كشف تقرير صادر عن وسيلة إعلام إيرانية، أن إيران كانت تنوي بناء مدينة سكنية في دمشق إلا أن المشروع توقف ولم يتم، لافتا إلى استياء عدد من المسؤولين الإيرانيين من عدم تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين طهران ودمشق على أرض الواقع.
وأشار التقرير إلى أن المقاولين الإيرانيين كان من المفترض أن ينفذوا مشروع بناء 200 ألف وحدة سكنية في دمشق، بناء على اتفاقيات موقعة مع النظام السوري منذ العام 2018، إلا أن المشروع لم يُنفذ.
ونقل التقرير عن المسؤول في قطاع الإنتاج المكثف في محافظة طهران، المدعو “إيرج رهبر” قوله إنه “لم يحدث شيء منذ عام 2018، ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل المنتجين في سوريا”.
ونقل أيضا عن مسؤول إيراني (لم يسمه) قوله، إن “مشروع مدينة دمشق السكنية، هو مشروع اقترحه السوريون وأبلغت غرفة التجارة الشركات الإيرانية بإعداد مقترحاتها وهي قيد المفاوضات”، لافتا إلى أن تغيير الحكومة في سوريا أدى إلى تباطؤ الاستثمار الإيراني، مؤكدا أن “أجواء المفاوضات تتأثر بتغيير الحكومة ويجب إعادة التنسيق ونحن نتشاور”.
وذكر التقرير أنه على الرغم من الرحلات العديدة التي قام بها مسؤولون إيرانيون آخرون على مختلف المستويات العليا والمتوسطة إلى دمشق، فضلاً عن العديد من الرحلات التي قام بها نظرائهم السوريون إلى طهران، لكنّ بعض الخبراء الإيرانيين لم يتمكنوا من الاستحواذ على السوق السورية الجذابة والجاهزة إلى حد ما.
وتحدث التقرير عن استياء مراقبين إيرانيين من عدم الوفاء بوعد بناء خط سكة حديد “الشلامجة – البصرة – اللاذقية” من العراق مرورا بطهران ووصولا مدينة اللاذقية الساحلية في سوريا، معتبرين أنها من المشاكل الرئيسية للمصدرين الإيرانيين إلى سوريا، ومشيرين إلى أن هذا الأمر دفع تركيا إلى السيطرة على جزء كبير من سوق البلاد بسبب حدودها مع سوريا.
وكشف التقرير عن أن خبراء إيرانيين نقلوا رغبة السوريين بأن تستلم إيران إدارة وتشغيل ميناء اللاذقية، أكبر ميناء في البلاد على البحر المتوسط ، لكن السلطات المعنية (حكومة النظام السوري) لم ترحب بذلك، مؤكدين أنها قضية كان من الممكن أن يكون لها دور كبير في كسب الأسواق السورية للمنتجين والمصدرين الإيرانيين.
وجاء في التقرير أن “عباس كلرو” رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الإيراني قال إنه “خلال 40 عامًا من علاقاتنا السياسية مع سوريا، حاولنا بطبيعة الحال تشكيل وتوسيع العلاقات الاقتصادية، وأنه قبل الأزمة السورية قمنا بتنفيذ مشاريع مهمة في هذا البلد، كان من أهمها إنشاء مصانع للسيارات ومصانع الزجاج وإنشاء محطات توليد الكهرباء، وعلى الرغم من أن علاقاتنا الاقتصادية لم تكن على قدم المساواة مع العلاقات السياسية، إلا أن التعاون الاقتصادي كان ينمو”.
وتابع أنه “خلال الأزمة السورية وقفت إيران كحليف أول لسوريا إلى جانب شعب هذا البلد لمواجهة الإرهابيين والمعتدين، وخلال الأزمة تم تحديد مشاريع اقتصادية مهمة مع سوريا لإعادة إعمار البلاد، وشددنا في لقاءات مع بشار الأسد على ضرورة تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما اعتقدنا أنه بالنظر إلى الإمكانات الاقتصادية لإيران وسوريا فإن المستوى الحالي للعلاقات الاقتصادية غير كافٍ ويجب زيادته”.
وأكد أنه “على إثر هذه الاجتماعات تم تشكيل لجنة من ثلاثة أعضاء لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا، وكنت نيابة عن وزارة الخارجية عضوا في تلك اللجنة وعقدت عدة اجتماعات مع نظرائي السوريين،وعقدنا العزم على تحسين مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتم اختيار خبراء دقيقين لتقوية العلاقات الاقتصادية، ما أدى إلى تحديد وتصميم مشاريع التنمية والبنية التحتية المختلفة في سوريا”.
وأشار إلى أن بداية تطور العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا كانت في منتصف الأزمة السورية، لكنها شهدت أيضًا تقلبات، معربا عن اعتقاده بأنه قد تم اتخاذ خطوات في هذا الصدد وليس الأمر أننا “أَهملنا أو أُهملنا” ، ولكن على أي حال هناك قيود في العمل العام في المنطقة على الرغم من أننا نتوقع الاستفادة الكاملة من القدرات؛ نحن نبحث دائمًا عن ظروف أفضل ولا يجب أن نكتفي بما نحن عليه الآن،على حد تعبيره.
ونقل التقرير أيضا عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان (لم يسمه)، قوله إن “بناء القدرات لم يتم كما كان ينبغي، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين القطاع العام الإيراني وسوريا، فقد عززنا أيضًا علاقات القطاع الخاص بين البلدين”.
وكشف أن “غرفة التجارة الإيرانية اشترت مبنى في دمشق لإيواء ممثليها في سوريا”، مضيفا أن “العلاقات الاقتصادية والتجارية طريق ذو اتجاهين ويستفيد منه الطرفان، خاصة وأن هذا البلد (سوريا)، لديه منتجات يمكننا الشراء منها، وهو أيضًا سوق جيد لبضائعنا”.
وشكا مسؤولون إيرانيون، حسب التقرير، من البيروقراطية المعقدة التي تعيق تطور النشاط الصناعي والعلاقات الاقتصادية بين طهران ودمشق، معتبرين أن سوريا مستعدة لاستقبال المستثمرين الإيرانيين، لكن في بعض الأحيان يؤدي وجود بيروقراطيات على جانبي هذه العلاقات، بالإضافة إلى بعض البيروقراطيات الإدارية في الجانب الإيراني، إلى تأخير تطوير هذه العلاقات، مؤكدين أن الحل هو تسهيل العقبات للتحرك نحو مساحة أكثر انفتاحا لتنمية العلاقات الاقتصادية.
ومؤخرا، ادعى الخبير في قضايا الشرق الأوسط “مسعود أسد اللهي “، أن مسألة إعادة الإعمار هو فرصة كبيرة بالنسبة لإيران، زاعما أن الشركات الغربية لا يحق لها الاستثمار في سوريا، أما الشركات الإيرانية فهي يمكنها أن تأتي إلى سوريا وتشارك بكل سهولة”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت طهران أن سوريا باتت من أفضل الأسواق التجارية بالنسبة لها، مشيرة إلى الإنجازات التي تم تحقيقها داخل سوريا واصفة بأنها “أشياء جيدة ورائعة”، فيما أكد معارضون إيرانيون أن المستفيد الأول والأخير من تلك الإنجازات التجارية هي ميليشيا الحرس الثوري الإيراني فقط.
وفي وقت سابق من تشرين الأول أيضا، دشنت إيران مركز “إيرانيان” التجاري في دمشق، مؤلف من 12 طابقا على مساحة 4 آلاف متر مربع، يضم 24 شركة إيرانية، معلنة أنها تهدف من وراء هذا المركز التجاري إلى الوصول إلى مستوى تصديري بـ 1 مليار دولار قبل نهاية عام 2020.