بعد مرور سبع سنوات على الثورة في سوريا، كان الأطفال الفئة الأكثر تضرراً، بعدما ساهمت ظروف الحرب في مقتل آلاف الأطفال وتشريد الملايين منهم، ما ساهم في حرمانهم من التعليم، ودفع بعضهم الى العمل لمساعدة أهلهم، خاصةً بعدما فقد الكثير منهم معيلهم.
الشبكة السورية لحقوق الانسان، أكدت أن حصيلة ضحايا المدنيين الذي قتلوا في سوريا بلغت نحو 217764 مدنياً، بينهم 27296 طفلاً، في حين قالت جمعية “إنقاذ الطفل الدولية في لبنان”، أن سوريا تعتبر المكان الأخطر على الطفل.
وأكدت الجمعية أن الأطفال في سوريا لا يحتاجون فقط إلى الأمن والسلام، بل يحتاجون أيضًا إلى طعام مغذٍ، منازل آمنة، وإمكانية الوصول إلى التعليم، فهذه الأساسيات غير متوفرة حالياً للأطفال في سوريا، ومن غير المعقول توقع عودة الأطفال اللاجئين إلى سوريا في مثل هذه الظروف.
في حين حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، من أن أطفال سوريا حالياً عُرضةً للخطر أكثر من أي وقت مضى وأن العام الماضي أسوأ عام لهم، مشيرةً الى أن عدد الأطفال الذين يعيشون بإعاقات جراء الحرب يُقدر بنحو 750 ألف طفلاً.
نزوح 250 طفل كل ساعة
كما أكدت جمعية “إنقاذ طفل” في تقرير لها، عن تسجيل معدلات غير مسبوقة من النزوح في سوريا منذ تموز 2017، حيث تم تسجيل نزوح ما يصل إلى 250 طفلاً كل ساعة، ومن بين أربعة من كل خمسة من النازحين هم من النساء والأطفال، إضافةً إلى أن أكثر من 7.5 ملايين طفل سوري نشأوا في سوريا ولا يعرفون سوى الحرب.
بدورها أشارت الأمم المتحدة الى أن هناك 8.6 مليون طفل سوري بحاجة ماسة إلى المساعدة، وما يقرب من ستة ملايين طفل هم الآن إما نازحون أو يعيشون كلاجئين، ويتعرض أكثر من ثلاثة ملايين طفلاً لخطر الألغام، و40 في المئة ممن قتلتهم الألغام هم من الأطفال.
وقال حسين المسطو المقيم في مخيم أطمة لـ SY24: “كان هذا الشتاء الأسوأ، حيث عانى أطفالي من البرد القارس والسيول التي أغرقت خيامنا أكثر من مرة فضلاً عن غياب أي مصدر للتدفئة، وهو ما تسبب بإصابة أطفالي بالمرض، بينما توفي بعض الأطفال ضمن مخيمات أخرى نتيجة موجة البرد الشديد”.
أطفال بلا مدارس
ظروف الحرب جعلت مئات الآلاف من الأطفال خارج المدارٍس، وأكدت الأمم المتحدة في تقرير لها، أن نحو 2.5 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة، وأن هناك 1.35 مليون آخرون معرضون لخطر التسرب.
بدوره قال “أبو ياسين غنيم” لـ SY24: “لديّ ثلاثة أطفال لم يدخلوا المدارس العام الماضي، حيث نقيم في مخيم الكرامة بريف إدلب الشمالي، حيث تم تعليق العملية التعليمية بسبب عدم قدرة الجهات المشرفة على تأمين متطلبات المدارس والكادر التعليمي والموظفين فيها”، مشيراً إلى أن “آلاف الأطفال في المخيمات المجاورة لم يتلقوا تعليمهم أيضاً، وهو يساهم في تهديد جيل كامل”.
وفي ظل تزايد حالات تسرب الأطفال من المدارسٍ، سعت بعض المنظمات والجمعيات الانسانية لتشجيع الأطفال على العودة إلى المدارس، ومن ضمنها كانت حملة “من حقي أن أتعلم”، والتي أطلقتها منظمة “غصن الزيتون” في محافظتي درعا والقنيطرة.
وقال المنسق الإعلامي في منظمة “غصن الزيتون” أيهم الغريب لـ SY24: إن “الهدف من الحملة تشجيع الأطفال المنقطعين عن الدراسة على الالتحاق بالبرامج التعليمية المختلفة، كما تسعى الحملة إلى الوصول إلى الطلاب المنقطعين في الأماكن النائية، من خلال افتتاح دور تعليمية جديدة”.
وأضاف الغريب أن “الحملة تستهدف ما يقارب 15 ألف طالباً، ضمن 25 موقعاً بين مدينة وبلدة ومخيم في كلّ من محافظتي درعا والقنيطرة، وتشمل الحملة أنشطة وفعاليات، كالمحاضرات والندوات والمسابقات والعروض المسرحية، فضلاً عن تقديم أنشطة تعليمية وترفيهية للأطفال والبالغ عددها 3 آلاف نشاط”.
الأطفال أصبحوا المعيل
وتوفي الكثير من الآباء أو الأمهات أو الاثنين معاً خلال الحرب، وهو ما دفع بعض الأطفال الى ترك المدارس والدخول في سوق العمل للمساعدة في تأمين مصدر دخل للعائلة.
وقال الطفل يحيى قدور (12 عاماً) من سكان مدينة ادلب لـ SY24: “توفي والدي نتيجة غارة جوية، وأنا الابن الأكبر، لذلك اضطررت لترك المدرسة والعمل ضمن إحدى ورشات صيانة السيارات ضمن المنطقة الصناعية بإدلب، فوالدتي تعمل في تنظيف البيوت إلا أن عملها وحده لا يكفي لتأمين مستلزمات المعيشة، وهو ما دفعني للعمل”.
لؤي شيخ كردي (11 عاماً) من سكان الأتارب يتحدث عن معاناته قائلاً لـ SY24: “أصيب والدي بشظية قذيفة ما أدى الى عدم قدرته على المشي، وبالتالي بات عاجزاً عن العمل، ما دفعني الى التجول يومياً ضمن المدينة باحثاً ضمن الحوايات والشوارع عن مواد بلاستيكية وقطع قديمة (خردة)، وأقوم ببيعها لأستطيع مساعدة عائلتي”.
وفي سياق متصل قال الباحث الاجتماعي “خالد سميح”: إن “ظروف الحرب ساهمت في ضياع جيل كامل، فهناك آلاف الأطفال لا يجيدون القراءة والكتابة، كما أن القصف العنيف والمجازر التي شاهدها الأطفال خلقت مشاكل نفسية لديهم، ما قد يؤدي الى آثار سلبية في المستقبل، وتدفع بعضهم الى أعمال عدوانية وغير مشروعة كالسرقة، وربما الى الانتحار في أسوأ الحالات، نتيجة حالة الضغط التي بداخلهم”.
[foogallery id=”6537″]