يعاني أهالي مدينة دير الزور الواقعة تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها، من وضع اقتصادي سيء جداً، مما أدى إلى انتشار ظاهرة جديدة على المجتمع في المدينة.
حيث لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد أعداد الأطفال الذين ينامون في شوارع وأزقة المدينة، في غياب واضح لدور المؤسسات الحكومية التابعة للنظام، والتي أبدت عدم اكتراثها بهؤلاء الأطفال.
وبحسب مصادر محلية، فإن أغلب هؤلاء الأطفال هم من أبناء العائلات الفقيرة، التي تدفع بأطفالها إلى الشوارع للتسول، وذلك بسبب عدم قدرتهم على تأمين الطعام لهم.
كما يوجد قسم من هؤلاء الأطفال ليس لهم معيل، كونهم فقدوا ذويهم جراء القصف العنيف الذي تعرضت له المدينة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أجبرهم على افتراش الطرق والنوم في الحدائق العامة، نظراً لعدم وجود مأوى لهم.
وقال الطفل “عمر” في حديث خاص مع منصة SY24، إن “أمي متوفية وأبي مسجون وأعمامي قتلوا وأخوالي سافروا، وبقيت وحيدا لأني لا أملك مكانا آخرا أذهب إليه”.
وأضاف أن “عائلتنا كبيرة ولكن لا أحد يستطيع أن يكفلني لأنهم أصلا غير قادرين على إطعام أبنائهم، لهذا أسأل الناس لكي يساعدوني، وأقتات من حاويات القمامة أو من أهل الخير الذي يطعموني أحيانا”.
وتحدث “عمر” عن قيام بعض الأطفال بتوزيع المخدرات، مؤكداً أنه لا يريد أن يعمل في توزيعها، لأنه لا يريد دخول السجن.
وأكد مراسلنا المعلومات التي وصلت لمنصة SY24، وتفيد بقيام عشرات الأطفال بتوزيع المخدرات في دير الزور، مشيراً إلى أن “بعض تجار المخدرات يعتمدون على الأطفال في نقل المخدرات إلى زبائنهم، كونهم لا يلفتون الانتباه”.
وحصلت منصة SY24 على شهادة أحد الأطفال العاملين في توزيع المخدرات، وأفاد فيها بأنه يحصل من تاجر على كمية صغيرة من المخدرات، تقدر بين 25 الى 50 غرام من مادة الحشيش، ويقوم بنقلها إلى الزبائن، وإحضار النقود إلى التاجر.
وأكد الطفل، أن “التاجر علمني على الحشيش، وأنا أعمل معه لأنه يعطيني مجاناً بعض المخدرات لتدخينها”.
وتنتشر هذه الظاهرة في أحياء (الجورة والوادي وهرابش والصناعة)، والتي تعتبر من أكثر الأحياء فقرا في مدينة دير الزور، في حين يؤمن مروجي المخدرات الحماية للموزعين، وذلك بسبب ارتباطهم بقادة في ميليشيا “الدفاع الوطني”.
وتتراوح أعمار أطفال الذين ينتشرون في الشوارع، ويعملون في توزيع المخدرات، بين 12 و 16 عاماً، وأغلبهم ممن فقدوا ذويهم خلال الحرب المستمرة منذ 10 سنوات.
وبحسب “آية” وهي عاملة في مجال العمل الإنساني، فإن “معظم هؤلاء الأطفال دفعهم الفقر وفقدان المعيل إلى الاتجاه نحو المخدرات”.
وقالت في تصريح خاص لمنصة SY24، إن “انعكاسات هذه الظاهرة تظهر في المستقبل القريب على هؤلاء الأطفال الذين لا يتلقون دعما من المؤسسات الخيرية والإنسانية”.
وحذرت من أن “انتشار الجهل والأمية بين الأطفال، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد الجرائم، قد تؤدي إلى تحول أطفال الشوارع إلى مجرمين وتجار مخدرات”.
وعن الحلول التي يجب العمل عليها للحد من انتشار هذه الظاهرة، أكدت “آية”، أن “النظام لا يكترث بهؤلاء الأطفال في مناطق سيطرته، تاركا الأمر منوطا بالمؤسسات الخيرية التي لا تملك القدرة على مساعدة هذا العدد الكبير أطفال الشوارع، لذلك يجب على الجهات الدولية المعنية بالأطفال العمل على تأمين التعليم المناسب لهم في بيئة صحيحة بعيدة عن الجرائم والمخدرات والاستغلال، بالإضافة إلى تأمين فرص عمل لذوي الأطفال وإقامة مشاريع صغيرة وتدريب مهني لضمان مستقبل أطفال الشوارع”.
يشار إلى أن معظم تجار المخدرات، هم من المقربين من ضباط جيش النظام والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى المسؤولين عن قيادة الميليشيات المتواجدة في مدينة دير الزور، وأبرزهم “فراس الجهام”.
يذكر أن “الجهام” قائد ميليشيا “الدفاع الوطني”، يعتبر من أبرز العاملين في تجارة المخدرات بالشراكة مع فرع الأمن العسكري، وهو الرجل الأول لدى “الحرس الثوري الإيراني” في المنطقة.