ظهرت في السنوات الأخيرة من الثورة السورية عدة أفلام صنعها سوريون، استطاعوا من خلالها الوصول إلى مدارج السينما العالمية والخوض في مهرجانات مع كبار السينمائيين العالميين خارج منظومة “حزب البعث” والنظام السوري الذي احتكر الإعلام والفن وكل مفاصل الحياة.
في بداية الثورة السورية اقتصر صنّاع الأفلام على النمط الوثائقي أو التسجيلي، والذي يحاكي الواقع بلقطات حية، لكن للمخرج السوري “محمود الجبلي” وجهة نظر أخرى، فإلى جانب الأفلام الوثائقية التي صنعها، أراد أن يجسّد الواقع بصورة سينمائية درامية مستوحاة من قصص حقيقية.
فيلم “نفس” هو آخر ما يقوم المخرج “محمود” بتجهيزه مع مجموعة من رفاقه، حيث قال في حديث خاص لـ SY24: “رسالتنا في هذا الفيلم وفي جميع أفلامنا السابقة كانت عن الإنسان في ظل الحرب التي حُتِّمَت عليه، فيلم نفس يحكي عن عائلة في منطقة محاصرة مؤلفة من ولدين وأب وأم، وفِي جو محبة كبير بينهم، وأمل الخروج وفك الحصار، تتعرض العائلة للقصف بالسلاح الكيماوي، وتدور أحداث القصة لنتعرف على العائلة أكثر”.
أما عن اختيار اسم “نفس” لفيلمهم الجديد، قالت كاتبة السيناريو ومساعدة المخرج “رامه طحّان” في حديثها لـ SY24: “اسم الفيلم مستمد من التنفس، كون المصاب بالكيماوي يختنق ويموت ويذبح بلا دماء”.
“رامه طحّان” هي واحدة من الفريق الذي يعمل على صناعة الأفلام الدرامية السينمائية، ولطالما أراد هذا الفريق أن يقترب أكثر من قصة الإنسان السوري، وتقول طحّان حول طبيعة أفلامهم: “لم يكن الشهداء أبداً أرقاماً تُقرأ على عجل، الجثة الملقاة على الأرض في إحدى المجازر، لربما هي لفتاة كانت تبحث عن فستانٍ لزفافها بعد قصة حب طويلة، ولكنها زُفَّت بدل ذلك بالكفن”.
وأضافت: “الجنين الذي قُتِلَ في رحم أمه التي سقط منزلها فوق رأسها جرّاء صاروخ لربما كان أبوه متلهِّف لقدومه بعد سنوات عجاف”.
وعن دور السينما في تخليد القصص الإنسانية، قال محمود الجبلي: “يحلم الانسان طوال عمره أن تُخلد ذكراه بعد موته، ويحلم الجرحى أن يشعر العالم بجراحهم ويسمعون أنينهم حتى وإن لم يمد أحدهم يد العون، ويحلم المعتقل أن يذكُر أحدهم الندبات التي حُفرت على جسده أثناء التعذيب علّهم يثأرون له، من سينقل تلك الأوجاع غيرنا نحن صناع الأفلام”؟
وأضافت رامه طحّان إلى كلام جبلي قائلة: “السينما قادرة أن تزرع فينا رسائل وتخلدها للأبد والصورة السينمائية هي أقرب لعاطفة الإنسان وروحه من صورة الواقع”.
محمود جبلي، ورامه طحّان، لم يجمعهما العمل في صناعة الأفلام فحسب، بل إنهما زوجان أيضاً، يجمعهما قصة زواج ناجحة بحسب “محمود”، واجتمعا حول قصص “الإنسان السوري”، ليترجما بعيونهما السينمائية حكايات مستوحاة من واقعٍ يُعاش يومياً.