مذكرات مُنعت من النشر.. كيف قطع “مرتزقة فاغنر” الرؤوس ونهبوا الآثار السورية؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – SY24

يروي المقاتل الروسي السابق في شركة “فاغنر” للمرتزقة “مارات جابيدولين” تفاصيل دخول القوات الروسية إلى سوريا في سلسلة مذكراته التي مُنعت من النشر في موسكو، وكشفت شبكة “ميدوزا” الإعلامية الروسية عن جزء صغير منها.

انضم جابيدولين إلى مجموعة “فاغنر” في بداية أبريل (نيسان) 2015. وبعد مرور أسابيع قليلة تم إرساله إلى سوريا ليتنقل في المناصب داخل الجيش من “جندي إلى “قائد سرية استطلاع” خلال نشاطه في هذا البلد قبل أن يعود مصاباً بجروح خطرة إلى سان بطرسبورغ للعلاج، مما دفعه لاحقاً إلى التفكير بنشر مذكراته عن الحرب السورية.

وعن انطباعه الأول أثناء التجهيز للسفر إلى سوريا، يقول: “أعجبني على الفور انفتاحهم ومباشرتهم. لم يخف أحد العواقب المحتملة – قالوا بصراحة: يا رفاق، أنتم متجهون إلى الحرب حيث توجد مصالح لدولتنا. استعد لحقيقة أنك ستواجه الموت هناك”.

بعد تعافيه من الإصابة، يقول جابيدولين الذي استخدم اسمه الحقيقي في مخالفة واضحة لكل تدابير السرية المفروضة على كل من يشارك في نشاط مجموعات “فاغنر”: “أردت أن أعيش بقية حياتي إلى أقصى حد. ونشأت حاجة أخرى علينا أن نقول للناس إن موضوع الشركات العسكرية الخاصة كان محاطاً بخداع كامل من جانب الجيش والسياسيين. العالم كله يعرف، وأنت تخفي الحقيقة عن شعبك”.

وأكد أن “الهدف الأول في سوريا كان استعادة السيطرة على حقول النفط”.

وقبل الدخول في التفاصيل المتعلقة بآلية إدارة المعارك في سوريا، قال الكاتب إنه أراد من خلال كتابه أن يطلع يفغيني بريغوجين ممول مجموعات المرتزقة على حقيقة ما يجري داخل هذه المجموعات، لعله يكون قادراً على إصلاحها”.

ويقول الكاتب في التقرير الذي نشرته الشبكة الإعلامية الروسية: “انطلق من حقيقة أنه لا يعرف حقاً الكثير من الأشياء التي كانت تحدث في سوريا. تهافت المقاتلون بقوة في عامي 2015 و2016 وكان هناك من يقوم بسرقة الأموال من بريغوجين، فقط هو لم يرغب في الاعتراف بذلك. بطريقة ما كان لديه قناعة شديدة أنه كان يعمل بشكل جيد. لكن الحقيقة أن كل ما يجري كان مجرد سرقة، كانوا يشترون معدات لا تعمل، ولم يخدعه فقط أمراء الحرب هناك (في سوريا) فقد خدعه أقرب مساعديه”.

وأشار جابيدولين إلى “دافع آخر” لوضع الكتاب، تمثل في الكشف عن أهوال ارتكبت في سوريا، وزاد في إشارة إلى بريغوجين: “دعه يدوس علي”، “الشيء الرئيسي بالنسبة لي هو أنه يعود إلى رشده، بحيث يدفعه الكتاب للإصلاح، لأنك لا تستطيع أن تنجرف في السرية: لماذا تغطي رأسك في كومة تراب بينما العالم كله يعرف؟ الآن، وبسبب بعض الحمقى الذين التقطوا مقاطع فيديو وهم يطرقون بمطرقة ثقيلة أجساد هاربين (من الخدمة العسكرية في الجيش السوري) ويقطعون رؤوسهم بات الجميع يظن أن الشركات الخاصة مجرد غيلان متعطشة للدماء”.

وكشف جابيدولين أن قائد المجموعات العسكرية الخاصة ديمتري أوتكين (الذي يحمل لقب فاغنر الذي انسحب على المجموعة كلها) هو الذي حثهم على القيام بذلك، من أجل ترهيب الفارين الآخرين المحتملين من جيش النظام السوري، وكما قيل لي، فقد أمر أيضاً بتصوير الفيديو ورفعه على الإنترنت حتى يتمكن كل عناصر جيش النظام من مشاهدتها”.

نهبنا الآثار السورية:

أشار المرتزق الروسي إلى عمليات نهب للآثار التي جرت بعد السيطرة على مدينة تدمر، وقال: في «تانكودروم» (قاعدة جوية) على سبيل المثال، كانت هناك أحجار قديمة أخذناها من تدمر – ومع ذلك، لم يكن هذا ذا طابع جماعي. ذات مرة كنت أشغل غرفة حيث وجدت قطعة عليها نقش بارز على رف. أعتقد أنها المنصة العلوية لأحد الأعمدة المتكسرة – وهناك تمت كتابة بعض العبارات.

وكشف جانباً من تفاصيل معركة تدمر الأولى: “بعد الاستيلاء الأول على تدمر، امتلأت المستشفيات في كل من حميميم وروسيا بجنودنا. سأل الأطباء: إذن من يقاتل، الجيش أم الشركات العسكرية الخاصة؟ اتخذت الجريمة أشكالاً من هذا القبيل حتى أننا حصلنا منذ بداية عام 2017 على أسلحة منخفضة الجودة. كان الأمر مثيراً للاشمئزاز تماماً، فأنت تعلم أن مواطنيك يخوضون معركة – لذا أمنحهم ما يحتاجون إليه حتى يظل المزيد من الرجال على قيد الحياة”.

وزاد أنه إذا لم تسيطر قوات فاغنر على الممر بالقرب من تدمر ولم تدخل المطار المحلي، لكان من المستحيل على النظام السوري والقوات الروسية الداعمة له الاستيلاء على المدينة. وفي أحد المواقع وصف الجيش السوري بأنه مؤسسة مترهلة وليست قادرة على شيء”.

وتطرق إلى إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا، موضحاً أنه في وقت لاحق، في عام 2019. تم تسلم أمر بإرسال السوريين من سربنا من (صيادي داعش)، إلى ليبيا على وجه السرعة، عندما وصلوا إلى هناك، جاءت مكالمة من الرائد: “اسمع، ولكن أولئك الذين أرسلتهم، هل يمكن استخدامهم كمفجرين انتحاريين؟ وأعرب عن دهشة بسبب السؤال.

وفي توضيح لدور صيادي داعش، قال المقاتل السابق إن “هذه كتيبة مجندة بالكامل من السوريين، في 2018 وأوائل 2019 عملت مستشاراً لهذه الكتيبة ودربتها. قبل ذلك تظاهر الصيادون بأنهم منخرطون في اشتباكات حقيقية: تم الترويج لـ (مزاياهم) القتالية على (تويتر). لكن في الواقع كانت تلك دعايات إعلامية فقط، وتم تصويرهم في الأماكن التي سيطرنا عليها للتو بالفيديو والصور، التي ظهرت بعد ذلك على الشبكات الاجتماعية”. كان الهدف أن يظهر للعالم أن «بعض الوحدات السورية وليس شركة عسكرية خاصة روسية تقاتل داعش”.

وأوضح أنه في عام 2017 عندما أخذنا تدمر للمرة الثانية، ظهر الصيادون فجأة من الخلف وقاموا بالتصوير. كنا قد أنجزنا العمل ووصلنا إلى المطار ولم يأتوا إلا لالتقاط صورة. جميل: أتذكر أنه كانت هناك طلقات، وكيف كانوا يتبعون طريق دباباتنا”.

وقال إن أسوأ معاركه كانت ليلة 8 فبراير (شباط) 2018 على نهر الفرات “الضربة الأميركية على رتل فاغنر قرب دير الزور”. لأنني شعرت بالعجز. من يقاتل؟ أنا لم أرَ هذا الخصم! كان العدو هو الطائرات المروحية الأميركية. في ذلك الوقت كان لدي مدفع رشاش قصير، مخصص للقتال المباشر، لكن حتى لو كان لدي سلاح آخر، فلن أحصل على هذه المروحية. كنا عاجزين عن مواجهة شيء غير معروف سيطير الآن ويحطم رأسك”.

اللافت أنه رأى أن الخطأ الذي تسبب في مقتل أكثر مائتي مقاتل من غافنر في ذلك اليوم يقع على عاتق القوات النظامية الروسية لأنها عبر خطوط الاتصال مع الأميركيين أصرت على “عدم وجود جنود روس في الموقع”.

وفي موقع آخر من “المذكرات” يتحدث الكاتب الذي كان يسمي نفسه مارتين في سوريا، عن تجنيد مقاتلين سابقين في “داعش”، وزاد أنه تم إرسال أسرى من تنظيم “داعش” في بعض المواجهات، ويقول إنه شاهد كيف قام ديمتري أوتكين شخصياً “بتجنيد” هؤلاء السجناء.

وكشف عن تعرض وحدات “فاغنر” في عام 2016. لهجوم طائرة روسية عن طريق الخطأ، موضحاً أن “مواقع المفرزة الرابعة تعرضت لقصف مركز، كان لدينا مراقب جوي حاول تحويل مسار الطائرة، لكن ربما لم يتم إخباره بتغيير الترميزات: لقد استخدم الرموز القديمة، نتيجة لذلك، لقي الكثير من أفراد مجموعتنا مصرعهم في هذه الغارة  اندفع الرجال مباشرة إلى مطار (تيفور) لتمزيق هذا الطيار إلى أشلاء، لكن قيل لهم هناك إن الطائرة أقلعت ليس من تيفور، ولكن من حميميم”.

وزاد أن إخفاء الحقائق في الخسائر “ميراثنا الوحيد الذي انتقل من نظام إلى آخر: إخفاء الحقيقة عن أنفسنا. شعرت بالخجل من القول إنهم ماتوا في أماكن أخرى. يعرف العالم كله أن شركة عسكرية خاصة روسية تقاتل هنا”.

وذكرت مصادر وتقارير متطابقة، أنه على الرغم من أنّ الكتاب لم يبصر النور، فإن الفقرات المسربة منه على الموقع الروسي تعدّ وثيقة مهمة، خصوصاً أنّ تحقيقات الموقع أثبتت مشاركة المقاتل الروسي في القتال في سوريا، وحصلت على صور منه شخصياً وشهادات من أشخاص شاركوا في العمليات العسكرية في تدمر ودير الزور وأكدوا وجود المقاتل الروسي هناك، الذي نشرت له صور على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي سابقاً.

مقالات ذات صلة