بسيطرة ميليشيا حزب الله على مساحات واسعة من بلدات القلمون الغربي بريف دمشق، خسر الأهالي مزارعهم وأشجارها المثمرة، نتيجة عمليات التحطيب واقتلاع الأشجار، المستمرة منذ سبعة أعوام، بعد سيطرة قوات النظام والحزب على المنطقة عام 2014.
تميزت بلدات جبال القلمون، بمناطقها الجميلة، ومصايفها الشهيرة، وجوها المعتدل صيفًا، والبارد شتاء مع تساقط كثيف للثلوج، لذا تعتمد على الحطب في التدفئة بسبب قسوة مناخها وبرودته شتاءً، كما تشتهر بزراعة الأشجار المثمرة كالتفاح والكرز والمشمش والتين والعنب، وتتركز الأشجار الحراجية في جرود وجبال المنطقة، كانت تشكل ثروة نباتية كبيرة، قبل أن يعيث “حزب الله” اللبناني وجيش النظام فيها فساداً وتحويلها إلى مساحات جرداء قاحلة.
من أهم وأشهر المدن والبلدات في القلمون الغربي، الزبداني، ومضايا، وسرغايا، وحوش عرب ورنكوس وعسال الورد والجبة، وهي مناطق متاخمة لمناطق نفوذ الحزب في لبنان، حيث استمات الحزب في السيطرة عليها منذ 2014 بعد عدة معارك طاحنة مع أبناء تلك المناطق، والتي انتهت بخروج المقاتلين وعائلاتهم إلى الشمال السوري، وسيطرة الميليشيا اللبنانية وقوات النظام على القلمون الغربي كاملاً وإحكام السيطرة عليه.
وقال مصدر مطلع من أبناء مدينة الزبداني لمنصة SY24، إن “حملات تقطيع واقتلاع الأشجار المثمرة والحراجية، الموجودة في المنطقة، وبيعها كحطب في السوق السوداء، مستمر منذ أكثر من ست سنوات، وتم بيعها في منطقة النبي شيت اللبنانية بعد قيام عناصر حزب الله بقطع الأشجار وبيعها منذ سيطرته عليها”.
وأفاد مصدرنا أنه “لم يعد اليوم في سهل الزبداني أشجار، بعد اقتلاع آلاف الدونمات منه، فخفت نسبة تجارة الحطب، وانتقل الحزب إلى مرحلة أخرى من مصادرة الأراضي وتجارة العقارات وشرائها وموضوع المخدرات، حيث تقوم ذات الشبكات التي اقتلعت الشجر بشراء الأراضي وتحويلها إلى معامل لصناعة الحبوب المخدرة”.
وأضاف أن “الموضوع تعدى تجارة الحطب وبيعه، وأصبح مرتبط بتجهيز القلمون الغربي لتمدد شيعي لبناني كسكن وإقامة، حيث أكد أهالي من مناطق طفيل وعسال الورد وحوش عرب، أنه يتم اليوم شق الطرقات الكبيرة، والتوسع بها على حساب قص الأشجار والثروة الحراجية من تلك البلدات”.
وذكر ناشط من بلدة “عسال الورد”، لمنصة SY24، أن “هذه العمليات تتم بمساعدة سماسرة من أهل البلد على رأسهم الشقيقين حسن وحسين دقو، أذرع حزب الله لتجارة وتهريب المخدرات، وبمساعدة شركة سيزر الإيرانية”.
وتصدر الواجهة حديثاً “حسين دقو” بعد اعتقال شقيقه “حسن دقو” من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في بيروت، مطلع نيسان الماضي، لارتباطه بعدة تهم أهمها تجارة وتهريب المخدرات، آخرها إلى المملكة السعودية التي طالبت باعتقاله.
حيث سهلا معاً عمل شركة “سيزر” باقتلاع شجر منطقة “طفيل” الحدودية أيضاً، التي تربطها علاقات نسب وقرابة مع السوريين كونها متاخمة للحدود، وقال مصدرنا إن “الشركة قامت باقتلاع الأشجار وهي مصدر رزقهم الوحيد، واغتصاب بعض الأراضي بالقوة، وحرق عدد من المنازل وتفجيرها لإجبار أصحابها على الهجرة واستكمال مشروعهم التوسعي في المنطقة”.
وكذلك تمت المباشرة بشق وتوسيع الطرقات في بلدة “عسال الورد” حارة “المختار” على نفقة المدعوين “حسين دقو وسمير خلوف” وتحت إشراف الفرقة الحزبية، بذريعة إعمار البلد لتغطي على عملية غسيل الأموال وتجارة المخدرات والأعمال المشبوهة على أراضي طفيل وعسال الورد.
في منطقة “الجبة” تتم يومياً سرقة وتحطيب أشجار اللّزاب الحراجية من جبال البلدة، حيث تقوم سيارات كبيرة بعد العشاء ليلاً بتحميل خمسة أطنان من الحطب يومياً، يقول من التقيناهم من الأهالي: إن “شجرة اللّزاب ثروة جراحية عمرها مئات السنين، وإن قطعها بهذا الشكل الجائر يساهم في انجراف التربة ووصول السيول إلى منازل البلدة”.
في “رنكوس” أيضاً، تم تحطيب نسبة كبيرة من أشجار المزارع من قبل عساكر النظام والحواجز القريبة من المزارع قدرها الأهالي بحوالي 80٪ من الأراضي التي أصبحت جرداء قاحلة، فيما يمنع الأهالي إلى اليوم من العودة إلى حقولهم والاستفادة منها أو الإقامة فيها منذ سيطرتهم عليها قبل سبع سنوات.
بلغ سعر طن الحطب اليوم 700 ألف ليرة سورية، يعجز كثير من الأهالي عن تأمين هذا السعر، بعدما سرق معظم شجرهم من أمام أعينهم، وبيع في المدن الأخرى.
يذكر أن عدد أشجار التفاح المثمرة في عام 2010 بلغ نحو 15 مليون شجرة بمساحة 49 ألف هكتار في مناطق القلمون، لم يبقَ منها اليوم إلا القليل، وبعض الجذوع اليابسة يستخدمها الأهالي كوقود في شتائهم البارد.