تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، شريطا مصورا لرجل ستيني من أبناء محافظة الحسكة، وهو يبيع ستة رؤوس من الأغنام بمبلغ 30 ألف ليرة سورية (5000 ليرة مقابل كل رأس غنم)، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف الحيوانية وعدم توافر المراعي المناسبة لها نتيجة انحسار الأمطار عن المنطقة وتعرضها للجفاف الحاد.
وقال الرجل الذي ينحدر من قرية “الحدادية” في ريف الحسكة الجنوبي، إنه اضطر إلى بيع أغنامه بهذا السعر الزهيد من أجل “شراء مادة العلف وإطعام بقية القطيع الذي يعاني من الجوع بسبب عدم قدرته على شراء مادة العلف لهم، في ظل الارتفاع الكبير في أسعاره وعدم توفره بشكل دائم في السوق المحلية”.
ظاهرة بيع الأغنام والمواشي بأسعار زهيدة بدأت بالظهور بعد انخفاض معدل الهطولات المطرية وموجة الجفاف الحادة التي ضربت مناطق شمال شرقي سوريا، والتي تسببت بانحسار مساحات الرعي الضرورية للمواشي، إضافة لتضرر المحاصيل الزراعية في المنطقة، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على إنتاج الأعلاف وفقدانها من السوق المحلية وارتفاع ثمنها.
حيث انتشرت عدة حالات فردية لبيع الأغنام والمواشي بأسعار زهيدة في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرقي سوريا، حيث يترواح ثمن رأس الغنم الواحد في هذه الحالات بين 40 ألف و60 ألف ليرة سورية، في حين تم بيع بعض رؤوس الغنم في ريف الرقة وريف ديرالزور الغربي في الشهر الماضي بمبلغ 30 ألف ليرة سورية.
وذكرت مصادر محلية، أن ظاهرة بيع الأغنام بأسعار زهيدة مقابل شراء الأعلاف لبقية القطيع لم تؤثر بشكل مباشر على الأسعار المواشي في سوق “الماكف” في مناطق شمال شرقي سوريا، حيث يباع الخروف الواحد على حسب وزنه ويتراوح سعره بين 120 إلى 180 ألف ليرة سورية (بسعر 9000 ليرة سورية للكيلو الواحد)، ويصل ثمن النعجة الصغيرة إلى حوالي 40 ألف ليرة في بعض الحالات.
وأشارت المصادر ذاتها إلى استمرار ارتفاع أسعار الأعلاف في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث بلغ سعر كيلو الشعير 1600 ليرة سورية، بينما بلغ سعر كيلو التبن الذي يعتمد عليه أغلب مربو الماشية في المنطقة إلى حوالي 1300 ليرة سورية، في الوقت الذي سجل فيه كيلو الذرة الصفراء حوالي 1400 ليرة سورية.
“محسن الجاسم” وهو أحد مربي المواشي في بلدة “البريهة” بريف ديرالزور الشرقي، ذكر أنه “اضطر مع غيره للذهاب لسوق الماشية وبيع عدد من خراف قطيعه وبسعر اقل من سعرها في السوق، وذلك لأنه لم يعد باستطاعته تأمين العلف الكافي لها، في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف وعدم توفر مراعي مناسبة لها في المنطقة”، على حد تعبيره.
وقال في حديث خاص مع منصة SY24، إن “الموسمين الماضيين كانوا من أسوأ المواسم التي مرت على المنطقة منذ عشرات السنين، وذلك لضعف الهطولات المطرية و انحسار نهر الفرات والذي أثر بشكل مباشر على المزروعات والمحاصيل الزراعية والتي أثرت بدورها على الأعلاف الضرورية للمواشي”.
وأضاف “اعتقد أن الثروة الحيوانية في المنطقة مهددة بشكل كبير في حال استمر الوضع على ما هو عليه، مما يهدد بنفوق آلاف رؤوس الغنم في حال لم تقم الإدارة الذاتية بتوفير مادة العلف لمربي الماشية وبأسعار مدعومة”.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة “تطوير المجتمع الزراعي” التابعة لـ “الإدارة الذاتية” أنها بصدد دعم مربي الماشية في المنطقة الشرقية، بمادة “النخالة” الناتجة عن المطاحن التابعة لـ “الشركة”، وذلك عن طريق تخصيص كمية 15 كيلو من “النخالة” للرأس الواحد من الغنم خلال الشهر، عبر “لجان وهيئات الزراعة والثروة الحيوانية الموجودة في مدن وبلدات شمال شرقي سوريا”.
وطالب مربو الماشية “الإدارة الذاتية” بتوفير مادتي الشعير والتبن في الأسواق المحلية بسعر مدعوم، بالإضافة إلى توفير الأدوية والمعدات الطبية داخل العيادات البيطرية وتأمين العلاج اللازم للمواشي، وذلك للحد من عدد الوفيات داخل قطعان الماشية ولتلافي الخسارة المادية التي تلحق بهم.
يشار إلى أن سعر كيلو لحم الغنم الواحد في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرقي سوريا، يباع وسطياً بمبلغ 24 ألف ليرة سورية، في حين يباع كيلو الغرام الواحد من لحم العجل وسطياً بمبلغ 19 ألف ليرة سورية، وهي أسعار رخيصة نسبياً مقارنةً بأسعارها في مناطق سيطرة قوات النظام السوري على الضفة المقابلة لنهر الفرات.