استلم أخيراً “أبو مصطفى” من سكان حي الميدان بدمشق، حوالة مالية من أمام مركز الهرم في منطقة السبع بحرات، بعد انتظاره داخل طابور طويل لأكثر من ساعتين، يقول الرجل الخمسيني “أبو مصطفى” في حديث خاص لمنصة SY24 “إن ابنه يرسل له مبلغاً مالياً كل شهر من ألمانيا، تعيينه في شراء حاجات المنزل ومصاريف دراسة أبنائه في الجامعة، حيث أن راتبه التقاعدي لم يعد يكفيه مصروف أربعة أيام فقط”.
يعتمد “أبو مصطفى” وآلاف الأسر في سوريا، على الحوالات المالية التي تصل من الخارج بعد تدهور الوضع المعيشي في البلد، وارتفاع الأسعار وانهيار الليرة السورية.
ذكرت تقارير إعلامية روسية، أن “70 بالمئة من السوريين يعيشون على الحوالات المالية، حيث يدخل 5 ملايين دولار يومياً إلى البلد، من عدة دول أهمها ألمانيا وتركيا والسويد والإمارات، عن طريق مكاتب التصريف والحوالات المنتشرة بكل المحافظات والمدن السورية بشكل كبير”.
تستلم “سوسن” من سكان مدينة التل بريف دمشق مئتي دولار شهرياً، من زوجها المقيم في السويد، عن طريق مكاتب الحوالة، وتفضل القريبة من منطقة سكنها.
تقول “سوسن”: إن “المبلغ لا يصل بقيمة الدولار الحقيقية، بل بسعر تصريف البنك المركزي الذي يختلف كثيراً عن سعر الصرف، كما أن أجرة التحويل المقتطعة ارتفعت مؤخراً عن قبل وبذلك لا يصل إلى يدي نصف المبلغ المرسل”.
تفقد الحوالات المالية المرسلة بشكل نظامي عبر مراكز التصريف قسما كبيراً من قيمتها، بسبب اختلاف سعر صرف الدولار، ما جعل عدداً كبيراً من الأهالي يلجأ إلى طريقة غير نظامية لاستلام حوالته، تسمى “التسليم باليد”.
غالباً ما تكون سرية وتتم بحذر للغاية، حسب ما أخبرنا به “غسان” وهو اسم مستعار لشاب من سكان حي برزة، يعمل في توصيل الحوالات المالية للأشخاص مباشرة، ويخفي اسمه حتى مع زبائنه كي لا يتعرض للمسائلة والاعتقال.
استثمر “غسان” أمواله في توصيل الحوالات المالية لأصحابها منذ فترة، كفرصة عمل توفر له دخلاً معيناً، يقول لنا: “أعمل مع شبكة من الأشخاص في أكثر من منطقة، بتسليم الأموال، مقابل نسبة معينة، تقريباً خمسة دولار عن كل مئة دولار، ونحسب التصريف بسعره الحقيقي دون نقصان”.
تفضل “منال نزيه” لاجئة في ألمانيا، هذه الطريقة عند إرسال الأموال إلى أهلها وأشقائها في دمشق، حيث تصل المبالغ كاملة ودون انتظار في الطوابير أمام محلات الصرافة، تقول لنا: “تعرفت عن طريق صديقتي على شخص ذو ثقة، يسلم الحوالات المالية باليد، وهكذا أضمن أن المبلغ كاملاً يصل إلى أهلي دون سرقة البنوك والمراكز”.
يقول من التقيناهم من الأهالي “إن الحوالات المالية من أبنائهم أقاربهم، وباتت مصدر دخلهم الوحيد وقد سترت حالهم في ظل الغلاء الفاحش الذي طال كل مستلزمات الحياة، دون ارتفاع قيمة الدخل أو تحسن الرواتب” حيث ما يزال متوسط راتب الموظف الحكومي 70 ألف ليرة أي ما يقارب 25 دولار فقط.