تواصل روسيا توجيه أنظارها صوب الآثار السورية بحجة ترميمها، في حين يرى مراقبون أنها تتبع سياسة ممنهجة لوضع يدها والاستيلاء على تلك الآثار خاصة في مدينة حلب، بعد أن وضعت يدها عليها في تدمر، وذلك استكمالا لمسلسل البحث عن الآثار الذي بدأته إيران في سوريا في فترة سابقة.
وفي آخر المستجدات، بدأت البعثة الأثرية الروسية السورية برسم المخطط التمهيدي لترميم الكنيسة المسيحية في حلب، مدعية أن ذلك يأتي في إطار مشروع جديد للحفاظ على الآثار في سوريا.
وذكر الإعلام الروسي، أن موظفي البعثة الروسية بدأوا بوضع مخطط تصويري للكنيسة التي تم بناؤها منذ 1500 عام، وذلك ضمن المرحلة الأولى من الاستعدادات لترميم الأثر المعماري.
وتنوي البعثة الروسية فحص حوالي 10 كنائس تعود إلى أوائل العصور الوسطى والتقاط صور ومقاطع فيديو لها وإعداد نماذج ثلاثية الأبعاد ومخططات تقويمية للمناطق التي تقع فيها، وفق المصادر ذاتها.
ونشر الإعلام الروسي مقطع فيديو قصير يُظهر جانبا من الأعمال التي تنوي البعثة الروسية القيام بها في عدد من الأماكن الأثرية في حلب.
وتعليقا على ذلك قال مصدر حقوقي سوري معارض مهتم بتوثيق انتهاكات روسيا وإيران في سوريا لمنصة SY24، إن “روسيا الأرثوذكسية تقوم اليوم باحياء تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية، فقد جندت المسيحيين الأرثوذكس في ميليشيات اتبعتها للقيادة العسكرية الروسية في حميميم، وقد بدأت هذه العملية منذ تدخلها المباشر في سوريا، وقد بنت كنيسة أيا صوفيا في مدينة سقيلبية وكنيسة الأربعين شهيد في محرده في محافظة حماة، واليوم تبحث عن أماكن أخرى لتكمل هذه المهمة التبشيرية”.
وأكد أن “روسيا تريد أن تبرهن للعالم أن كنيستها موجودة في الشرق وأنها ترعى مصالح اتباعها، وهذا يعني تحول كبير في السياسة الروسية الشيوعية، وهو أحد أدوات الصراع الدولي بين روسيا والغرب الكاثوليكي والبروتستانت”.
ومنتصف نيسان/أبريل الماضي، أعلن النظام السوري توقيع اتفاقيات جديدة مع روسيا بحجة ترميم الآثار في تدمر.
واعترف مدير عام المديرية العامة للآثار والمتاحف التابع للنظام، المدعو “نظير عوض”، وفق مصادر موالية، أنه تم إبرام 3 اتفاقيات مع روسيا لترميم الآثار في مدينة تدمر.
وكشف “عوض” أن النظام يسعى من وزراء تلك الاتفاقيات مع الروس إلى إقناع “يونسكو” برفع (دمشق) عن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، بحجة أنه يتم العمل على الترميم في أكثر من منطقة داخل سوريا.
وكان الباحث السياسي “رشيد الحوراني” حذّر في تصريح لمنصة SY24، من المساعي الروسية للسيطرة على آثار مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، لافتا إلى أن روسيا تسعى لاستغلال الغرب من خلال تلك المدينة.
ومنتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أعلنت حكومة النظام السوري عن التنازل عن آثار تدمر لصالح روسيا بحجة البدء بترميمها، وتوقيع مذكرة تفاهم بهذا الخصوص.
الجدير ذكره أن إيران بدورها بدأت وعبر ميليشياتها، في وقت سابق من العام 2019، بالبحث عن الآثار في منطقة الرصافة الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام في ريف الرقة الجنوبي.
وكانت مصادر تحدثت عن أن “منظمة إيرانية تدعى منظمة خلاني الثقافية، تقوم بإدارة عمليات البحث في المنطقة، وتشرف على تأمين أي قطعة أثرية يتم العثور عليها”، مشيراً إلى أنها “تقوم بنقل الآثار إلى إيران عبر الطريق البري الذي تشرف عليه ابتداء من دير الزور مروراً بالعراق وصولاً إلى طهران”.
وسبق أن أكدت مصادر خاصة لـ SY24 أن الميليشيات الإيرانية تمكنت من العثور على عدة قطع أثرية في مدينة تدمر، وقامت بنقلها إلى خارج سوريا بحماية من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام”.
وفي نيسان/أبريل 2020، انتشرت صورا تظهر الدمار والتخريب المتعمد للآثار في “معبد بل” الأثري والمسرح الروماني في مدينة تدمر بريف محافظة حمص.
وقالت مصادر محلية إن “ورشات تنقيب الآثار التابعة لإيران تعمل على تدمير آثار ومعابد مدينة تدمر، ونهب ما تبقى منها عقب انسحاب تنظيم داعش من المدينة”.