تستخدمها بعض النساء.. أدوية خطيرة انتشرت في السنوات الماضية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

عجز وقلق ومستقبل مجهول هو ما كان ومايزال عليه حال آلاف النساء من السوريات، حتى لو اتيحت فرصة التغيير للبعض منهن عبر السفر أو الحصول على عمل يبقى في المقابل الآلاف منهن دون تحقيق ما حلمن به.

لو روت المرأة السورية حكاية الحرب في بلادها ستفضح الكثير، فهي من دفع الفاتورة الأضخم في هذه الحرب، فقد كشفت المنظمات الحقوقية وشهادات ناجيات عن انتهاكات جسدية وجنسية خطيرة مما تعرضنا لها خلال سنوات الماضية.

معظم من تمكن منهن من الفرار إلى دول الجوار فقد خلفنا ورائهن أزواجاً أو أبناءً إما قتلى أو ينتظرون، وهناك في خيم النزوح فقد برز نوع آخر من الإتجار بهن، وفق تقارير حقوقية فأن عائلات كثيرة لجأت إلى تزويج بناتها القاصرات خشية تعرضهن للتحرش، أما القسم الآخر منهن فقد رافقهن شعور يعانين فيه من تدني احترام الذات والشعور بالوحدة والاكتئاب والعزلة، وغالباً ما يشعرون بالعجز.

وفي محاولة من بعضهن لتجنب هذه الحالات لجأت الكثيرات منهن للنسيان عن طريق تعاطي العقاقير النفسية الطبية والتي تصنف من قبل الأطباء في حال تناولها بكثرة على إنها عقاقير مخدرة.

الريف الغربي من ديرالزور

تقول الناشطة  “إلهام” لمنصة SY24، إن الإدمان على المخدرات ظاهرة اجتماعية جديدة تفشت في المجتمع السوري الذي يعاني من التمزق وويلات الحرب والصراع السياسي، لم تقتصر على مدينة أو شريحة أو فئة مجتمعية محددة كما أخذت تشهد انتشار داخل أوساط متعلمة وفي غالبية الأحيان محافظة، بعد أن باتت المهدئات وسيلة للكثير من النساء للهرب من هواجس الحرب نتج عنها حالات من الإدمان السري والفردي، فالكثيرات منهن يجدن فيها مساحة تتيح لهن الابتعاد عن الواقع الأليم”.

وتضيف الناشطة، “أجد معظم حالات الإدمان التي دخلنا بها النساء نتجت عن قلة معرفة لدى الكثيرات منهن، فمع ارتفاع أسعار الأدوية وعدم توافرها اضطر الكثير منا للتعامل مع العقاقير الطبية المسكنة والأرخص ثمناً، والمتوفرة لدى البقاليات ولا تحتاج إلى وصفة طبية لشرائها مثل المورفين والترامادول والتي شاع استخدامها بكثرة أيضاً أثناء سيطرة تنظيم داعش، لعلاج مصابيهم والتخفيف من آلامهم، مما سهل من توافرها في جميع المنازل”.

المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام

في محاولة للهروب من الواقع المرير الذي يعيشه الكثير من المواطنين السوريين الآن، صارت المُهدّئات من أكثر العقاقير بيعاً في الصيدليات السورية وفي غالبية المناطق على حدٍ سواء، وتفوّقت على مسكّنات الألم والمضادات الحيوية، فأغلب الصيدليات سارعت إلى تخزين كميات وافرة منها.

تقول “حنان” البالغة من العمر 21 عاماً: “كل يوم وفي وقت متأخر من كل ليلة، افتح صندوقي المعدني احتفظ به تحت السرير للتأكد من كمية الأدوية المسكنة المتوفرة لدي، ثم اتناول قرصاً لأتمكن من أخذ قسط من النوم”.

وأضافت أنها “بدأت التعاطي بعد فترة وجيزة من زواجي لأنني لم أكن سعيدة، زوجي عنيف لكن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة فرضت علي السكوت والاستمرار بذلك، أداوم على تعاطي عقار الفوستان منذ ثلاث سنوات بوصفة من الطبيب وهو مهدئ عضلي يمنع التشنّج حسب وصفة الطبيب يجب أن لا يزيد مقدار الجرعة عن ثلاث حبات أسبوعياً، لكنني أتناول حبة كل يوم، فأنا لا استطيع النوم بدونها”.

ففي حين تأتي مكافحة هذه العقاقير بطريقة خجولة بالتزامن مع غياب الرقابة على أماكن بيعها، بالإضافة إلى غضّ أصحاب بعض الصيدليات الطرف عن وجهة استخدامها، تنتشر ظاهرة التدخين والأرجيلة بين الشابات واليافعات منهن تحديداً.

في سياق آخر تخبرنا “أم محمود” في حديث خاص لها مع منصة SY24، “في البداية توقعت أنها مجرد أفعال صبيانية لجأت لها ابنتي للترويح عن نفسها، ثم ستتركها بعد فترة “كعادته مثل الأطفال عندما يبدؤون لعبة ما ثم يملّونها بعد ذلك، ولكن عندما وجدت أن الأمر استمر لعدة شهور وأصبحت ابنتي تكاد تحافظ على موعد الأرجيلة، حتى إنها جاءت بأرجيلة إلى البيت، وأصبحت تستخدمها في أوقات متقاربة، عرفت أن الأمر خرج عن كونه مجرد لهو وعبث صبياني، وعندما بدأت أحاول أن أكون حازمة في إصلاح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها السابق، اكتشفت أنني تأخرت كثيراً وأنه لم يعد من السهل على ابنتي ترك هذه العادة بل تجاوزها الموضوع لتظهر أخبار بعد فترة  تفيد بأن الشخص الذي تتعامل معه ابنتي لتأمين المعسل والنكهات الخاصة بالأرجيلة من أكبر تجار المخدرات في ديرالزور، وأن كثير من الاهالي أصبحوا يشكون بأنواع التبغ والمعسل التي كان يؤمنها لهم خوفا من أن تكون مضروبة”.

تخطت ظاهرة تعاطي المخدرات فئة الشباب منتشرة بين النساء، كما إنها تجاوزت الحدود المناطقية، تقول “مريم” معتقلة سابقة لدى تنظيم داعش، تناولت أول مرة حبة “الكبتاغون” بعد خروجي من السجن وتجنباً لوصمة العار التي ينظرها لي المجتمع وعدم دخولي بحالة من الاكتئاب، وجدت أن هذا أسهل طريق لأفقد إداركي بالواقع واستطيع نسيان ما مررت به.

وأضافت “كنت احصل عليها سابقاً بلا مقابل، لكن اليوم مع ارتفاع سعرها لم أعد أستطيع تأمينها، فبت أتعاطى العقاقير الطبية المخدرة مثل الاكستيسي، فرغم غلاء سعره إلا أنه متوفر في الصيدليات والمشافي العامة”.

مع إدراك الجميع لتفاقم هذه الظاهرة المرضيّة في المجتمع السوري، يظهر واضحاً غياب دور الجمعيات والمنظمات الإنسانية التي تعنى فيها، ويبدو أنه في خضمّ الحرب الدموية التي تشهدها البلاد، وأولوية تأمين مستلزمات الإغاثة والعلاج، يعتبر الكثير من الناشطين في الشأن العامّ أن العمل على متابعة هذه الظاهرة هو من الكماليات التي لا يملك المجتمع السوريّ ترف الاهتمام بها حالياً.

والجدير بالذكر إنه لا يوجد أي أرقام أو إحصائيات حقيقية تحدد بدقة عدد المدمنين من جميع الفئات أو حتى تقترب منه، كما لا يوجد إلا مركز صحي واحد يركز اهتمامه فقط على الحالات المتقدمة من الإدمان والذين تسببوا في أذية كبيرةٍ لأجسادهم وأدمغتهم، ويترك حالات أخرى لمواجهة مصيرها.

مقالات ذات صلة