شنت قوات النظام السوري، مدعومة بعدد كبير من عناصر الميليشيات الإيرانية واللبنانية، حملة عسكرية ضخمة كان الغرض منها السيطرة على مدينة دير الزور بالكامل بعد خروج معظم أحياء المدينة عن سيطرتها، وتمركز عدد من فصائل المعارضة السورية داخل هذه الأحياء وإعلانها السيطرة عليها بالكامل.
قوات النظام السوري حاولت قبل تاريخ 25 أيلول 2012 اقتحام المدينة أكثر من مرة ولكنها لم تستطع، حيث تكبدت خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد، بالإضافة لخسارتها عدد من النقاط والمواقع العسكرية كان آخرها مفرزة الأمن العسكري في شارع سينما فؤاد في تاريخ 4 أيلول 2012، مما دفعها لاستقدام تعزيزات عسكرية ضخمة تمركزت في “معسكر الطلائع” عند المدخل الغربي للمدينة تحضيراً لعملية عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على هذه الأحياء.
ففي ساعات الفجر الأولى من صباح يوم الثلاثاء 25 ايلول 2012 استيقظ أهالي مدينة ديرالزور على أصوات إطلاق نار كثيف مصدره قوات النظام السوري والميليشيات المساندة لها التي باشرت باقتحام المدينة من جهة حي “الجورة”، وارتكبت مجزرة مروعة بحق أبناء المدينة راح ضحيتها أكثر من 500 شخص تم إعدامهم ميدانياً بالرصاص أو ذبحاً بالسكاكين ومن ثم حرقهم داخل منازلهم.
منصة SY24 استطاعت الحصول على عدد من الشهادات الحصرية لمواطنين نجوا من عمليات الإعدام التي قامت بها قوات “الحرس الجمهوري” في جيش النظام السوري، بالتعاون مع عدد من الميليشيات الإيرانية واللبنانية، بقيادة العقيد (علي خزام) والعميد (عصام زهر الدين) اللذان شاركا بارتكاب عدد من المجازر في مدن سورية أخرى مثل (مجزرة الحولة بحمص مجزرة داريا وبابا عمرو) وغيرها.
يقول أحمد، وهو ناجي من مجزرة الجورة والقصور، “عدت إلى مدينة ديرالزور قبل المجزرة بعدة أيام قادماً من إحدى دول الخليج حيث أعمل، وتفاجئت بهول ما يحدث في المدينة وقررت العودة بأسرع وقت، ولكني لم استطيع بسبب قيام الحرس الجمهوري بإعدامي ميدانياً داخل المؤسسة في شارع الوادي”.
وأضاف “تم اقتيادي مع أخوتي وعدد كبير من أبناء الحي إلى المؤسسة الاستهلاكية في شارع الوادي وقاموا بتغطية أعيننا بقطع من ملابسنا، وكان آخر شيء سمعته هو صوت أحد الأشخاص يتكلم بلغة غير عربية ويضحك وبعدها بدأوا بإطلاق النار”.
وتابع الشاب “أصبت برصاصة في وجهي غير أنها لم تكن قاتلة، وبقيت على هذه الحالة لمدة يومين إلى أن استطاع أبناء الحي سماع صوت أنيني ليقوموا بإخراجي وإسعافي، في حين أن جميع من معي قد قتلوا وكانوا قرابة 25 شخص بينهم أخوتي”.
وفي شهادة أخرى للشاب “محمد العبدالله”، أشار فيها إلى وجود عدد كبير من العناصر الأجانب كانوا برفقة الحرس الجمهوري أثناء عمليات اقتحام حي “الجورة”، يعتقد بأنهم “إيرانيين”، لأنهم كانوا متميزين عن باقي عناصر الحرس الجمهوري بسبب “لحاهم الطويلة وربطات حمراء وصفراء مربوطة على سواعدهم، بالإضافة إلى قيامهم بإعطاء التوجيهات والأوامر إلى بقية العناصر وارتكابهم أبشع الجرائم من قتل وحرق وتعذيب”.
وقال الشاب في شهادته لمنصة SY24، إن “العناصر الإيرانية واللبنانية يتميزون أيضا بحمل سيوف وخناجر وراء ظهورهم، حيث قاموا بذبح أكثر من شخص من أبناء حي الجورة وحي القصور، بالإضافة إلى ترديدهم شعارات طائفية وتدنيس الجوامع وحرق جثث القتلى بعد إعدامهم لإخفاء معالمها”.
وأضاف أنه “كان هناك قابلة قانونية تدعى أم زياد، وهي إمرأة طاعنة في السن تعدت 70 سنة، قام أحد عناصر الميلشيات الإيرانية بضربها بالسيف على وجهها فقط لأنها منعته من دخول منزلها مما أدى إلى إصابتها، ليقوم عنصر آخر بالإجهاز عليها رميا بالرصاص، وبعدها قام بسكب مادة البنزين فوقها وحرقها، وكانت هذه جريمة بشعة بحق إمرأة فاضلة ساعدت على توليد أكثر من نصف شباب حي الجورة”.
السيدة “هناء الطعمة” ذكرت في شهادتها لمنصة SY24، أن الناجين من أبناء حي “الجورة” لم يستطيعوا النوم لعدة أيام بسبب “رائحة الجثث المتعفنة التي قام عناصر الحرس الجمهوري بحرقها داخل المنازل والشوارع والمحلات التجارية، حيث منعوا الناس من الخروج لدفنهم أو إنقاذ الجرحى منهم”.
والجدير بالذكر أن مجزرة “الجورة والقصور”، والتي ارتكبتها قوات “الحرس الجمهوري” في جيش النظام السوري، بالتعاون مع عدد من المليشيات الإيرانية واللبنانية و”شبيحة” قرى الساحل العلوية، بحق أبناء مدينة ديرالزور بلغ عدد ضحاياها قرابة 500 شخص واكثر من 2000 مفقود، حيث تم إعدام الضحايا رمياً بالرصاص، أو ذبحاً بالسكاكين، أو حرقاً داخل المنازل، في ثاني أكبر وأبشع مجزرة ترتكبها قوات النظام بحق المدنيين في سوريا بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية.