كشف ناشطون وعدة مصادر متطابقة، عن تأجيل مؤتمر اللاجئين الذي تعتزم روسيا بالتنسيق مع حكومة النظام السوري عقده في العاصمة دمشق مطلع شهر تشرين الثاني القادم، وذلك بسبب امتناع عدد من الدول والمنظمات الدولية عن المشاركة فيه، في حين انتقدت مصادر موالية للنظام عقد هذا المؤتمر في ظل الأزمات التي يعانيها المواطن السوري.
وذكرت مصادر مطلعة أنه تم تأجيل عقد المؤتمر إلى ما بعد مباشرة الرئيس الأمريكي الجديد بعد 20 كانون الثاني 2021 وأنه سيعقد خارج سوريا في عاصمة أخرى قد تكون عاصمة كازاخستان، نور سلطان (أستانا)، أو موسكو، لتوفير أوسع مشاركة ممكنة، وتفادياً لمقاطعة العديد من الدول المتحفظة أو الممتنعة عن زيارة دمشق حتى اليوم.
والجمعة الماضية، أكدت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن حكومة النظام ستعقد مؤتمراً دولياً للترويج لعودة اللاجئين، تشارك في تنظيمه روسيا، في دمشق في 11 و12 تشرين الثاني القادم، معربةً عن أملها في أن يساهم المجتمع الدولي في حل هذه القضية الإنسانية.
وتعليقا على ذلك قال المحلل السياسي “عمر حسون الهاشمي” لـSY24، إن “العالم والمجتمع الدولي وبالأخص الدول الكبرى المعروف عنها بدعمها للإعمار في دول الحروب والزلازل، أبلغوا روسيا منذ أول يوم تدخلت فيه في سوريا بعدم مشاركتهم بالإعمار مالم يتم الحل السياسي الذي يرونه مناسبا للتدخل في إعمار سوريا، ورغم كل محاولات روسيا إلا أنها لن تفلح مالم يكون هناك حل سياسي يريده الغرب وحسب هواهم”.
بدورها انتقدت مصادر موالية للنظام “مؤتمر اللاجئين” الذي تسعى لعقده روسيا، مشيرة إلى أن الإعلان عن هذا المؤتمر لا يتجاوز كونه خبطة إعلامية تشبه مؤتمر الحوار، فالسياسة الروسية المتأزمة تقوم على مبدأ إثارة الانتباه كطريقة للتذكير بالوجود ولكن بدون أرضية حقيقية لصناعة الحل.
وأضافت المصادر الموالية أنه “لا يمكن لبلد يعاني من تأمين الخبز ويسعى أغلب سكانه للهجرة أن يتحدث عن عناوين كبرى مثل عودة اللاجئين، فالتعاطي الفج والمتسرع مع هذه القضايا وطرحها في توقيتات غير مناسبة هو تخريب لها وخسارة لممكنات نجاحها في المستقبل، فكما خسرنا القيمة المضافة لمفهوم الحوار الوطني في مسرحية سوتشي سنخسر أيضا إمكانية جذب السوريين للعودة والعمل في وطنهم وتحقيق استقراره وتنميته”.
وأكدت المصادر ذاتها أن “الأولوية اليوم وقبل أي شيء هي لتثبيت الموجودين في سوريا، وتعزيز ممكنات استقرارهم والسعي لصناعة أمل بالحياة عبر نموذج حضاري يجذب الموجودين في الخارج وفي مناطق السيطرة الأخرى”.
وأشارت إلى أن “لم شمل السوريين يبنى على مشاركتهم في قرارات حياتهم، وتعزيز قدرة المحليات على تحقيق الأمان الاقتصادي والاجتماعي، ومد جسور التواصل والمصالح بين السوريين في كل مكان وليس على مسرحيات إعلامية هدفها المكاسب السياسية الآنية”، حسب تعبيرها.
ولفتت إلى أنه “بين أجندات الغرب المانعة لعودة اللاجئين تحت شعارات الخوف الأمني لتعطيل التعافي، وبين تسرع الروس لعودة بشر قد لا يجدون قوت يومهم بهدف طرح عناوين سياسية لمجرد مناكفة الغرب، تضيع مصالح السوريين ويتم تدمير كل آمال تطوير مسارات (سورية- سورية) تساعد ولو قليلا في تعزيز مقومات الحياة”.
وقللت مصادر موالية أخرى من أهمية تلك الدعوة لعقد “مؤتمر اللاجئين”، مؤكدة بالقول إن “من بقي فعلا يبحث عن طريقة للهجرة فكيف من هم بالخارج سيعودون؟”.
يشار إلى أن وزير خارجية النظام “وليد المعلم”، استعرض، الأحد، مع المبعوث الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون” الذي أجرى زيارة إلى دمشق لبحث ملف “اللجنة الدستورية”، تفاصيل “مؤتمر اللاجئين”، منتقدا ما أسماه “الدور الغربي في وضع شروط واختلاق حجج واهية لعرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، ما يؤكد تسييسهم لهذا الملف الإنساني البحت واستخدامه كورقة في تنفيذ أجنداتهم السياسية”، على حد زعمه.
ومطلع شهر تشرين الأول الجاري، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر 11 مليون شخص في سوريا يحتاجون للمساعدة الإنسانية، وأن 9.3 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي هناك، معربة في الوقت ذاته عن قلقها من تداعيات الانكماش الاقتصادي المتواصل في سوريا.
وفي 24 أيلول الماضي، أعلنت لجنة الأمم المتحدة “الإسكوا” عن حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها سوريا والمقدرة بأكثر من 442 مليار دولار أمريكي، وذلك خلال الفترة الممتدة من العام 2011 وحتى العام 2019، واصفة تلك الخسائر بـ “لفادحة”.
وفي أيار الماضي، ذكر “المكتب المركزي للإحصاء” التابع للنظام السوري، أن 80% من السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر المدقع.