خرج أهالي القرى التي تسيطر عليها قوات نظام السوري في شرق الفرات في مظاهرات أمام مقرات “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث طالبوا بإعادتهم إلى قراهم وطرد قوات النظام والميليشيات الإيرانية منها.
وتأتي هذه التظاهرات بعد إعادة افتتاح معبر الصالحية البري الذي يصل مناطق سيطرة “قسد” ومناطق النظام في شمال مدينة دير الزور.
وتعبتر منطقة “الصالحية” نقطة التماس الوحيدة في شمال شرق سوريا، والتي تجمع جميع القوى المتصارعة على المنطقة في مساحة لا تتعدى الخمسين كم مربع.
حيث سعت كل من أمريكا وروسيا للسيطرة سابقا على إرث تنظيم “داعش” في شرق سوريا عبر سباق عسكري استطاعت أمريكا وعبر قوات “قسد” الموالية لها من السيطرة على أهم حقول النفط والغاز في المنطقة.
فيما لم تستطيع القوات الروسية التي تدعم قوات النظام من الدخول إلى منطقة شرق الفرات سوى عبر احتلالها سبع قرى عند مدخل مدينة دير الزور الشمالي.
وتعتبر قرى (الطابية وخشام والصالحية وحطلة ومظلوم ومراط والحسينية) الوحيدة التي استطاعت قوات النظام وبمساعدة الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية من الدخول إليها في شرق الفرات.
في حين استطاعت “قسد” وبمساعدة قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من الدخول إلى حقل “كونيكو للغاز” بالقرب من بلدة “خشام” وحرمت النظام من أهم حقول الغاز في سوريا.
وشهدت المنطقة في عام 2018 معركة وحيدة بين قوات النظام والميليشيات الإيرانية ومرتزقة “فاغنر” من جهة وقوات “قسد” مدعومة من سلاح الجو الأمريكي من الجهة المقابلة.
حيث حاولت قوات النظام التقدم باتجاه حقل “كونيكو للغاز” والذي يقع ضمن مناطق سيطرة “قسد” واستطاعت التقدم لعمق 5 كم قبل أن يقوم سلاح الجو الأمريكي بتوجيه ضربات موجعة للقوات المتقدمة.
حيث تحدثت مصادر إعلامية آنذاك عن مقتل ما يقارب من 200 عنصر من قوات النظام والميليشيات الإيرانية المهاجمة، بالإضافة إلى مقتل عدد من الجنود الروس بحسب وسائل إعلامية روسية.
بينما استبعد المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي العقيد المنشق “فايز الأسمر” حدوث صدام بين قوات “قسد” وقوات النظام في المنطقة و”خصوصا في ظل الاحداث التي تشهدها منطقة عيسى”.
وقال العقيد “الأسمر” في حديثه مع منصة SY24، إن “الطرف الروسي يلعب حاليا دورا في ضبط الإيقاع بين قوات قسد وقوات النظام في المنطقة”.
وأضاف أن “قسد تخشى على منطقة عين عيسى من أن يستولي عليها الجيش التركي بضوء أخضر روسي، ولذلك نجد خيارات قسد مع النظام محدودة جدا في الظروف الحالية”.
وتابع قائلاً: “المنطقة على صفيح ساخن في ظل وجود جميع الأطراف المتصارعة في منطقة الصالحية وخصوصا في ظل غياب الدور السياسي لحل شامل للملف السوري”.
يشار إلى أن قوات النظام والميليشيات الإيرانية منعت أهالي القرى السبعة التي احتلتها بعد انسحاب تنظيم “داعش” منها في أواخر عام 2017 من العودة إليها إلا بشروط معينة.
حيث طالبت الميليشيات الإيرانية التي تسيطر بشكل مباشر على كل من قرى (حطلة ومراط ومظلوم) أبناء هذه القرى بالتطوع في صفوفها مقابل عودة الأهالي إلى قراهم.
في حين عمدت ميليشيا “لواء القدس” والقوات الروسية مؤخرا على السيطرة على عدد من المنازل في بلدة خشام المحاذية لمناطق سيطرة قوات “قسد” في شرق الفرات وأقامت بها نقاط مراقبة عسكرية.
وتنشط الشرطة العسكرية الروسية بشكل كبير في تلك المنطقة، حيث تشرف بشكل شبه مباشر على معبر الصالحية الذي تم افتتاحه منذ يومين بين مناطق سيطرة “قسد” ومناطق سيطرة النظام.
في حين يرى الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط ” بواشنطن “كرم شعار”، أن روسيا تسعى إلى “تقريب الإدارة الذاتية من نظام الأسد لتشكيل جبهة أكثر تماسكا ضد بقية فصائل المعارضة” على حد تعبيره.
وقال الدكتور “كرم” في حديث خاص مع منصة SY24: “أستبعد أن تسمح القوات الأمريكية لقسد باستخدام المعبر بكثرة، وذلك في سعي واشنطن للضغط على دمشق لتقديم تنازلات سياسية”.
وأضاف أن “معبر الطبقة سيبقى الأكثر أهمية بالنسبة لقسد والنظام لاسيما أنه أبعد من معبر الصالحية عن أيادي داعش والتي زاد نشاطها العدائي مؤخرا في البادية السورية”.
وفي عام 2019، شهد معبر “الصالحية” مظاهرات كبيرة شارك فيها المئات من أبناء القرى السبعة التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الايرانية الداعمة لها على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
حيث قام أبناء هذه القرى باقتحام عدة حواجز للنظام بالقرب من بلدة “الصالحية” بغرض الضغط على الأطراف المتصارعة من أجل عودتهم إلى منازلهم.
وقامت حواجز النظام بإطلاق النار بشكل عشوائي على المتظاهرين، مما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة عشرة آخرين، في حين انسحب عناصر النظام من الحواجز مؤقتا قبل أن يعودوا إليها لاحقا.
وأشارت مصادر محلية آنذاك إلى أن “قسد” كانت وراء تحريك المتظاهرين، وذلك من أجل الضغط على المجتمع الدولي لإجبار نظام الأسد والميليشيات الإيرانية على الانسحاب من المنطقة، والتي كانت تعد خط التماس البري الوحيد بين قسد والنظام.