جائحة كورونا وتأثيرها على النساء السوريات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

تشابه كبير تشهده جميع المناطق في سوريا التي فرقتها الحروب وقصف النظام وحلفائه، لكن اليوم لا يوحدها شيء سوى جائحة كوفيد 19، والذي بات ارتفاع إصابته ووفياته ينذر بوقوع كارثة صحية كبيرة، حيث شهدت مناطق كثيرة ارتفاعا غير مسبوق في أعداد الإصابات مما أوصل نسبة الإشغال في غرف العناية المركزة بحسب الإحصائيات إلى نسبة 100%.

أعلنت معظم المنظمات الدولية والمحلية العاملة بقطاع الصحة، بأن الوضع الصحي للبلاد بات على حافة الانهيار بعد وصول الجائحة إلى ذروتها، ضاعف الأمر سوءً إصابة معظم الكوادر الطبية بالفيروس وتوقفهم عن العمل مما تسبب في شلل النظام الصحي.

حال المنطقة الشرقية من سوريا كحال جارتها من باقي المناطق، موجة من الارتباك والقلق تسيطر على غالبية الأهالي وتحديداً النساء منهم لتبقيهم في المنازل متسمرين أمام شاشات التلفاز وعلى أجهزة الموبايل منتظرين قرارات وزارة الصحة بإعطاء الأرقام الجديدة للإصابات بفيروس كورونا والتي ارتفعت بشكل متواتر في الأيام القليلة الماضية لتتوالى بعدها تصريحات رسمية عن حزمة من الإجراءات الإحتياطية للتقليل من انتشار الوباء.

الأثر الاجتماعي … الرعاية الصحية والذهنية

تحت وطأة الحرب ووباء عالمي طالت تداعياته جميع جوانب الحياة في سوريا، تحملت المرأة الوزر الأكبر من المخاطر وعلى جميع الأصعدة، فقد أصبح النساء يمثلنا الغالبية في مجتمع تتولى فيه المرأة مسؤولية رب الأسرة في معظم الحالات، كما أن غالبية حالات النزوح والتهجير داخلياً تتمثل بالنساء والأطفال، هكذا بدأت حديثها الناشطة النسوية سميرة .ع  من الريف الغربي بديرالزور في حديث خاص لها مع منصة SY24.

وقالت الناشطة، إنه “نتيجة لانتشار جائحة الكوفيد فرضت وزارة الصحة في إقليم الجزيرة والفرات قيود على الحركة والتنقل وإغلاق المدارس، مما اضطر الأطفال للبقاء في المنازل أو المخيمات، وأدى ذلك إلى انقطاعهم عن شبكات الدعم الاجتماعي، وزاد العبء الملقاة على عاتق المرأة، فوجب عليها تعليم أطفاله والترفيه عنهم وحمايتهم وتغيير نمط حياتهم في ظل ظروف معيشة صعبة، إضافةً إلى الضغوطات العامة فإنها تتعامل مع عبء مسؤولية رعاية كبار السن الموجودين في المنزل وتعرضها لخطر الإصابة حال إصابتهم، والأعباء المنزلية التي ازدادت أثناء فترة الحجر الصحي نتيجة لبقاء المزيد من الأشخاص في المنزل”.

وأضافت أنه “من خلال الجولات المتكررة لنا لمعظم المنازل في المناطق التي نعمل بها، لاحظنا أن النقص الشديد لمواد التطهير والتعقيم وارتفاع أسعارها. اضطر معظم النساء في الريف لخلط أنواع من المنظفات مع بعضها والتي أودت بهم للاختناق والتسمم، وفي كثير من الحالات تسببت لهم بتخرشات بالرئة أودت بكثير منهم للوفاة”.

الأثر الاقتصادي …

مع عدم وجود سلطة موحدة في البلاد وتفاقم الملحوظ بارتفاع الأسعار وتدني الوضع المعيشي، اضطرت معظم النساء إلى خلق سبل عيش مستدامة تساعدهم على تخطي صعوبات الحياة، أم سليمان” ربة منزل، أم لـ 4 أطفال تقييم في ديرالزور في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، أجبرتها الظروف للعمل في المنزل لمساعدة زوجها وأطفالها.

في لقاء خاص لها مع منصة SY24، تخبرنا بأنها بدأت مشروعي المؤونة المنزلية، والذي اعتمد فيه على الفواكه والخضروات الموسمية لكن مع انتشار الوباء وقرارات الحظر المتكرر يستغل التجار الوضع برفع الأسعار، وهذا يتسبب بفقدان للكثير من أنواع السلع والمنتجات من السوق بسبب احتكارهم لها”.

وأضافت أن “مشروعي يقوم على صناعة عدة منتجات وبيعها خلال موسم الشتاء، لكنني خلال هذا العام لم اتمكن من توفير جميع الأصناف بسبب إرتفاع أسعارها”.

وبالعودة لقطاع المؤسسات الحكومية ترى الطبيبة “سارة” المقيمة في مشفى الأسد بديرالزور، أنه ومنذ ارتفاع حالات الإصابة لم نستطيع مغادرة المشفى مع مجموعة من زملائي الممرضات والطبيبات، حرصاً منا لعدم نقل العدوى لمنازلنا في حال إصابتنا، إضافةً لعدم توفر أعداد كافية من الكوادر الطبية، وحين أجبرنا على المغادرة فأننا نلتزم بجميع التدابير الوقائية والاحترازية، مضيفةً مع كثرة التزام معظمنا بهذه الاحتياطات تسببنا بزيادة مخاوف وقلق أهلنا مع ظهور اضطرابات نفسية على قسم منهم، كل ذلك تسبب بانعدام حياتنا الاجتماعية.

يتباين تأثر النساء في الصراع، كما ينظر لهن كضحايا للوباء وليس كفاعلات قادرات على الاستجابة بسبب عدم وجود دخل ثابت لهن، وأن الوضع ازداد سوءاً في فترة الوباء، ويرجع ذلك إلى فقدان سبل العيش وارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب القيود المفروضة على السفر بين المناطق، فضلاً عن تضخم الليرة السورية.

تقول “لما الصالح” أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية شعاع الأمل في الريف الشرقي من ديرالزور , في مقابلة خاصة لها مع منصة SY24، إن “النساء كن في الصفوف الأمامية للاستجابة لجميع تحديات الحرب، وعلى الرغم من تحديات العيش في ديرالزور، إلا أن للنساء حركة فاعلة في تأسيس المنظمات والجمعيات المحلية التي تعمل على دعم قيادة المرأة ومشاركتها.

وتشير “الصالح” إلى أن “معظم النساء النازحات يحتجن إلى الدعم لإعادة بناء أنشطتهن، لكن هناك خطر يتمثل في أن تحويل جميع الموارد نحو الجهود المبذولة لمكافحة كورونا، والتركيز على الاحتياجات الفورية الناجمة عن الوباء، سيؤديان إلى انخفاض التمويل أو دعم مبادرات ومشاريع المرأة التي تسعى جاهدة لضمان المشاركة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية في سوريا”.

وتضيف “الصالح”، أنه “مع استمرار الصراع تبقى حماية النساء أمراً بعيد المنال , ولا سيما ما يتعلق بتقديم الدعم النفسي والاجتماعي”، وتؤكد أن “هناك حاجة ماسة إلى زيادة تمويل المشاريع والمجموعات النسائية المحلية لتمكينهم من العمل على طيف واسع من القضايا والمشكلات التي تواجههم”.

الجدير بالذكر بأن تأثير الوباء زاد من هشاشة النساء في سوريا مع اختلاف تجاربهن وأماكن تواجدهن جغرافياً، ووضعهن الاقتصادي والاجتماعي، والسلطة المحلية التي تسيطر على المنطقة التي يعيشن بها، ويظهر أثره واضحاً أكثر في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام ومخيمات النزوح، والتي في غالبيتها تفتقر لأدنى مقومات الاهتمام والرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة