تحاول إيران ومنذ دخولها للقتال بجانب النظام السوري، أن تعمل على وضع حجر أساس لوجودها داخل سوريا بشكل دائم مستغلة الوضع الإجتماعي والإقتصادي المتزعزع داخل المجتمع السوري.
ولم يقتصر نشاط إيران على الجانب العسكري فقط عبر ميليشيا الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لها، مثل ميليشيا فاطميون وزينبيون وغيرها، بل تعداها إلى محاولة طهران نشر الفكر الشيعي عبر مشاريع ثقافية وخدمية وصحية أطلقتها في عدة مدن سورية.
ويعتبر المركز الثقافي الإيراني في دير الزور هو نقطة انطلاق طهران لعملها في نشر فكر “الخامنئي” بين أبناء المدينة، حيث عمدت إيران إلى إنشاء مراكز ثقافية في المدن والبلدات الواقعة في شرق مدينة دير الزور والقريبة من الحدود السورية العراقية التي تعد المعبر الرئيسي لدخول ميليشياتها من العراق مستهدفة فئة الأطفال والشباب.
وتعد مدينة الميادين هي إحدى أهم المدن التي تسيطر عليها إيران بشكل كامل تقريبا حيث أنشأت فيها مركزا ثقافيا فور دخولها إليها بعد انسحاب تنظيم داعش منها أواخر عام 2017.
وتحدثت مصادر محلية عن تعيين (أحمد الحلبي) مسؤولا جديدا للمركز الثقافي الإيراني في مدينة الميادين، وذلك بعد ترشيحه من قبل (حج حسين) مسؤول المركز الثقافي الإيراني في دير الزور.
ويأتي هذا التعيين بعد زيارة قام بها رئيس المركز الثقافي في دير الزور إلى مدينة الميادين قبل عدة أيام، ودعى من خلال هذه الزيارة إلى إعادة تفعيل عمل هذه المراكز بشكل أكبر.
وأشار الصحفي “تيم الحاج” إلى أن إيران تسعى إلى التعايش مع البيئة المجتمعية لمناطق ريف الدير الزور العشائرية عبر “ترغيب الأهالي وليس ترهيبهم” على حد قوله.
وقال “تيم” لمنصة SY24، إن “إيران عمدت في تسعينيات القرن الماضي على نشر الفكر الشيعي في دير الزور ولكن اقتصرت هذه المحاولة على بلدة حطلة وكان العدد محدود جدا”.
وأضاف أن “المراكز الثقافية هي أداة إيران لترغيب الناس عبر استقطاب الأطفال عن طريق تقديم الهدايا أثناء الإحتفالات الدينية وكذلك تقديم منح دراسية للشباب في جامعات طهران”.
في حين استطاعت إيران التغلغل بشكل كبير داخل صفوف الهيكلية الرسمية للمؤسسات الحكومية التابعة لنظام الأسد عبر تعيين أشخاص موالين لها في مناصب إدارية.
وأشار مراسلنا سابقا إلى “تعيين يوسف شاكر الساري مسؤولا عن شعبة حزب البعث في مدينة البوكمال والذي تربطه علاقة قوية مع الميليشيات الإيرانية في دير الزور”.
في حين عمدت إيران سابقا على إنشاء معهد (النور الساطع) في مدينة دير الزور وذلك من أجل تعليم اللغة الفارسية للأطفال عبر تقديم رواتب شهرية لهم مقابل التزامهم بالمعهد.
ويشرف على هذا المعهد الذي يقع بجانب المركز الثقافي الإيراني موظفين ومدرسين إيرانيين يعملون على تقديم مبلغ 20 ألف ليرة سورية كراتب شهري للطلاب، بالإضافة إلى تقديم هدايا ومكافآت للطلاب المتفوقين.
وفي هذا الشأن أشار الصحفي “تيم الحاج”، إلى أن “المعاهد التعليمية وخصوصا كشافة المهدي تعد أبرز الأدوات التي تسعى إيران من خلالها إلى نشر الفكر الشيعي بين صفوف الأطفال”.
وتابع الصحفي حديثه قائلاً: إن “المراكز الثقافية وما يرتبط بها من نشاطات اجتماعية وخدمية وإغاثية هي أداة إيران الثانية للتمدد داخل المجتمع بعد الجانب العسكري”
وتأتي هذه المشاريع في وقت بات فيه الوجود الإيراني في سوريا عموما وفي دير الزور خصوصا محط قلق لدى الأطراف الفاعلة في سوريا، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى في ميليشيات إيران خطرا على مصالحها في المنطقة.
فيما ترى روسيا أن الوجود الإيراني هو تهديد لمصالحها على الأرض بعد سيطرة الأخيرة على عدد كبير من حقول وآبار النفط في شرق دير الزور وفرض نفوذها على المعابر البرية مع العراق.
في حين تعمد إيران على جميع الأصعدة العسكرية والاجتماعية والثقافية والدينية لإثبات وجودها على الأرض، في ظل أي متغيرات مستقبلية تطرأ على المنطقة.