الدكتور عجاج سليم لـ SY24: الفنان لا يقبل بالاضطهاد والحرب عرّفتنا على هشاشتنا

Facebook
WhatsApp
Telegram

أسامة آغي – SY24

الحديث حول المسرح السوري يستدعي بالضرورة الحديث عن شروط صيرورة هذا الفن في ظروفه السياسية والاجتماعية، فالمسرح مرآة الحياة نرى من خلاله أنفسنا وأفكارنا وحياتنا، وندرك أين نحن من حركة العالم وتطوره، وباعتبار أن الحرب والصراع أداة تدمير لنمط العيش والحياة، حملنا بعض أسئلتنا عن المسرح السوري إلى الدكتور “عجاج سليم” الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية وعميد هذا المعهد سابقاً فأجاب عليها مشكوراً.

الحديث عن المسرح في الحرب ترف سريالي

يقول الدكتور عجاج سليم لـ SY24: “يمتد تاريخ المسرح السوري إلى 150 سنة خلت، شهد خلالها مراحل مختلفة من التذبذب والسكينة والقلق، ولم يعرف هذا المسرح حالاً من الاستقرار إلا في فترات متباعدة، ويمكن القول إن الممثل والمخرج والكاتب السوري نال بشكل متفرد التقدير والاحترام على المستوى العالمي”.

وأضاف الدكتور سليم: “لم يتخل المسرح السوري خلال فترة الانتداب الفرنسي عن دوره النضالي؛ بل أصبح أداة مقاومة ونضال وتأكيد هوية حيث نادى بالاستقلال والحرية والكرامة الانسانية، وبعد الاستقلال بسنوات ظهرت أسماء مهمة في المسرح السوري مثل سعد الله ونوس ومحمد الماغوط وممدوح عدوان وفرحان بلبل، أما في ظلّ الحرب الممتدة في أرجاء سورية منذ سبع سنوات فالمسرح يجهد في ابتكار أساليب استمراره في الحياة، ومع ذلك يبدو الحديث عن وجود مسرح في ظل حرب لا تعرف الرحمة ولا تفرق بين الحجر والبشر نوعاً من الترف السريالي”.

وأضاف الدكتور عجاج سليم: “ثمة ظروف لعبت ولا تزال تلعب دوراً في انعدام الحياة المسرحية، مثل انعدام الأمن وقلة الدعم المالي وسوء الظروف الاقتصادية وتدني الأجور إلى درجةٍ لا تُطاق، إضافة إلى هجرة كثير من المخرجين والممثلين داخل سورية أو إلى خارجها”.

وتابع: “لقد حاولت بعض العروض أن تمسّ الأزمة من جوانب مختلفة وأن تحرص على تأكيد الهوية الوطنية ونبذ العنف والطائفية، ولكن اعتماد هذه العروض على استجداء العواطف وتكرار الشعارات الخطابية المباشرة أفقدها مبرر وجودها وحوّلها إلى منصة اعلامية بدل أن تكون خطاباً فنياً إبداعياً”.

الفنان لا يقبل بالاضطهاد وبالقتل والتدمير

وبحديثه عن أثر الحرب في الفنانين والمسرح فيقول: “بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت مدارس ومذاهب فنية متنوعة ومتناقضة، وهذا أمر طبيعي لأن الفن الخالد لا يتعامل بالحالة الانفعالية الآنية بل يترسب أولاً في أعماق الفنان ليخرج بعد حدوث التفاعل الخطير في داخله بأشكال فنية تقدم الصورة بأبعادها العميقة”.

وأردف قائلاً: “الفنان بطبيعة جهازه الحسي المرهف لا يستطيع أن يقبل بأي شكل من الأشكال الاضطهاد الانساني فكيف يقبل إذاً بالقتل والتدمير؟ وفي النهاية يُخرج الفنان تلك الانفعالات والمشاعر بصورٍ تبدو احتجاجاً صارخاً ولكنها أيضاً لبنة جديدة في سيرة الفن والإنسانية، وقد لا يبدو الحال الآن سارّاً على مستوى الإنتاج الإبداعي فكراً أو فناً أو صورة ولكن باعتقادي أن المرحلة القادمة ستشهد نهضة مسرحية على أكثر من صعيد في المسرح”.

الحرب في الوطن كَشَفت هشاشتنا

ويشرح الدكتور عجاج سليم عن كيفية فعل الحرب ودورها في تعرية السلوك الإنساني وإظهاره على حقيقته فيقول: “على المستوى الشخصي وبصراحة شديدة فإن سنوات الحرب شفّت حالنا وما عليها من زيف وضعف في تكويننا الإنساني والفكري والمعرفي، وأمام الكثير مما صدمتنا به الوقائع أقول: لقد تغيرت كثير من الرؤى والقناعات التي كنت أعرفها قبل سنوات الحرب ولكن كما يبدو تعرّفت بوضوح على هشاشة مثقفنا السوري، وعلى الكثير من الزيف والكذب والتناقض الصارخ في أقوال وأفعال الكثيرين”.

وأشار قائلاً: “لقد جاءت الحرب لتمسح كل الضباب وتجعلنا نرى أنفسنا تحت زجاجة مكبرة فبانت نواقصنا وشوائبنا بل وفاحت روائح ترددنا وضعفنا، أنا متأكد الآن أن الفنانين والمثقفين شاركنا جميعاً في صنع ما وصلنا إليه، فنحن أقزام أمام عظمة شعبنا”.
المطلوب مسرح جديد

وحول انبعاث المسرح من جديد يقول الدكتور عجاج سليم: “لا بدّ للمسرح أن يقوم بدوره وهو قادر على فعل الكثير مما هو مطلوب منه على شرط أن يبحث عن أدوات ووسائل مبتكرة كي يصل إلى الناس، وأن يخلص للقضايا التي تهم شرائح المجتمع المختلفة، عليه أن يخرج من تقوقعه ومن تكرار أنماط إنتاج الفني التقليدي، لا بدّ من أن يخرج من العلبة المغلقة حيث الكراسي والجدران”.

بطاقة تعريف الدكتور عجاج سليم الحفيري:

– دكتوراه في تكوين الممثل والإخراج المسرحي
– أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية
– عميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقاً
– مدير المسارح والموسيقا والمسرح القومي سابقاً
– أخرج أكثر من 40 مسرحية

من مسرحياته: سفر برلك – الغول – يوم من زماننا – المفتش العام.

مقالات ذات صلة