أكثر من 20 موقعاً إلكترونيا وآلاف الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الإجتماعي والعشرات من المجلات الرقمية، تعمل لصالح تنظيم “داعش”، منذ إعلان ما أسماه ” الخلافة الإسلامية” عام 2014.
وتعد مؤسسة الفرقان هي أقدم المؤسسات الإعلامية التابعة لتنظيم داعش، وظهرت لأول مرة بعد إعلان “أبو مصعب الزرقاوي” قيام ما أسماه “دولة العراق الإسلامية” في عام 2006.
وتوالت بعد هذا الإعلان ظهور مؤسسات ومجلات رقمية تابعة لـ “لدولة العراق الإسلامية”، تعمل على نشر مقاطع فيديو للعمليات التي يقوم بها مقاتلوها ضد القوات العراقية والميليشيات الإيرانية المتواجدة في العراق.
وبعد قيام الثورة السورية في 2011 بدأت الحركات الجهادية بالقدوم إلى سوريا، حيث رأت فيها أرض خصبة لنشر الأفكار المتطرفة، وعملت على جمع مؤيديها من فئة الشباب وذلك عبر “إصدارات هوليودية” تصور عملياتها ضد قوات النظام السوري.
وبعد إعلان داعش عن إقامة “الخلافة الإسلامية” في الرقة وتعيين أبو بكر البغدادي “خليفة للمسلمين” على حد تعبيرهم، بدأت الماكينات الإعلامية التابعة للتنظيم بتكثيف جهودها من أجل تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب للقتال في صفوفها.
حيث ظهرت العشرات من المجلات الرقمية والمواقع الإلكترونية التي تقوم بنشر عمليات داعش ضد قوات النظام السوري و ضد قوات المعارضة في مختلف المناطق في سوريا.
وتتوزع الترسانة الإعلامية لتنظيم داعش على مؤسسات ومجلات رقمية وقنوات مرئية على منصة يوتيوب، وإذاعات صوتية ومدونات مكتوبة، بالاضافة إلى آلاف الحسابات الوهمية على منصات فيسبوك وتويتر وتيليجرام.
وعملت هذه الترسانة عل إنتاج إصدارات التنظيم بصورة أشبه بـ “الأفلام السينمائية”، وذلك بالاعتماد على عدد من المختصين الذين قدموا إلى سوريا والتحقوا بصفوف داعش.
ولكن مع انطلاق التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على داعش، بدأت هذه الأذرع الاعلامية بتلقي ضربات موجعة كان أبرزها مقتل “أبو محمد العدناني” الناطق الرسمي باسم تنظيم داعش في آب 2016.
ويعد العدناني أحد أبرز المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية لتنظيم داعش والعقل المدبر لها، حيث كان يشرف على الإصدارات المرئية الصادرة عن مؤسسات داعش الإعلامية، بالإضافة إلى دوره في بناء المنظومة الإعلامية للتنظيم في سوريا والعراق.
وبعد أقل من شهرين على مقتل العدناني، تلقى تنظيم داعش ضربة موجعة أخرى وذلك بعد مقتل “أبومحمد فرقان”، والذي كان يشغل منصب “وزير الإعلام” والمسؤول الأول عن إدارة “مؤسسة الفرقان” أقدم المؤسسات الإعلامية لدى داعش.
وعلى الرغم من استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا العراق وتلقيه ضربات موجعة على يد قوات التحالف الدولي، إلا أن الأذرع الإعلامية لدى داعش استطاعت الاستمرار في عملها وبث إصدارات مرئية للمعارك التي تخوضها على الأرض.
وبحسب الأستاذ “نوار شعبان” الخبير في الشؤون الأمنية لدى مركز عمران للدراسات، فإن “منصات داعش الإعلامية لديها القدرة على التأقلم مع الواقع الذي يمرون به والبيئة التي تحيط بمناطق نفوذهم ومناطق عملياتهم”.
وقال “نوار” في حديث خاص مع منصة SY24: “رأينا كيف استطاعت أذرع داعش الإعلامية العمل أثناء معارك هجين ومعارك الرقة وبعد مقتل البغدادي، والآن نرى كيف استطاعت هذه المنصات العودة للعمل مرة أخرى”.
وبعد إعلان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على تنظيم داعش في 2019، تراجع عمل المؤسسات الإعلامية التابعة لداعش مع انحسار مناطق نفوذه، واقتصر دورها على بث العمليات الصغيرة التي تقوم بها الخلايا النائمة التابعة لداعش.
وأوضح أن “الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش تحولت إلى أدوات لتسويق العمليات التي يقوم بها، من أجل زرع الخوف بين صفوف خصومه على الأرض”.
وتابع حديثه قائلاً: إن “هذه الأذرع الإعلامية تعمل على إيصال رسائل إلى الحاضنة الشعبية الموالية لداعش في كل من سوريا والعراق، مفادها أن التنظيم مازال موجودا على الأرض”.
وأضاف أن “إعلام داعش بدأ يتغنى بالتكتيكات الجديدة التي يتبعها التنظيم في هجماته والتي تعتمد مبدأ الضربات السريعة، حيث استفادت داعش من هذا المبدأ في نشر الترويج والترهيب والتي تعد أدوات أساسية لبقاء تنظيم داعش في المنطقة”.
وحذر الأستاذ “نوار شعبان” من اتساع نطاق عمليات التنظيم والتي تشمل حاليا مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة النظام السوري في البادية، لتصل إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال المحرر.
وهذا وقد صنفت الولايات المتحدة الأمريكية سابقا، الأذرع الإعلامية التابعة لتنظيم داعش على أنها “مؤسسات إرهابية أجنبية”، وعمدت على حظر نشاطاتها وعزل الأفراد والمنظمات التابعة لها عن النظام المالي الأمريكي.
حيث شمل القرار مؤسسة “أعماق” التي تعد وكالة الأنباء الرسمية لتنظيم داعش، والتي تأسست على يد “براء كادك” في سنة 2014، بالإضافة إلى مؤسسة “الحياة” الإعلامية، التي تعمل على نقل أخبار التنظيم باللغة الإنكليزية، وعدد من المجلات الرقمية والمواقع الإلكترونية المناصرة للتنظيم مثل مجلة “رومية” ومؤسسة “أجناد”.