“وعدني بالزواج بعد علاقة دامت أشهر، تعرفت عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وثقت به وبطريقة كلامه، أقنعني أنه يحبني ويخاف علي”.
بهذه الكلمات وقعت “مريم” البالغة من العمر 18 عاما، ضحية ثقتها بشخص مجهول الهوية تواصل معها عبر الشبكة الإلكترونية، أوهمها بالزواج وحصل على صور لها ومقاطع فيديو سجلها أثناء حديثهم، بدأ يبتزها ويزيد من طلباته
لخوف مريم من نشر صورها كما هددها، ومعرفة عائلتها بالأمر جعلها ترضخ لطلبات المبتز وترسل له مزيداً من الصور.
مريم ضحية واحدة من عشرات النساء اللواتي تعرضن للاستغلال والابتزاز الجنسي أو المالي، بسبب ثقتهم بأشخاص مجهولين بأسماء وهمية في فضاء الإنترنت، إضافة إلى غياب قوانين ملاحقة الجرائم الإلكترونية.
يقول “حسن الحسين” مدرب في مجال التوعية الرقمية لمنصة SY24، إن “أسباب جرائم العنف الرقمي هو غياب الرقابة القانونية على الإنترنت من قبل المؤسسات، وغياب الرقابة الأبوية على الأطفال والمراهقين، وسهولة إخفاء الهوية الرقمية، بالإضافة لضعف الوعي في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل ومخاطره”.
وساهم بذلك انتشار الأرقام الأمريكية، وهي عبارة عن أرقام وهمية تباع أكثر من مرة في السوق السوداء بسعر رخيص، لتفعيل حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في الوصول إلى أرقام النساء والتواصل معهن، حيث تظهر جهات الاتصال المسجلة على الحساب القديم للشخص المشتري الذي بدوره يتواصل مع الفتيات على أنه واحدة من صديقاتها.
وقعت “سمر” التي لم تبلغ من العمر 17 عاما، فريسة الأرقام الوهمية بعد تواصل شاب مجهول معها باسم إحدى صديقاتها، ظنت “سمر” أنها تتواصل مع صديقتها وأرسلت لها صوراً شخصية لتفاجئ أنه شاب مجهول بدأ يطالبها بمزيد من الصور وإلا سينشر صورها على مجموعة واتس خاصة بالشباب.
خوف “سمر” من الفضيحة وجهلها بأساليب الحماية الرقمية جعلها تغرق أكثر في طلبات المبتز حتى وصلت إلى مرحلة التفكير بالانتحار للخلاص من مشكلتها، حال سمر يحاكي حال عشرات الفتيات اللواتي يقعن في فخ برامج التواصل الاجتماعي ويفضلن الصمت.
يقول “الحسين” الذي يعمل في مجال التوعية الرقمية، إن “هذه الجرائم مسكوت عنها اجتماعياً وقليل من الأهالي أو الفتيات من يلجأ لفضح المبتز خشية الوصمة والعار، وهي من الجرائم المنتشرة بكل المجتمعات، بسبب انفتاح الفضاء الإلكتروني وسهولة التواصل عبر الشبكة العنكبوتية بأسماء وهمية ومعلومات مضللة”.
يقدم “الحسين” تدريبات لعدة فئات من المجتمع، بهدف رفع نسبة الوعي في استخدام الإنترنت بشكل آمن، بإنشائه “حقيبة تدريبية” متكاملة قدمتها رابطة المحامين كتدريبات في منطقة إدلب للعاملين في المجال الإنساني وعدد من المستفيدات.
يلخص الحسين عدة نصائح في مجال الحماية الرقمية وهي عدم مراسلة الأشخاص الغرباء، واستخدام برامج التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي يراعي المبادئ الأخلاقية والأعراف الاجتماعية، إضافة إلى رفع مستوى الحماية للحسابات الشخصية واستخدام برامج المصادقة الثنائية للحسابات كي تسرق، وعدم تنزيل تطبيقات مجهولة المصدر أو خطيرة، والأهم حسب الحسين عدم ترك صور شخصية في الجوال أو إرسالها إلا في حالات الضرورة.
يضيف أنه في حال وقوع الضحية في فخ المبتزين، ننصحها بأن تخبر أحد أفراد العائلة او المقربين الذين يمكنهم تقديم المساعدة والوقوف بجانبها وعدم الإنجرار وراء التهديدات أو تقديم مبالغ مالية للمجرم أو المتحرش وعدم الانصياع لرغباته.
“حنين السيد” مدربة في مجال الأمن الرقمي أيضا، أنشأت مجموعة على منصة الفيس بوك اسمها “كوني حذرة” موجهة للفتيات والنساء في جميع المناطق، وتضم المجموعة أكثر من 2000 سيدة.
تقول “حنين”، إن “هدفها توعية النساء لمواضيع الأمن الرقمي وكيف تحمي السيدة نفسها من الابتزاز والاختراق والاستغلال والفيروسات التي تلحق الضرر بالهواتف الجوالة”.
كما تطرح المجموعة عدة مواضيع متعلقة بفحص التطبيقات قبل استخدامها وماهي الأدوات التي يمكن استخدامها في العالم الافتراضي التي تكون أكثر أماناً.
تضيف حنين أن هناك إقبال شديد من السيدات على التوعية في الشمال السوري، بسبب تعرض العديد منهن لمشاكل الابتزاز والاختراق في ظل غياب قوانين تحميهن وتأخذ لهن حقوقهن، بالإضافة لتقديم النصائح والارشادات في مواجهة العنف الإلكتروني تقوم المجموعة بربط السيدة بجهات متخصصة تقدم لها مساعدة كبيرة لحل المشاكل التي نتجت عن تعرضها للابتزاز.