تلقي الأوضاع الاقتصادية المتردية بظلالها على قاطني الغوطة الشرقية بريف دمشق، خاصة مع حلول فصل الشتاء ومصاريفه التي لا طاقة للأهالي على توفيرها، يضاف إلى كل ذلك موجة الغلاء التي تعصف بالمواد الغذائية وعلى رأسها الألبان والأجبان التي باتت من “الرفاهيات” حتى بالنسبة لسكان العاصمة دمشق.
وفي التفاصيل التي وافانا بها مراسلنا في دمشق وريفها، نقل عن الأهالي خشيتهم من شتاء قاسٍ هذا العام، نظرًا لأنه سيحمل لهم معاناة جديدة بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي يعيشونها.
واستطلع مراسلنا الأسباب وراء مخاوف الأهالي مع حلول الشتاء، ليتبين، وحسب قولهم، أن أكثر ما يقلقهم هو أن الشتاء بحاجة لمدافئ، فالكهرباء يتجاوز قطعها يوميا الـ 15 ساعة، ما يعني عدم تمكن الأهالي من استخدام المدافئ الكهربائية أو حتى الاستعانة بها خلال فصل الشتاء.
أمّا بالنسبة لمدافئ المازوت، فهي الأخرى أصبح بيعها في الأسواق ضئيلا جدا بسبب عدم توفر المازوت لاستخدامها، خاصة بعد وصول ليتر المازوت في السوق الحرة لأكثر من 3500 ليرة سورية لليتر الواحد، أي ما يعادل دولار أمريكي واحد لليتر.
وبسبب التكلفة الكبيرة لاستهلاك المازوت خلال الشتاء والتي تصل إلى أكثر من 80 %، فإن الكثير من العوائل في الغوطة غير قادرة على تحمل تكاليف التدفئة الكبيرة، إذ أن بعضها وفي حال أرادت استخدام مدفئة المازوت يلزمها ما يقارب الـ 5 ملايين ليرة شهريا كمصاريف شراء مادة المازوت.
“جود” شاب متزوج ولديه طفلان يعيش في بلدة مسرابا وهو من مدينة دوما، قال لمنصة SY24، إنه سيقوم باستخدام مدفأة الحطب التي لا زال يستخدمها منذ أكثر من 6 سنوات متواصلة، والهدف أنه سيقوم بشراء كميات قليل من الحطب بالإضافة إلى تشغيل أكياس النايلون وبعض الفضلات من “كرتون ، أكياس، علب بلاستيكية الخ….”.
وأضاف أنه “منذ قرابة الشهرين يقوم بتجميع جميع القطع التي تُستخدم للحرق في منزله، ويقوم بتجميعها وعدم رميها في القمامة بهدف استخدامها في الشتاء”، لافتا إلى أنه موظف في أحد معامل المواد الغذائية ويعمل كمحاسب لديهم، وراتبه لا يتجاوز الـ 300 ألف ليرة سورية شهريا، أي ما يعادل 85 $ فقط.
وزاد قائلًا إنه “منذ ثلاث سنوات كان يستخدم مدفأة صغيرة تعمل على الكهرباء، لكن بسبب الانقطاع الكبير والمستمر ولساعات طويلة لم يستطع الاعتماد عليها، خاصة وأن البرد يكون قاسيا مقارنة بالسنوات السابقة، الأمر الذي أجبره على اتباع طرق تقليدية وبدائية حتى في عملية الطبخ أو لاستخدام الحمام للاستحمام أيضا”.
وجال مراسلنا في أسواق الغوطة واطلع على أسعار المدافئ بالتزامن مع حلول فصل البرد وفق الآتي:
– مدفأة كهربائية “3 نيون” ماركة الريس 185.000 ليرة سورية.
– مدفأة كهربائية “3 نيون” ماركة هايكو 90.000 ليرة سورية.
– مدفأة كهربائية “2 نيون” 65.000 ليرة سورية.
– مدفأة كهربائية مع توربين هواء 220.000 ليرة سورية.
– مدفأة حطب صغيرة 70.000 ليرة سورية.
– مدفأة حطب كبيرة 90.000 ليرة سورية.
– مدفأة حطب سريعة للطبخ 60,000 ليرة سورية.
– مدفأة غاز 160.000 ليرة سورية.
– مدفأة مازوت كبيرة 260.000 ليرة سورية.
– مدفأة مازوت صغيرة 210.000 ليرة سورية.
وبالتوجه صوب العاصمة دمشق، نقل لنا مراسلنا من قلب أسواقها وعلى لسان بعض العائلات هناك، السخط الشديد من موجة غلاء الأسعار التي تضرب بجميع المواد الغذائية ومن بينها الأجبان والألبان، مبينًا أن هذه المواد أصبحت حلما لهم وبعضهم أصبحت من الرفاهيات في طعامهم، حسب ما نقل عن الأهالي أيضًا.
يأتي ذلك بعد أن وصلت أسعار الكغ الواحد لبعض أنواع الجبنة إلى قرابة 18 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 5 دولارات.
“أبو زياد” صاحب محل لبيع الألبان والأجبان في منطقة ركن الدين، قال لمنصة SY24، إنه “خلال الأشهر السابقة شهدنا خسائر كبيرة في محلنا بسبب قلة حركة بيعها للمدنيين وعدم.تمكني من الحفاظ عليها داخل البرادات، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والذي أدى لتلفها وعدم بقائها لأكثر من 5 أيام فقط”.
وأضاف أن “بعض مشتقات الحليب منها الزبدة أو القشطة أو جبنة القشقوان، تعتبر من الأصناف التي لا تحتمل قلة التبريد عنها مما يؤدي لتخريبها وتصبح غير قابلة للبيع، وبالتالي الخسارة”.
وأكد مراسلنا أن مادة القشطة والزبدة والقشقوان يعتبرون من الرفاهيات على موائد السوريين في ظل الارتفاع الكبير للأسعار وعدم توفر الكهرباء، وأن نسبة 45 %من سكان العاصمة لا يتناولون الجبنة والقشطة والحليب إلا مرة واحدة في الأسبوع مرة واحدة فقط.
وتابع مراسلنا جولته في أسواق العاصمة دمشق بعد أن حصل على التفاصيل من بعض الأهالي حول المواد الغذائية وبخاصة الأجبان والألبان، ورصد أسعارها في ظل الغلاء الذي يتم الحديث عنه وفق ما يلي:
كيلو اللبن 2400 ليرة سورية
كيلو اللبنة 7800 ليرة سورية
كيلو الجبنة البلدية “البيضاء” 11000 ليرة سورية
كيلو الجبنة الشلل 18000 ليرة سورية
كيلو الجبنة القشقوان 18000 ليرة سورية
كيلو الحليب 2000 ليرة سورية
كيلو القشطة البلدية 17500 ليرة سورية
كيلو الزبدة النباتي 14000 ليرة سورية
كيلو الزبدة الحيواني 35000 ليرة سورية
تجد الإشارة إلى أن ما تم رصده في أسواق دمشق وريفها حول أسعار مستلزمات الشتاء أو أسعار بعض المواد الغذائية، هو مثال واحد فقط يوضح موجة الغلاء التي تعصف بمناطق سيطرة النظام، إذ أن هناك الكثير من المواد الأخرى ارتفعت أسعارها لمستويات تفوق قدرة المواطنين على شرائها، وسط استمرار الأزمات الحياتية اليومية سواء أزمة المحروقات أو الكهرباء أو المياه وليس انتهاءً بأزمة الخبز وغيرها من الأزمات الخدمية والمعيشية الأخرى ومنها أزمة جائحة كورونا وامتلاء المستشفيات بالمصابين والمرضى، وسط عجز واضح من النظام وحكومته عن احتواء كل تلك الأزمات.