على وقع تهجير الآلاف من سكان غوطة دمشق الشرقية، يتابع تمام خالد وهو من سكان بلدة يلدا جنوب العاصمة دمشق مقطع فيديو لا تتجاوز مدته الدقيقتين بعنوان “وجع التهجير “.
يصاحب المقطع أغنية تقول كلماتها “يا سوري أرضك مش ليك. كل الدنية غدرت فيك. كلو عم يتفرج لما عم تتهجر من أراضيك” ليظهر بعدها اسم الفريق المنتج وهو “سكتش جنوبي”.
ويقول خالد -الذي يعمل في محل لبيع الملابس في المنطقة المحاصرة منذ سنوات- إن أعمال فريق “سكتش جنوبي” بدأت بالانتشار منذ أكثر من عام وتحوز اهتمامه ومتابعته، لمحاكاتها أحداثا متنوعة مرت بها مختلف المدن السورية خلال السنوات الفائتة، بطريقة ساخرة وواقعية وبسيطة في آن معا.
مواكبة
بدأت أولى حلقات برنامج “سكتش جنوبي” مع تهجير سكان مدينة حلب أواخر عام 2016، وتتابعت بشكل أسبوعي تقريبا ليبلغ عددها أكثر من أربعين حلقة، تحدثت آخرها عن إجبار الآلاف من غوطة دمشق الشرقية على الرحيل.
وعن بداية هذا العمل، يقول فارس خطاب مدير فريق “سكتش جنوبي” للجزيرة نت إن مرحلة التهجير التي سبقت إطلاق أول حلقة استغرقت قرابة خمسة أشهر من دراسة جوانب العمل وأهدافه والأفكار التي سيعمل على إيصالها للجمهور المحتمل”.
ويضيف أن هذه المرحلة “اتسمت بالمغامرة والإصرار على خوض التجربة وإيصال صوت فريق العمل والذي يتألف من مجموعة من الناشطين لكنهم غير متخصصين في هذا المجال، والذين التقت رؤاهم حول أهداف مشتركة”.
وتتمثل هذه الأهداف ـوفق خطاب- في “نشر التوعية الفكرية وتعزيز مفاهيم حرية الرأي والرأي الآخر ونبذ الطائفية والمناطقية، وتعزيز دور المرأة في المجتمع السوري، مما يساهم في تحقيق الوعي وفضح الممارسات الاستبدادية التي يزخر بها المجتمع السوري اليوم”.
أهداف ووسائل
ويتابع أنه لتحقيق تلك الأهداف اختار فريق العمل إنتاج فيديوهات “في قالب “الكوميديا السوداء” تسخر من الواقع، مما يضمن أكبر انتشار على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز بشكل مبسط وفعال.
ومن بين هذه الفيديوهات ـكما يعدد خطاب- حلقة “مرصد الممانعة” والتي تسخر من الضربات الإسرائيلية المتكررة لأهداف عسكرية سورية، والتزام النظام الصمت حيالها مع استمراره بقصف مختلف المدن السورية.
ومن بينها أيضا حلقة بعنوان “املؤوا الأرض ضجيجاً” تبعث برسالة مفادها عدم السكوت عن الموت الذي يعيشه السوريون بشكل يومي على يد نظامهم وحلفائه، وأهمية إيصال أصوات الضحايا “فإن كان الموت نصيبنا فعلينا ألا نجعله موتا صامتا” يضيف خطاب.
وإنتاج هذه الحلقات يتم على عدة مراحل، بدءا من تحديد فكرة الحلقة إلى كتابة السيناريو ثم التصوير والمونتاج وصولا للنشر والترويج عبر منصات البرنامج على مواقع التواصل، مما يتطلب جهودا كبيرة في ظل الحصار الذي يعيشه فريق العمل.
ويوضح أن تلك الحالة فرضت استخدام أبسط المعدات التقنية واللوجستية، كالإضاءة عن طريق شرائح ضوئية صغيرة تعمل على طاقة 12 أمبيرا، نظرا لانقطاع التيار الكهربائي منذ سنوات عن المنطقة.
إصرار
ورغم بذل مجهود كبير كي ترى كل حلقة من برنامج “سكتش جنوبي” النور، فإن الآراء الإيجابية التي يتلقاها الفريق بعد النشر تحول كل الانعكاسات السلبية لطاقة ودفع معنوي يساعد على المتابعة والاستمرار.
ولا يعني ذلك عدم توجيه أي نقد للبرنامج، لكن الفريق -كما يتحدث خطاب- يتقبل أي موجة انتقادات يمكن أن تستهدف حلقات معينة بصدر رحب ويحوّلها لما يمكن أن يساهم في تحسين جودة العمل.
أما المعارك التي ما زالت تعصف بكثير من المناطق السورية، فهي تزيد إصرار الفريق على العمل مع إيمانه بحاجة الحاضنة الشعبية للثورة للتماسك والتمسك بمبادئها “مهما اشتدت عليها وطأة الحرب”.