ساهم ارتفاع أسعار الذهب في سوريا، بتقليل نسبة الإقبال على شراء المصاغ الذهبي للعروس، عند التحضير لمراسم الزواج، في حين كانت تتباهى العائلات بكمية الذهب الذي تلبسه العروس ليلة زفافها، ولا تكتمل فرحة العرس إلا بطقم كامل من الذهب.
اكتفت الشابة “آلاء عدنان 19عام” من ريف دمشق، في حفلة خطوبتها بمحبس وحلق خفيف من عيار 18، بمبلغ لا يتجاوز 800 ألف ليرة سورية، تقول “آلاء”: إن “حظها أفضل بكثير من باقي صديقاتها اللواتي تمت خطبتهن منذ فترة، حيث اقتصر تجهيز الذهب لديهن على محبس وساعة فقط، بقيمة 300 ألف ليرة”.
وتضيف أن “الحالة المادية اليوم لأغلب الشباب المقبلين على الزواج لا تسمح بشراء مصاغ ذهبي كالسابق، فما كانت تلبسه العروس قبل عشر سنوات يحتاج ثلاثة ملايين ليرة لشرائه اليوم، عدا عن تجهيزات العرس والمسكن والملابس”.
يتوقف شراء الذهب على الحالة المادية للشاب والعادات والتقاليد المجتمعية للعائلة، إذ لا يوجد حد معين لشراء المصاغ الذهبي، كحال الشابة آلاء وكثير من الفتيات اللواتي استغنين عن طلب كمية كبيرة من الذهب كما جرت العادات الاجتماعية، لإتمام مراسم العرس بسبب الوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
يقول صاحب محل صياغة وبيع الذهب في مدينة التل بدمشق، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن “هناك تراجع كبير في شراء الذهب من قبل العرسان، وأكثر الحالات التي تشتري الذهب يكون العريس مغترب يرسل لأهله مبلغاً كبيراً لشراء الذهب، كالطوق والحلق والأساور والخواتم، وكذلك كان الإقبال على شراء الذهب من قبل عدد من الأهالي للحفاظ على أموالهم بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية”.
في شمال سوريا بمحافظة إدلب لا يختلف الأمر كثيراً عن باقي المحافظات السورية، إذ تشهد محلات الذهب والصياغة ركوداً وضعفاً في الإقبال على شراء الذهب حسب ما أخبرنا به الصائغ “أبو غسان” صاحب محل مجوهرات الخير في مدينة سرمدا شمال إدلب.
يقول “أبو غسان” في حديث خاص مع منصة SY24، إن”نسبة شراء الذهب الحالية في إدلب لا تتعدى 15٪ بينما الإقبال على بيع الذهب من الأهالي بنسبة 85٪ بسبب الأوضاع المعيشية المتردية لغالبية السكان”.
ويضيف أن “متوسط المبلغ الذي يدفعه غالبية الشباب المقبلين على الزواج لشراء المصاغ 500 دولار، حيث تكفي لشراء محبس وخاتم أو حلق، وقليل جداً من يشتري بألف دولار مصاغاً ذهبياً”.
يؤكد من خلال عمله في الصاغة وبيع المجوهرات أن النسبة الكبيرة التي تقبل على شراء الذهب هم من الشريحة ذات الدخل المرتفع كالأطباء وبعض موظفي المنظمات، كنوع من الحفاظ على أموالهم، بالإضافة إلى الفتيات اللواتي تمت خطبتهن إلى المغتربين خارج البلاد.
في حديثه عن سعر الذهب يقول “أبو غسان”، إن “الذهب حافظ منذ ستة أشهر على قيمة تتراوح بين 48 و51 دولار للغرام الواحد، حيث يسجل الذهب اليوم 50.25 دولار للعيار 21، ويضاف إلى كل قطعة ثمن المصاغ والشغل، وهي نسبة مختلفة حسب نوع القطعة وحجمها وشكلها، فيما يقبل بعض الأهالي على شراء الذهب المستعمل كون قيمة المصاغ أرخص من الجديد، بل أحياناً يكون البيع بلا مصاغ أبداً كنوع من تحريك السوق والبيع والشراء”.
ارتفاع أسعار الذهب في سوريا، بالإضافة إلى جميع نفقات العرس، جعل كثير من الشباب، يفكرون في الهجرة بدل الزواج وساهم بشكل أو بآخر في زيادة نسبة العنوسة لكلا الجنسين.
الشاب “منهل سيفو 37 عام ” مهجر من ريف دمشق إلى الشمال السوري، لم يتمكن من الزواج إلى اليوم، بسبب الغلاء المعيشي، وارتفاع تكاليف المهر والذهب وباقي متطلبات الزواج، يتساءل في حديثه إلينا قائلاً: “كيف لعامل مثلي بأجرة لا تتجاوز 30 ليرة يومياً، أن يؤمّن كل متطلبات الزواج ويشتري الذهب ويدفع المهر؟”.
تواجه شريحة كبيرة من الشباب في سوريا حالها كحال “منهل”، في ظل التدهور الاقتصادي والبطالة وقلة فرص العمل، صعوبات عدة في الإقبال على الزواج إحداها ارتفاع أسعار الذهب وعجزهم عن شرائه.