فجّرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية مفاجأة من العيار الثقيل بخصوص ملف إعادة الإعمار في سوريا، لافتة إلى الموقف الروسي والإسرائيلي من إيران بهذا الخصوص.
وأكدت الصحيفة العبرية المعروفة بقربها من صُناع القرار في “تل أبيب”، بأن “إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، هو مصلحة مشتركة بين موسكو وتل أبيب، وهذا أحد شروط إعادة إعمار سوريا”.
وتعقيبًا على ذلك، قال المؤرخ والمحلل السياسي “عمر الحسون الهاشمي” لمنصة SY24، إن ” إسرائيل تمتلك نفوذا دوليا وبالأخص في الإدارة الامريكية التي ستطلب اسرائيل عن طريقها حماية أمنها بإبعاد إيران عن الحدود الشمالية مسافة ثمانين كم على الأقل”.
وتؤثر إسرائيل، حسب “الهاشمي”، على الدول الراغبة في إعادة الإعمار التي لم تقبل دعوة روسيا لإعادة إعمار سوريا دون الحل السياسي السلمي، والذي وافقت عليه إسرائيل مقابل البقاء على رموز النظام في سوريا”.
وأضاف أن “روسيا تعمل لحشد أكبر عدد ممكن من الدول لإعادة الإعمار، ومع هذا لا زالت دول العالم وبالأخص الاتحاد الأوروبي ترفض إعادة الإعمار مالم يكون هناك حل للمشكلة السورية سياسيا، ويكون الإعمار مقابل الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه “في الأشهر الأخيرة، كثفت إسرائيل نشاطها في سوريا، وبلغ في 2020 أكثر من 400 صاروخ وقذيفة ذكية أطلقتها إسرائيل، وفي 2021 سُجل حتى الآن ارتفاع بأكثر من 25% في حجم السلاح الذي سقط هناك، والسنة لم تنته بعد”.
وتابعت “في المقابل فإن حجم النشاط الإيراني في سوريا لم يتغير بشكل دراماتيكي، الأمر الذي لم يلزم ظاهرا، إسرائيل برفع الوتيرة، فكمية الأهداف الإيرانية في سوريا هبطت بشكل جوهري منذ سنة، والتواجد الإيراني هناك، هبط بنحو 50 في المئة، مع الإشارة، إلى أن نوعية وكمية الوسائل القتالية التي أدخلتها طهران لسوريا تغيرت في صالح إسرائيل”.
وذكرت أن “التغيير الذي طرأ في الأشهر الأخيرة، لم يكن في طهران ولا في تل أبيب، وإنما في سياسة موسكو، فليس صدفة أن يطلب بوتين رؤية بينيت في نهاية الأسبوع الماضي”.
ورأت الصحيفة أن “روسيا توصلت إلى الاستنتاج، بأنه لتعزيز النظام في دمشق بما يضمن استمرار سيطرتهم في المنطقة، فهم بحاجة إلى أن يفتحوا سوريا للعالم الواسع ويحرروها من العزلة التي تمنع بدء إعادة إعمارها، وحتى الآن قضت الاستراتيجية الروسية؛ بداية السيطرة على الأرض ومن ثم إعادة البناء، أما الآن، هم يسعون قبل كل شيء لجني الثمار السياسية والاقتصادية لتواجدهم في سوريا، وشرط ذلك؛ تعزيز مكانة بشار الأسد وبدء الإعمار”.
ونبّهت أن “روسيا تمارس ضغطا على رأس النظام السوري (بشار الأسد) كي يسمح سلوكه بفتح أبواب أخرى إلى العالم، وإضعاف النفوذ الإيراني على نظامه، أحد الشروط اللازمة لفتح هذه الأبواب، وهنا توجد لإسرائيل وروسيا مصلحة مشتركة”.
وتابعت الصحيفة أن “الروس يشرحون لنا بأن الأسد بدأ يتعب من التعلق بإيران، التي تجعل ترميم سوريا صعبا، وبالتالي فإسرائيل ستضغط ليس فقط على الإيرانيين بل وعلى الأسد أيضا، من خلال المس بسيادته كي تساعده على أن يقرر أنه ليس مجديا له مواصلة الالتصاق بالإيرانيين، وهكذا تجد إسرائيل وروسيا نفسيهما في جانب المتراس ذاته، إلى أن يقرر الروس خلاف ذلك”.
ووسط كل ذلك، تواصل إسرائيل استهداف المواقع الإيرانية في سوريا والتي كان آخرها، قبل أيام، حيث طالت الغارات الإسرائيلية وفي وضح النهار، مواقع تتواجد فيها الميليشيات الإيرانية في اللواء 94 في منطقة الديماس، والمطار الشراعي في الديماس، وضاحية قدسيا، وقاعدة المزة الجوية.
يذكر أن إسرائيل أعلنت في وقت سابق أن عملياتها ضد القوات الإيرانية لن تتوقف، قبل مغادرة الأخيرة الأراضي السورية.
ومنتصف العام الماضي 2020، كشف مصدر أمريكي مسؤول عن شروط الولايات المتحدة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار في سوريا.
وقال المبعوث الأمريكي إلى إيران “براين هوك” في تصريحات صحفية، إن “الدول المانحة ونحن لن ندفع فلساً واحداً في إعادة الإعمار حتى نرى خروجاً كاملاً للميليشيات الإيرانية من سوريا”.