تعاني مناطق ريف دير الزور الشرقي والغربي التي تخضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” من اكتظاظ سكاني كبير، منذ أن نزح إليها أهالي المناطق التي دخلها النظام السوري والميليشيات الإيرانية في دير الزور، بالإضافة إلى عدد كبير من سكان المحافظات السورية الأخرى.
وشكل ذلك، عبئا كبيرا على المنطقة التي تفتقر إلى الأبنية الكبيرة، وذلك بسبب الطبيعة الاجتماعية والعمرانية لمناطق الريف عموما، بالإضافة إلى تضرر قسم كبير من هذه المنازل نتيجة العمليات القتالية التي شهدتها المنطقة بين “قسد” والتحالف الدولي من جهة، وتنظيم “داعش” من جهة أخرى.
وفي وقت سابق، طالبت “قسد” النازحين الذين كانوا يعيشون في المدارس والمؤسسات الحكومية، بإخلائها، ما أدى إلى تدفق عدد كبير من المدنيين على بعض المدن والبلدات في ريف دير الزور الواقع لسيطرتها، الأمر الذي سبب ارتفاعا كبيرا في إيجارات المنازل.
ووصف “عمار” وهو نازح يعيش في قرية “الجزرات”، أسعار إيجارات المنازل بـ “الجنونية”، خصوصا في المدن والبلدات الكبيرة مثل “هجين – البصيرة – الكسرة – الجزرات”، وذلك بسبب “تواجد فرص عمل أكبر من القرى الصغيرة”.
وقال في تصريح خاص لمنصة SY24، إن “إيجار منزلي يصل إلى 80 ألف ليرة سورية وهو مبلغ ضخم جدا بالنسبة لي وللكثير من الناس، ولكن لا حل لدي بعد أن سيطر النظام على مدينة دير الزور”.
وأضاف أنه “في حال تركت المنزل اليوم فسيقوم صاحبه بتأجيره غداً بـ 100 ألف، بسبب عدم وجود منازل تكفي هذا العدد الكبير من الناس”.
ويعود النقص الشديد في المنازل بريف دير الزور الذي تسيطر عليه “قسد”، إلى الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء مقارنة بالظروف المعيشية للسكان، بالإضافة إلى تردي قطاع الزراعة الذي يعتمد عليه أغلب سكان هذه المناطق، وضعف الهطولات المطرية هذا العام الذي قد يشكل عبئا آخر عليهم.
بينما اضطر عدد كبير من النازحين إلى العيش في الخيام وذلك لعدم قدرتهم على تحمل تكلفة الإيجارات، بالإضافة إلى عدم وجود عمل ثابت لديهم، الأمر الذي يجبرهم على التنقل باستمرار.
“الحاج دحام” وهو نازح من مدينة “البوكمال” التي تسيطر عليها إيران وميليشياتها، قال لمنصة SY24: “عدنا إلى حياة الترحال التي كان آباؤنا يعيشونها منذ عقود وأصبحنا نتنقل بين القرى بحثا عن لقمة العيش”، مضيفا أن “الوضع يزداد سوءا كل يوم، ولا نعرف متى نعود إلى منازلنا التي استولت عليها الميليشيات الشيعية”.
ووصلت معدلات إيجارات المنازل في ريف دير الشرقي وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة قسد شرقي سوريا، إلى أعلى معدلاتها، إذ يتراوح إيجار منزل عادي مؤلف من غرفتين وصالة بين 40 إلى 60 ألف ليرة سورية.
في حين يعمد أهالي بعض المناطق إلى تأجير المنازل لأقاربهم فقط، وذلك بسبب طبيعة المنطقة العشائرية الأمر الذي زاد الضغط على المدن الرئيسية في الريف الشرقي خصوصا.
بينما ارتفعت أسعارمواد البناء بشكل كبير وخصوصا بعد إغلاق المعابر بين مناطق “قسد” ومناطق المعارضة السورية، بالإضافة إلى الإغلاق المتكرر في معبر سيمالكا مع كردستان العراق، إذ وصل سعر طن الحديد إلى أكثر من مليوني ليرة سورية، في حين أصبح سعر كيس الإسمنت بحدود 15 ألف ليرة سورية، ووصل سعر “الرمل” الذي يستخدم للبناء، إلى 130 ألف ليرة سورية.
يشار إلى أن مناطق ريف دير الزور الشرقي والغربي، وباقي المناطق التي تسيطر عليها قوات “قسد”، تضم نازحين من مدينة دير الزور وأريافها التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الإيرانية الداعمة لها، التي ارتكبت طيلة السنوات الماضية آلاف الانتهاكات بحق المدنيين في مختلف المحافظات السورية.
كما يوجد في ريف ديرالزور نازحين من حلب وحمص ودمشق، بالإضافة إلى بعض العوائل العراقية التي تقطن في بعض المنازل والتي هربت إلى سوريا تخوفا من انتقام الميليشيات الشيعية العراقية المرتبطة بإيران منها بعد اندحار تنظيم داعش.
ويذكر بأن قوات “قسد” أعلنت عن نيتها إخلاء مخيم الهول من النازحين السوريين المقيمين فيه بعد اتفاق مع وجهاء عشائر المنطقة، مما قد يؤدي إلى خلق أزمة سكن جديدة وارتفاع جديد في الإيجارات.