يمضي الشاب العشريني “سعيد” أكثر من عشر ساعات يومياً، أمام هاتفه الجوال، في خيمته بمنطقة “قاح” في ريف إدلب الشمالي، متنقلاً بين حساباته الوهمية في أحد تطبيقات الدردشة عبر الإنترنت.
يقول “سعيد” لمنصة SY24، إن “جمع وبيع الكوينزات التي احصل عليها من برنامج يلا شات، تأمن لي دخلاً جيداً، يصل أحياناً لمئة وخمسين دولار شهرياً، وهو مبلغ جيد لشاب أعزب مثلي”.
انتشرت طرق الربح في عدة برامج للدردشة عبر الإنترنت بشكل كبير في العالم، كان للشباب السوريين نصيباً في العمل عليها والربح منها، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الأهالي، سواء في مناطق سيطرة النظام أو ضمن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، كما هو حال “سعيد” ومئات الشباب والفتيات غيره.
“الكوينزات” عبارة عن عملة إلكترونية رمزية، خاصة ببعض التطبيقات يتم توزيعها في غرف الدردشة الجماعية، وهي عملة قابلة للبيع والشراء ضمن نطاق البرنامج الذي يقوم بتوزيعها، كبرامج “يلا لايف – هلا شات – لايف شات”، والتي تعد أشهر تطبيقات الدردشة المستخدمة في المنطقة، كونها تؤمن فرصة عمل للكثير من الأهالي.
يشرح “سعيد” آلية الحصول على الكوينزات في غرف الدردشة من خلال تجربته، ويقول لنا: إن “المشرفين داخل الغرف يقومون بتوزيع جوائز كهدايا، لجذب المستخدمين إلى غرف الدردشة، على شكل ملصقات لكل منها شكل وقيمة معينة من الكوينز، كالورود الحمراء والزرقاء، والسيارات الفخمة واليخت والفنجان، وغيرها من الهدايا، ثم تجمع قيمتها الوهمية، وتحول إلى أموال حقيقة بالدولار وترسل إلى المستخدم في أي بلد كان”.
قلة فرص العمل وتدهور الوضع المعيشي جعلت الأهالي تلجأ إلى تلك البرامج لتأمين مصروف عائلاتها، حيث زاد “سعيد” عدد الهواتف لديه في المنزل، وأنشأ عدة حسابات يدخل منها ليحقق مزيداً من قيمة ربحه الشهري.
لاقت برامج الدردشة إقبالاً كبيراً في مناطق سيطرة النظام أيضاً، حيث لعب اختلاف العملات دوراً في زيادة المبلغ، تقول السيدة “سهير” من سكان مدينة برزة بدمشق، والتي تعمل كمشرفة في وكالة بغرف الدردشة، إن “الوضع المعيشي السيء الذي يعيشه السكان في دمشق، وموجة الغلاء الفاحش، دفعت عدداً كبيراً من الشباب والنساء إلى العمل على برامج النت، لتوفير دخل معين يساعدهم في حياتهم اليومية، بعدما أصبح راتب الموظف لا يساوي وجبة غداء في أحد المطاعم”.
“سهير” أرملة وأم لطفلين يافعين، استطاعت من خلال هاتفها الجوال من داخل منزلها، أن تكسب شهرياً 150 دولار، تعينها في تلبية حاجات أسرتها، كما يعمل عدد كبير من أقاربها وأصدقائها ومحيطها بتلك البرامج.
تخبرنا “سهير”، أنها مسؤولة عن برنامج صوتي ودردشة، مهمتها الإشراف على الفتيات داخل الغرف وحل مشكلاتهن، وتنظيم التحديات مع الوكالات الأخرى، التي تزيد من فرص كسب الهدايا وتجميع الكوينزات وبالتالي رفع رصديهن الشهري”.
تحول المبالغ عادة عن طريق مكاتب الحوالة في دمشق، ولكن اختلاف تصريف الدولار حسب سعر المصرف المركزي، جعل” سهير” وفريقها تبحث عن طريقة أخرى، وهي تحويل باليد عن طريقة شبكة تصريف محلية سرية نوعاً ما، لتحويل النقود بعيداً عن المكاتب، لتضمن وصول المبلغ بقيمته الحقيقية حسب تصريف الدولار في السوق السوداء.