“في طريقي إلى الجامعة بمنطقة البرامكة في دمشق، أقطع المسافة من بيتي بالحجيرة على صوت عال، يصدح من أحد المحلات في الشارع، بتراتيل شيعة وأغاني مستفزة، أركب في السرفيس لأتخلص من هذا الأذى الصباحي، وإذ بأغنية شيعية أخرى تشاركنا ضيق المكان وتسيطر على مسامعنا.. أصل الجامعة بعد شحن صباحي أسود، لأسمع نفس النغمات والموسيقى والكلمات تتهافت من نغمات الموبايل لكثير من الشبان، وترتفع أصوات المواويل ذات الطابع الشيعي في عدد من الأكشاك التجارية”.
هكذا يبدو صباح طالبة الحقوق “مريم” اسم مستعار لأسباب أمنية، تقيم في الحجيرة بدمشق، تخبرنا “مريم” أن ازدياد ظاهرة التشيع بين الشباب بلغت حداً كبيراُ، خاصة في آخر سنتين إذ أصبح الجهر بالتشييع مدعاة للمفخرة والهيبة بين الشباب.
عشر سنوات من تغلل المليشيات الإيرانية المقاتلة وعناصر حزب الله، اللبناني بتسهيل من النظام السوري، آتت أكلها اليوم في إحداث تغيرات بطبيعة التركيبة السكانية للبلاد بشكل كبير، ولم يعد الغالبية السنة يمثلون سوى نصف السكان بعد أن كانوا الأكثرية، ليس بسبب هجرة ولجوء ملايين السكان خارج القطر، بل أيضاً نتيجة استراتيجيات نابعة من نهج طائفي مصدره النظام باستجلاب عناصر شيعية وتوطينها في البلاد.
ليست “مريم” من تشعر بتحول عارم في تركيبة السكان، تقول لنا: إن “كثيرا من سكان دمشق يمتعض من هذا التمدد الشيعي العلني، ولكن لا قدرة لهم على فعل شيء سوى التحسر بصمت أو مغادرة البلاد كما فعل اثنين من أشقائي”.
تضيف أنها “تشعر بحزن عميق، كيف أصبحت دمشق عاصمة الأمويين العريقة، كأنها محافظة إيرانية سوداء قاتمة”.
زاد انتشار الحسينيات، والمساجد الشيعية، والأغاني والنغمات، الاحتفالات التي تغزو الشوارع في كل مناسبة شيعية، من سطوة المد الشيعي، وأغرت عدداً كبيراً من الشباب للانضمام إليهم، بشكل علني بعد أن كان سرياً في أول الأحداث.
في حديثها لمنصة SY24، قالت “مريم”، إن “ثلاثة شبان من أبناء عمومتها وأقاربها قد تشيعوا، ومنهم من التحق بصفوف المقاتلين، لما يغدقون عليهم من أموال وأسلحة وميزات إضافية تجذب الشباب للانضمام إليهم”.
يشرف قيادات من ميليشيات حزب الله وإيران على نشر الثقافة الشيعية في المنطقة عن طريق إحداث أجسام ومعاهد تابعة لهم وبدعم من المستشارية الإيرانية في دمشق، كمعهد الشام الإسلامي، ومعهد رقية، كتائب أبي الفضل العباس وغيرها من الهيئات التي تدرس الفكر الشيعي للجيل الناشئ.
ليس بعيداً عن العاصمة السورية، تشهد مناطق القلمون بريف دمشق، تغلغلاً شيعياً واضحاً، بعد سيطرة الحزب على مناطق واسعة من الأراضي والعقارات في المنطقة، وتحويلها إلى مصانع للمواد المخدرة وزراعة الحشيش، والترويج له، بمساعدة سماسرة من أهل البلد بعد إطلاق يدهم لإغراء الأهالي بالبيع بالترغيب أو الترهيب واستمالتهم إلى اعتناق المذهب الشيعي مقابل مبالغ مالية وامتيازات أخرى.
تقول لنا مصادر مطلعة من أبناء المنطقة، إن عائلات كثيرة قد تشيعت، وتنشر الفكر الشيعي بين الأهالي، ولم يعد الأمر يخفى على أحد، وجود ميليشيات محلية من أبناء المنطقة برعاية حزب الله وإيران في القلمون ليست أمراً جديداً، فجميع بلدات القلمون خاضعة لسيطرة النظام والميليشيات الإيرانية منذ أعوام، استطاعت تجنيد عدد كبير معها نتيجة “المصالحات”، وبدأ وكلاء الشيعة بنشر التشيّع، وتقديم مغريات مادية وسلطوية كبيرة، حيث تعتبر إيران نشر التشيّع في القلمون استثمار بعيد المدى، ستتمكن من خلاله إحكام سيطرتها على جانبي الحدود السورية – اللبنانية.