شهدت المراكز الصحية والمستشفيات العامة في مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية”، خلال الأسابيع الماضية، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المراجعين المصابين بأعراض تسمم نتيجة شربهم من مياه نهر الفرات الملوثة، في ظل استمرار انخفاض منسوب نهر الفرات وتوقف عدد كبير من محطات تحلية المياه عن العمل.
المراكز الصحية في مدينة الرقة وريفها استقبلت خلال شهر أيلول وحده، أكثر من 5 آلاف حالة تسمم غالبيتهم من الأطفال، حيث تراوحت أعراض التسمم لديهم بين إعياء وصداع شديد وإسهال مزمن، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
وذكرت مصادر محلية، أن أسباب ارتفاع نسبة التلوث في مياه نهر الفرات يعود إلى الانخفاض الكبير في منسوب المياه وتوقف محطات تحلية وتصفية المياه عن العمل، بالإضافة إلى زيادة في نسبة النفايات التي يتم رميها في السرير النهري عبر مجارير الصرف الصحي، ومخلفات حراقات النفط الغير نظامية والتي تعمل بالقرب من مجرى نهر الفرات.
وأشارت المصادر إلى أن نسبة المياه في بحيرة سد الفرات في مدينة الطبقة انخفضت إلى حوالي 6 أمتار، مما يهدد بحلول كارثة بيئية وصحية في المنطقة، بالإضافة إلى الآثار السلبية التي تنعكس على الزراعة والحياة البرية والنهرية.
السيد “خالد الأحمد” وهو نازح من ريف ديرالزور يعيش في مدينة الرقة، ذكر أنه يضطر إلى شراء “المياه المعدنية المعلبة” من أجل طفلته الصغيرة على الرغم من ارتفاع سعرها، وذلك بسبب “انقطاع المياه المتكرر وتلوث المياه التي تبيعها الصهاريج المتنقلة”.
وقال الشاب في حديث خاص لمنصة SY24: “هناك مشكلة كبيرة في المياه تعاني منها مدينة الرقة، حيث أنها تنقطع لفترة طويلة بسبب عطل صغير يصيب الشبكة، في حين أن الورشات التابعة لمجلس الرقة المدني غير قادرة على إصلاح هذه الأعطال بشكل سريع وفعال”.
وتابع أن “العاملين في هذه الورشات يبذلون جهدهم لإصلاح الأعطال، ولكن الإدارة الذاتية لا توفر لهم الإمكانيات اللازمة على الرغم من وجود عدد كبير من الحفارات والتركسات لديها، غير أنها تقوم بإرسالها لحفر المتاريس والأنفاق في عين عيسى بدلاً من تقديم الخدمات اللازمة لسكان المدينة”.
وأوضح أن أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تلوث مياه الشرب هي قيام “أصحاب الصهاريج بتعبئة المياه في الصهاريج المخصصة لنقل المحروقات ومن ثم يقومون ببيعها للمواطنين، الذين يضطرون لشرائها لعدم وصول المياه إلى منازلهم، الأمر الذي تسبب بإصابة عدد كبير من سكان مدينة الرقة وريفها بالتسمم”.
من جهتها، ذكرت مصادر إعلامية مقربة من “مجلس الرقة المدني” التابع لـ “الإدارة الذاتية”، أن ورشات الصيانة استطاعت إصلاح أكثر من 75 بالمئة من الأعطال التي أصابت شبكة المياه في المدينة، والتي تضررت بشكل كبير بفعل العمليات العسكرية التي شهدتها خلال السنوات الماضية.
في حين طالب أهالي مدينة الرقة “الإدارة الذاتية”، بالعمل بشكل جدي في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، والإسراع في توفير محطات تصفية وتحلية مياه الشرب والاستمرار في صيانتها بشكل دوري، وذلك لتأمين المياه النظيفة للمواطنين والحيلولة دون إصابتهم بالتسمم أو بالامراض الناجمة عن شرب المياه الملوثة مثل (الملاريا والكوليرا وغيرها).