وأكد رئيس المجلس المحلي لمدينة حرستا، أنهم يحاولون قدر الإمكان تقديم الخدمات الأساسية من طعام ومياه، يضاف إلى ذلك تعبئة المياه الصالحة للشرب وإفراغ المياه المالحة، مبينًا أن هذا الأمر يتم بالحدود الوسطى وإن التأخر بالقيام بإفراغ المياه المالحة ساعة واحدة قد يؤدي إلى كوارث صحية.

ولفت “البيروتي” إلى معاناة أخرى تواجه قاطني تلك الأقبية، وهو تسرب الغبار والدخان إليها أثناء القصف مما يؤدي إلى ذعر ورعب هائلين بين النساء والأطفال، وهذا الأمر يؤدي أيضا إلى أضرار صحية أبرزها تخرش في الصدر وأحيانا الاختناق.

وتحدث المصدر ذاته عن الصعوبات التي تواجه عملهم خلال محاولتهم تخديم المدنيين المحاصرين في الأقبية قائلًا: “دائما نحاول القيام على خدمة الناس ولكن هذا النظام يحاربنا بحياتنا وراحتنا ويقصفنا لمدة 24 ساعة يوميًا، بحيث يمنعنا من التحرك بأي طريقة ناهيك عن حصارنا ومنع إدخال أي شيء لمدينتنا”.

من جهته قال “خليل عيبور” عضو مجلس محافظة ريف دمشق لـ SY24: إن “الأقبية لا ترقى لمستوى أن تكون ملاجئ، وهناك بعض الملاجئ في مدينة دوما بالأصل هي ملجأ ولها مواصفات هندسية، في حين أن باقي مدينة دوما ينتشر فيها الأقبية التي هي عبارة عن بناء من البيتون وأرضيتها من تراب، وهي غير مخدمه بأي نوع من الخدمات لترقى لمستوى الملجأ”.

وأضاف “عيبور” أنه يوجد في مدينة دوما لوحدها ما يزيد عن 1200 قبو، وأن العدد في ازدياد كون غالبية السكان بدأوا بحفر الأقبية تحت منازلهم التي بالأصل لا يوجد فيها “قبو” مسبقًا.

ولا تتسع الأقبية الموجودة في مدينة دوما لأكثر من 150 شخص يقبعون ضمن مساحة لا تزيد عن 300 متر، بحسب “عيبور” الذي أوضح أن تلك المساحة صغيرة جدًا أمام العدد الكبير من العائلات المحاصرة بداخل كل قبو من تلك الأقبية.

تصور أن مدينة كاملة تعيش ضمن الأقبية هناك أقبية فيها مئات العائلات

بدوره أكد “أبو حذيفة خيتي” مدير الهيئة العامة لتنسيق العمل الإغاثي في الغوطة الشرقية، أنه وبحكم عمله في المجال الإغاثي وبصفته ممثلًا للجنة الطوارئ، فإنه قام بزيارة عدد كبير من الأقبية والملاجئ في المدينة، وقال: “تصور أن مدينة كاملة تعيش ضمن الأقبية هناك أقبية فيها مئات العائلات”.

وعن دورهم في تقديم ما يلزم إغاثيًا للسكان المحاصرين داخل الأقبية قال “خيتي”: “نحن ضمن لجنة الطوارئ قمنا بتخديم هذه الأقبية من الطعام والخبز والإنارة والصرف الصحي وسلالًا صحية وحرامات، وهناك أناس خرجت من منازلها المدمرة دون أن تخرج منه شيء، ولكن الحاجة أكبر بكثير من إمكانيات المؤسسات” مضيفًا أن “هناك أقبية تعيش الناس فيها بحالة صعبة ويحاولون تحسين وضعها”.

ويرى “خيتي” أن تخديم المدنيين لا يكون بشكل يومي خاصة بالنسبة للطعام والخبز، مرجعًا السبب إلى كثرة العائلات الموجودة داخل الأقبية.

وأضاف: “نحاول جهدنا كلجنة طوارئ بمساعدة المنظمات والمؤسسات والجمعيات الإغاثية رفع بعض المعاناة عن أهلنا الموجودين ضمن هذه الأقبية، إلا أننا بصراحة نعيش حالة إنسانية صعبة جداً، ونخاف من الأمراض المعدية كالقمل والجرب وغيرها نتيجة قلة النظافة بسبب وجود الناس داخل الأقبية”.

وتشهد الغوطة الشرقية حملة عسكرية هي الأعنف، تشنها قوات النظام والميلشيات الإيرانية المساندة لها والمدعومة جميعها بغطاء جوي روسي، في سعي منها للسيطرة عليها وتفريغها من سكانها بعد فرضها حصارًا خانقًا عليها منذ نحو خمس سنوات.

مقالات ذات صلة