شريحة واسعة من مؤيدي نظام الأسد ومنهم شبيحة وعناصر الأسد أنفسهم، أبدوا غضب عارم، وانهالوا بالشتائم على أسيادهم الروس خلف أسماء وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اعتراف الروس صراحة، بأنهم هُم من أمنوا زيارة رأس النظام بشار الأسد للغوطة الشرقية قبل أيام.
ولا أجد سبباً لهذا الغضب غير مبرر، من قبل تلك الشريحة التي لا تزال تفكر بعنتريات بالية، والتي لا تعدو سوى صدى لترهات تخرج على إعلام النظام ومحور”المقاومة” والأبواق المأجورة المخصية فكرياً.
فهل المطلوب من الروس أن يُظهروا بشار الأسد بأنه رئيس لسوريا فعلاً، وله جيش وقوات وأجهزة أمنية متماسكة؟، بحيث يصبح الدور الروسي ثانوي ووجودهم فقط مُساعد لقوات الأسد؟.
وهل المطلوب من الروس القول بأن قوات الأسد وميليشياته، هي من استطاعت السيطرة على مناطق هامة وعديدة في سوريا، بعد دخول القوات الروسية للبلاد قبل عامين ونصف، بحيث يظهر الدور الروسي كالذيل لقوات الأسد والميليشيات الطائفية التابعة لإيران؟.
وقبل طرح هذه الاسئلة، هل الروس يتعاملون بالأصل مع بشار الأسد كرئيس؟، بالطبع الاسئلة لست أنا من أجيب عليها، بل الروس أنفسهم هم من أجابوا عليها، من خلال عدة مواقف وتصريحات وأحداث، من بينها موقف بشار الأسد الذليل في قاعدة حميميم قبل عدة أشهر، حين منعه ضابط روسي من اللحاق بسيده بوتين وأمره بالوقوف، وزيارة بوتين ذاتها والتي كانت لقاعدة روسية على أرض ذلك “الرئيس” والذي جُلب بطائرة روسية من جُحره في حي المهاجرين بدمشق للقاعدة الروسية باللاذقية.
وقبل هذه الحادثة أتى الروس برأس النظام على عَجل لموسكو عبر طائرة شحن، بعد تدخلهم العسكري المباشر في سوريا بأسابيع قليلة، في خريف 2015، والكثير شاهد كيف كان مشهد بشار في ذلك اللقاء، الذي جمعه مع سيده بوتين، وبعدها بأكثر من عام بقليل، كرر الروس زيارة رأس النظام لبلادهم وعلى نفس الطريقة، لكن أظهروه بدونية وانحطاط أكبر.
إضافة لترويج الإعلام الروسي صيف 2016، مقطعاً مصوراً يظهر بشار متفاجئاً بزيارة وزير الدفاع الروسي لقاعدة حميميم، حيث قال رأس النظام حينها “لم أكن أعلم أنكم ستأتون”، وهو ما يؤكد عدم معرفة بشار من هي الشخصية الروسية التي سيقابلها، بقوله “أنا سعيد جداً بلقائكم اليوم، إنها مفاجأة سارة”.
فهل نسيت الشريحة الغاضبة من المؤيدين والشبيحة هذه المواقف الموثقة بالصوت والصورة والتي رضي بها رئيسهم نفسه، في سبيل البقاء على كرسي الحكم الخلبي.
وحتى قوات الأسد نالها نصيب من النظرة الدونية من قبل الروس، حين خرج تقرير مصور لقناة روسية عن معارك دير الزور في أيلول الماضي، وأظهر ذلك التقرير جنود الأسد بثياب بالية ورثة، بينما أظهر الجندي الروسي أنيق وحضاري وبكامل لباسة العسكري، فكانت بمثابة رسالة للنظام ومواليه وحتى المعارضين، مفادها “أنظروا من الذي تفوق بالمعركة وسيطر، صاحب اللباس الرث أم الروسي الحضاري الجميل”.
لهذا، على الشريحة الغاضبة من المؤيدين والشبيحة أن يتوقفوا عن المزاودة على المحتلين الروس والتغني بانتصارات لم تحققها سوى طائرات روسية بسلاحها الفتاك بمواجهة بندقية ثائر وعلى أجساد أطفال ونساء سوريا.
وعلى هذه الشريحة أن تدرك” إن بقي لديها إدراك”، هي وكل من يؤيد ويعتقد بأن بشار الأسد لا يزال رئيساً وصاحب قرار في البلاد، أنكم لستم سوى تابعين لتابع ذليل، والروس لم يأتوا سوى للمحافظة على مصالحه، والتي وجدها في بشار ونظامه، واليوم يعتقد الروسي بأنه وصل لمرحلة تجعله مرتاح نوعاً ما، بأن مصالحه قد تم تأمينها في سوريا، سواء على أجساد السوريين أو عبر تفاهمات دولية وإقليمية، وفي نهاية المطاف لن ينظر الروسي لمؤيدي النظام سوى كأنصار التابع، وهذا التابع والذي وصفته الصحافة الروسية “بذيل الكلب”.
من هنا، فإن اعتراف الروس بأنهم هم من حموا بشار وأمنوا له زيارته للغوطة، جاء للتأكيد من جديد، بأن هذا الأهبل لا يملك من أمره شئياً في سوريا، ونحن من حافظنا على نظامه على مدى سبع سنوات متواصلة، واليوم نأمن له الطرق من الغوطة لدوار الأمويين وصولاً الى غرفة نومه.