تباينت الآراء حول المقصود من كلام الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، خلال لقائه برأس النظام السوري “بشار الأسد” في موسكو، عندما أشار إلى وجود قوات أجنبية غير شرعية في سوريا، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنها رسالة لإيران وميليشياتها.
وقال “بوتين”، حسب ما نقل عنه “الكرملين”، إن “مشكلة سوريا الأساسية هي الوجود غير الشرعي لقوات أجنبية على أراضيها”.
وفتح هذا التصريح الروسي باب التساؤلات والتحليلات، والتي تصب أغلبها في أنه ربما يدل على أن وقت القطيعة بين موسكو وطهران قد حان، وأن روسيا ربما ترغب بخروج إيران من سوريا.
في حين رأى محللون آخرون أن روسيا لا يمكن أن تفرط بالوجود الإيراني على الأرض السورية، وأن التصريح الروسي هو رسالة للأمريكان.
وفي هذا الجانب قال “سامر إلياس” المختص بالشأن الروسي لمنصة SY24، إن “روسيا تنظر إلى الوجود الإيراني على أنه جاء بناء على طلب من النظام السوري، وخروج قواتها هو أيضا بقرار من النظام”.
وتابع أن “بوتين” يقصد في حديثه “الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا”.
وأضاف أن “روسيا تدرك أنها لا تستطيع إخراج إيران من سوريا، ولكنها في ذات الوقت تسعى لإبعادها عن الحدود مع الجزء المحتل من الجولان السوري، بمقتضى التزامات الكرملين بأمن إسرائيل واعتباره أولوية مهمة في سوريا”.
وقال “بوتين” خلال لقائه بـ “الأسد”، إنه “بفضل جهودنا المشتركة تم تحرير الجزء الأكبر من الأراضي السورية رغم كل الصعوبات والمآسي”.
وزاد قائلا إنه “بفضل هذه الجهود يسيطر (النظام السوري) على أكثر من 90% من الأراضي”.
ولفت إلى أن “المشكلة في وجود بعض القوات المسلحة الأجنبية على الأراضي السورية”.
من جهته، وتعقيبًا على ذلك قال المحلل السياسي “أحمد حسان” لمنصة SY24، إنه “لا توجد حتى الآن مؤشرات قطيعة ما بين روسيا وإيران على صعيد القطيعة السياسية والعسكرية، وإنما تظهر بوادر حالياً على بروز خلافات بخصوص الاستراتيجية القادمة في سوريا”.
وأضاف “حيث تختلف أولويات ايران عن أولويات روسيا لمرحلة ما بعد الحرب في سوريا ،بعد اتفاق الدولتين على أولوية المحافظة على النظام عسكرياً وتأجيل الخلافات بخصوص ما بعد العسكرة إلى مرحلة لاحقة”.
ولذلك، وحسب “حسان”، يشكل عدم الاعتراض الروسي على العمليات الإسرائيلية ضد إيران في سوريا وكذلك قيام إيران بنشاطات عسكرية تجاه إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية دون ارتباطها بالمشروع الرئيسي الذي تم الدخول العسكري الروسي والإيراني عبره إلى سوريا هو الخلاف الرئيسي حالياً بين روسيا وإيران”.
وأوضح أن “روسيا تطالب إيران بالتركيز على الأهداف الأولى المتعلقة بحماية النظام من السقوط وعدم تحويل هذا المشروع إلى أهداف اوسع لإيران تجاه إسرائيل، لأن روسيا تعتبر هذا الوضع تهديداً قادماً لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، وهنا الخلاف الرئيسي بين إيران وروسيا حالياً، وقد يؤدي هذا الخلاف إلى القطيعة في حال أصرت ايران على مشروع ردع إسرائيل انطلاقاً من سوريا ولبنان خلال الفترة القادمة”.
ونهاية العام الماضي، أكد النظام السوري وعلى لسان مستشارته “بثينة شعبان”، أنه لا يمكن لأي طرف التدخل بشكل العلاقة بين دمشق وطهران، ولا يمكن لروسيا نفسها إجباره على إخراج إيران وحزب الله من سوريا.
وأشارت إلى أن العلاقة بين النظام السوري وموسكو علاقة ندية وقائمة على الاحترام “فروسيا والصين تحترمان حلفاءهما”، وأكدت أنه “لا يمكن لروسيا أن تطلب من دمشق إخراج إيران أو حزب الله من أراضيها فهذا أمر غير مطروح بتاتاً”.
وفي أيار/مايو 2020، أكدت إيران أنها لن تغادر سوريا إلا إذا طلب النظام السوري منها ذلك، نافية في الوقت ذاته أي اتفاق فيما بينها وبين روسيا بخصوص مستقبل رأس النظام “بشار الأسد”.