“نزيف الليرة السورية الحاد”.. هو العنوان الأبرز الذي يتصدر المشهد وواجهة الأحداث في مناطق سيطرة النظام السوري وخاصة في العاصمة دمشق، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 4000 ليرة سورية، وسط التوقعات بمزيد من التراجع لليرة السورية مقابل العملات الصعبة، بشهادة من تم رصد آرائهم سواء في دمشق أو حتى في الشمال السوري.
وتحدث أقارب الشاب “همام الشامي”، الذين يقطنون في منطقة “شارع بغداد”، وفي “المهاجرين” بدمشق لمنصة SY24، عن توقعاتهم لوضع الليرة السورية في قادمات الأيام، وعن الأوضاع بشكل عام، وذكروا أن “الليرة مستمرة في التراجع والبلاد نحو مزيد من الانهيار”، مضيفين أن الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من ارتفاع الأسعار، حسب تعبيرهم.
وأشاروا إلى أن “العملة السورية أصبحت بلا أي قيمة”، وقالت إحدى أقارب “الشامي” إنه “لولا بضع الدولارات يرسلها لي أولادي الذين يعملون في الخارج لما تمكنت من تأمين حاجاتي الضرورية”.
ونقل لنا الدكتور “تحسين زيادة” المختص بالشأن الاقتصادي، لسان حال الناس داخل دمشق في ظل ما تشهده الليرة السورية مقابل العملات الصعبة.
وقال “زيادة” إن “مستقبل الليرة السورية في المدى المنظور متجهة نحو مزيد من الانخفاض وستشهد مستقبلا سيئا، طالما أن النظام في سوريا ليس بمقدوره فعل أي شيء، وطالما ليس هناك رصيد دولار أو ذهب في البنك المركزي في سوريا فإنه الليرة ستبقى تتهاوى”، مشيرا إلى أنه “لم يعد هناك رصيد أو عملة صعبة في سوريا حتى للاستيراد، كاستيراد الطحين والمواد الأساسية، لذلك ترى أن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني”.
وأضاف أنه “بالنسبة لليرة السورية لا أحد يستطيع أن يتوقع أي شيء طالما الأمور كماهي، إذ ترتب على سوريا ديون ضخمة جدا تجاه روسيا وإيران، ولا أحد يستطيع إنقاذ الليرة السورية إلا إذا بدت بوادر انفراج اقتصادي وسياسي ودعم دولي، والآن ليس هناك دعما دوليا ولا يوجد أحد مستعد لدعم سوريا إلا بعد أن يلمسوا توجها نحو الحل السياسي، لذا فالأمور غامضة جدا”.
وأشار إلى أن “الناس في سوريا لا يمكنها أن تتوقع أي شيء أبدا، وبالتالي النظام أخرج كل الأموال إلى خارج سوريا ولم يبق شيء يذكر”.
وأكد أن “الليرة السورية إلى مزيد من الانهيار طالما لا ينتظر دعم عملة صعبة أو ذهب، وطالما النفط بأيدي الغير، وطالما لا يوجد بوادر حل، وطالما الحرب مستمرة”.
وبالتوجه صوب مناطق الشمال السوري، أكد أحد الصرافين العاملين في المنطقة لمنصة SY24، أن “العملة السورية تتجه نحو الهاوية خصوصا بعد صدور فئات العملات من الـ 5000 ومافوق، وهي عملات لا رصيد لها في البنوك لأن النظام سحب كميات كبيرة من الأسواق بفئات العملات الجديدة التي لا رصيد لها في البنوك الخارجية”.
وأكد مصدرنا أن “الأيام القادمة ستشهد مزيدًا من الانهيار بالتزامن مع الأوضاع المعيشية الصعبة، إضافة للفروقات الكبيرة التي يشهدها سعر الصرف بين ليلة وضحاها”.
وأعرب مصدرنا عن توقعاته بأن يصل سعر الصرف خلال الأيام القليلة القادمة إلى 5000 ليرة سورية للدولار الواحد، على حد قوله.
بدوره، توقع وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، أن الأيام القادمة ستكون صعبة جدا على نظام الأسد، وأن الليرة السورية إلى مزيد من الانهيار ومستقبلها غير مطمئن أبدا، لافتا إلى فرق الأسعار الكبير بين مناطق سيطرة النظام والمناطق الخارجة عن سيطرته شمالي سوريا.
وقال الوزير “عبد الحكيم المصري” في تصريحات خاصة لمنصة SY24، إن “تدهور الليرة السورية متوقع في ظل انعدام العوامل الاقتصادية المتوفرة وفقدان النظام كل مؤشرات التنمية لديه وكل أدوات السياسة النقدية، والأيام المقبلة أصعب”.
وأشار إلى أن هناك ضغط يمارس على النظام من خلال التضييق على مورد هام جدا لدعم العملة الصعبة وهي “تجارة الحشيش”، وهناك ضغط على هذا الأمر منذ أكثر من شهر، يضاف إلى ذلك تجديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات عليه إضافة لعقوبات قيصر، ورفض الدول العربية إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية رغم المحاولات من روسيا وغيرها، كذلك رفض طلب روسيا من قبل دول خليجية دعم النظام من أجل إعادة الإعمار، وكل هذه الأمور وغيرها من الأسباب المعروفة بشكل عام، كلها تؤدي إلى أن الليرة في طريقها للانهيار وأن الأيام القادمة أصعب بكثير”.
وأجرى “المصري” مقارنة بين الأسعار في مناطق النظام والأسعار في الشمال المحرر، وأضاف أن الأسعار في مناطق النظام باتت مرتفعة جدا كونه لا يوجد مواد متوفرة ولا يوجد عرض أوطلب، فمثلا كغ السمن النباتي وصل إلى 11 ألف ليرة سورية، يضاف ‘لى ذلك انخفاض الدخل وعدم توافر أي سيولة بالدولار للاستيراد والتصدير، وأيضا الانهيار الحاصل في لبنان، كلها أمور تشي بأن مستقبل الليرة السورية صعب جدا وغير مطمئن للنظام.
وفيما يخص انعكاس هذا الانهيار الحاصل على مناطق الشمال السوري، أوضح “المصري”، أن “الحل الوحيد في المناطق المحررة هو الاستغناء عن الليرة السورية حتى لا تنعكس الأزمات على الشمال المحرر، ووقف التعامل مع المناطق ووقف التهريب، وفي حال كان هناك ضرورة للتعامل مع مناطق النظام فالتعامل يجب أن يكون بالدولار، مؤكدا أن المشكلة في المهربين الذين يتعاملون مع النظام، إذا من المفترض أن المعابر مع مناطق النظام مغلقة في الأساس، على حد تعبيره.
وحول اعترافات النظام بأزمة كورونا ومدى خطورتها في هذا الوقت بالذات، واعترافه أن المشافي والعنايات المشددة امتلأت بنسبة 100% بمرضى كورونا، وعلاقة ذلك بالظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع الدولار وانهيار الليرة، قال “المصري”، إن “النظام من النادر أن يعترف بشكل صريح، ومعنى اعترافاته اليوم هو أنه يعطي صورة أنه عاجز عن تقديم خدمات حتى الصحة، وهو أيضا يريد توجيه رسائل للناس بأنه ليس السبب بل السبب هي العقوبات الاقتصادية التي يصفها بأنها ظالمة وجائرة عليه، علما أنه قبل قانون عقوبات قيصر كان هناك أزمة لدى النظام، وهي ستستمر ما دام هوموجود، وبالتالي من الصعب جدا أن تتحسن الأمور بوجوده.
يشار إلى أنه مع وصول سعر صرف الدولار إلى أكثر من 4000 ليرة سورية، تشتد الأزمة الاقتصادية على السكان في مناطق سيطرة النظام، يضاف إلى ذلك انتشار الجريمة والفلتان الأمني، ومن أبرز تلك الجرائم تزوير العملات سواء الأجنبية أو الوطنية، إضافة إلى انتشار المخدرات وترويجها.