أثار قيام مجموعة من الشباب والفتيات بالرسم على جدران شوارع دمشق القديمة وبضوء أخضر من حكومة النظام، ردود فعل غاضبة بين كثيرين وخاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي من أبناء دمشق، معتبرين ما يجريه تشويه متعمد لجمال دمشق القديمة وشوارعها.
وفي التفاصيل وحسب ما وصل لمنصة SY24، أظهرت صور تم تداولها فيها مجموعة من “الفنانين الشباب” وهم يرسمون على جدران مدينة دمشق القديمة في منطقة “باب شرقي”، في حين اعتبر عدد من الرافضين لما يجري أن هذه الرسومات لا تمت إلى دِمَشق بشيء.
وأضافوا قائلين “صحيح أن الرسم على الجدران يحصل في كل مُدن العالم، ولكن في المناطق الحديثة منها أو العشوائيات وليس داخل حارات تاريخية عمرها آلاف السنين”.
وقال بعض الرافضين لما يجري في دمشق القديمة، إنه “كان من الأفضل تكنيس حارات المدينة القديمة بدلاً من الرسم على جدرانها، فهي ليست بحاجة لأي مكياج أو مستحضرات تجميل، لأنها تشعّ جمالاً ونضارة، وأن كل ما تحتاجه هو العناية والاهتمام، فقط لا غير”.
ونقلت المصادر ذاتها عن مصدر مسؤول في حكومة النظام ادعائه أن “هذه الرسومات (تجربة) وبإمكانهم مسحها بسرعة لأنها تمّت على الجدران الكلسية فقط وليس الحجرية”.، في حين رد بعض الرافضين للرسومات أن “دمشق القديمة مُلك لكل الناس ولا يجب تحويلها إلى حقل تجارب”.
وهاجم المصدر المسؤول كل من خالف هذه الرسومات بالقول إن “كل المعماريين والمُهندسين الذين اعترضوا منذ الصباح الباكر، لم ينجحوا في إنقاذ مدينة دمشق من الفوضى، ولا في ترميم بيت دمشقي واحد”.
من جهته، هاجم الإعلامي الموالي للنظام “أحمد الدرع”، كل من أعطى الأذن لهؤلاء “الفنانين الشباب” لتشويه دمشق القديمة، وقال في منشور على حسابه في “فيسبوك”، “من المسؤول عن هذا العبث… هذه دمشق القديمة المسجلة ضمن لائحة التراث العالمي المسجلة عالميا لدى منظمة اليونسكو، دمشق مليئة بالطرقات التي من الممكن رسم هكذا لوحات عليها وتعطي جمالية، ولكن أبدا أبدا ليس دمشق القديمة، هي جميلة لأنها قديمة وعلى حالها منذ مئات السنين، نحبها ونعشقها لأنها قديمة كما هي برائحة التاريخ الجميل”.
وأضاف “من المسؤول عن تخريب هذا التراث و عبق التاريخ، من المسؤول عن هذا العبث وهذه الجريمة؟، أرجو مشاركة المنشور لإيقاف هذه الجريمة بحق التاريخ، وإيقاف اغتصاب دمشق القديمة، هذه جريمة مكتملة الأوصاف و الأركان، يجب أن يحاسب المسؤلون عنها، هذه دمشق القديمة، أفلا تعقلون أيها الجاهلون؟”.
أما وزير الاتصالات السابق في حكومة النظام السوري “عمرو سالم” فقال في منشور على حسابه في “فيسبوك”، إنه “من أخبر من سمح بالهجوم الليبرالي الحديث المتمثّل بالقيام برسم أقبح الرسوم على جدران دمشق القديمة. من أخبرهم بأن دمشق ملكهم وملك من خلّفهم، ومن أخبر من سمحوا وقرّروا بذلك الفعل الفاحش أن جدران دمشق هي شراطيط قماشيّة ليمارسوا عليها بشاعتهم المسمّاة فنّ”.
وأضاف “هل يعلم من سمح بذلك أن هذه الجدران شهدت بطولات ودماء شهداء دافعت عنها اتجاه من يغزوها ويغيّر ثقافتها. لا يهمّ إن كانت الرسوم جميلةً او قبيحةّ كما عند مدرسة دار السلام أو في المزّة، وهي أقبح من القبح”.
وتابع أنه “لا يوجد مخلوقٌ في العالم يمتلك حقّ السماح بهذا الهذيان وهذه الوقاحة التاريخيّة والحضاريّة والفنيّة”، مضيفا “هذه تماماً الليبراليّة الجديدة التي تتمثّل بالفلتان ورمي جميع القيم والرموز”.
وختم منشوره قائلا “خذوا شراطيطكم ومارسوا مجونكم بعيداً عن دمشق أنتم ومن سمح لكم، محافظ ووزيرة ثقافة؟، تزول الدنيا قبل أن تزول الشام”.
وأكد عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك خطة مُحكمة لمدينة دمشق القديمة وشوارعها وعماراتها، لافتين إلى الإهمال المُتعمّد والتشويه المُتعمّد، يضاف إليها مشاريع فنية للتقبيح بدلا من التجميل.
وفي تموز/يوليو الماضي، كشفت حكومة النظام السوري عن نيتها تغير معالم حديقة “الصوفانية” الأثرية وسط العاصمة دمشق، وتحويلها إلى مرآب للسيارات ومواقع تجارية وترفيهية.
وأعلنت محافظة دمشق التابعة للنظام عن رغبتها بإنشاء واستثمار مرآب طابقي للسيارات تحت حديقة الصوفانية في باب توما لمدة 25 عاماً.
يسعى النظام بشكل مستمر لتغيير طبيعة المعالم التراثية والأثرية وسط دمشق، وآخرها كان الإعلان عن تأجير “محطة الحجاز” التاريخية لإحدى الشركات الخاصة دون الإفصاح عن اسمها، وذلك لمدة 45 سنة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، منحت حكومة النظام الحق لإحدى الشركات دون الإفصاح عن هوية هذه الشركة، الحق في تحويل العقار المُشاد عليه مقهى الحجاز ومحطة الحجاز والمحلات القديمة في قلب العاصمة دمشق، إلى مجمع سياحي وفندق خمس نجوم.
يذكر أنه في تموز 2019، ضج الشارع الدمشقي في وجه حكومة نظام الأسد، عقب تداول أنباء تفيد بنيتها تحويل “التكية السليمانية” وما حولها إلى ساحة مطاعم ومحلات لبيع الشاورما والبوظة، إضافة لمشاريع استثمارية أخرى في هذه المنطقة الأثرية.
وأطلق عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حينها، وسم هاشتاغ بعنوان “التكية السليمانية في خطر .. دمشق لن تغفر لكم”، لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تنوي حكومة النظام ارتكابها بحق هذا المعلم الأثري الهام.