أدت الهجمات التي تتعرض لها الأرتال العسكرية والمواقع الأمنية التابعة لـ “قسد” في شمال شرق سوريا، خلال الفترة الماضية، إلى مقتل وإصابة عدد كبير من عناصرها، في ظل صمت واضح من المعرفات الإعلامية التابعة لتنظيم داعش، والتي لم تعلن مسؤوليتها عن أي من هذه العمليات.
وكان نشاط تنظيم داعش في شمال شرق سوريا قد تراجع، خلال الشهر الجاري، بعد تنفيذ قوات “قسد” مدعومة بالتحالف الدولي عدة عمليات أمنية، نتج عنها اعتقال عدد كبير من قادة التنظيم المحليين والأجانب، بالإضافة إلى مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة كانت معدة لاستهداف قوات “قسد” في المنطقة.
غير أن الهجمات التي تستهدف قوات “قسد” لم تتوقف، مما دفع الأخيرة إلى التشديد من الإجراءات الأمنية على الحواجز العسكرية والمعابر النهرية الواصلة بين مناطقها ومناطق سيطرة قوات النظام السوري على الضفة الغربية لنهر الفرات، وأيضاً عند نقاط التماس في مدينة الحسكة التي يسيطر فيها النظام السوري على الأحياء الواقعة ضمن المربع الأمني وسط المدينة.
وأفادت مصادر محلية بتعرض رتل عسكري تابع لقوات “قسد” إلى هجوم مسلح نفذه مجهولون بالقرب من بلدة “جديد عكيدات” بريف دير الزور الشرقي، قتل على أثره قياديين في قوات “قسد” وأصيب آخرون بجروح متفاوتة، وعقب ذلك قام مسلحون بإطلاق قذيفة صاروخية على سيارة تابعة للتحالف الدولي كانت برفقة الرتل، ولم يتم الإعلان عن وقوع إصابات بين صفوف قوات التحالف الدولي، فيما لاذ المهاجمون بالفرار.
وأشارت المصادر إلى قيام قوات “قسد” بتنفيذ حملة دهم واعتقال داخل بلدة “جديد عكيدات”، استولت خلالها على منزلين تعود ملكيتها للمسلحين الذين هاجما الرتل، وهما (علي الهلوش) وشخص آخر يلقب بـ “الدبل”، ونوهت المصادر إلى فرارهما لمناطق سيطرة النظام السوري على الضفة المقابلة لنهر الفرات.
الصحفي السوري “محمد الجاسم”، ذكر أن الميلشيات الإيرانية تسعى إلى الضغط على “قسد” عن طريق “زعزعة الأمن في مناطق سيطرتها، وخلق حالة من عدم الاستقرار من أجل تأليب الرأي العام المحلي ضدها، لتسهيل عملية دخولهم برفقة قوات النظام السوري إلى مناطق شرق الفرات في أقرب فرصة تسنح لها”.
وقال “الجاسم” في حديث خاص مع منصة SY24، إن “قسد استطاعت أن تحد من عمليات تنظيم داعش ضدها، ولكنها الآن في مواجهة خطر يعتبر أكبر من خطر داعش وهي الخلايا التابعة للنظام والميليشيات الإيرانية، والتي لا تمتلك رادعاً أخلاقياً ولا إنسانياً، الأمر الذي سيرفع معدلات الجريمة وبشاعتها في المنطقة إلى أبعد الحدود، ولا أستبعد رؤية سيارات مفخخة تضرب الأسواق التجارية مجدداً”.
وأضاف أنه “على الرغم من جرائم تنظيم داعش في المنطقة فإنها لا تقارن بالجرائم التي يرتكبها النظام والميليشيات الإيرانية ضد أبناء الشعب السوري، ولهذا فإن أفضل الحلول التي يجب على قسد اتخاذها هي إغلاق المعابر مع قوات النظام ومنع توريد النفط والغاز إليه، وذلك لضمان بقاء سلطتها وخصوصاً مع تزايد حالة العداء الشعبي ضدها، بسبب ممارساتها وسياساتها السيئة ضد أبناء المنطقة وبالذات ضد أهالي ريف ديرالزور”.
ونوه الصحفي إلى أن الميلشيات الإيرانية تريد أن تضع “موضع قدم لها في المنطقة الغنية بالثروات الباطنية والنفط”، وخصوصاً أنها تعاني من ضائقة مالية كبيرة دفعتها مؤخراً إلى “بيع الخضار والفواكه بالسيارات العسكرية التابعة للميليشيات في داخل مدينة ديرالزور”.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر محلية، الثلاثاء، أن أعمدة الدخان تصاعدت من محيط حقل “العمر” النفطي، الذي تتخذه قوات التحالف الدولي قاعدة عسكرية لها، بعد استهدافه بعدة قذائف هاون يعتقد أن مصدرها مناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتواجد في الضفة الغربية لنهر الفرات.
ويشار إلى أن المنطقة الشرقية ( دير الزور، والرقة، والحسكة)، تشهد صراعاً كبيراً بين مختلف القوى الفاعلة على الساحة السورية من أجل السيطرة عليها، بسبب موقعها الجغرافي والثروات الطبيعية والباطنية وأهمها النفط والغاز، في حين تسعى الميلشيات الإيرانية إلى بسط سيطرتها على المنطقة من أجل إكمال مشروعها الطائفي، وتحويل ديرالزور إلى “محافظة إيرانية أخرى”، على غرار ما فعلته في العراق واليمن ولبنان.