تُشير أصابع الاتهام إلى روسيا بالتسبب في زيادة وتيرة الأحداث الأمنية وحالة عدم الاستقرار في محافظة درعا جنوبي سوريا.
جاء ذلك حسب ما ذكرت مصادر خاصة لمراسل منصة SY24 في درعا، والتي أكدت ارتفاع وتيرة الأحداث بعد تصريحات لافتة للانتباه وتطرح العديد من التساؤلات صادرة عن وزارة الدفاع الروسية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية “حذّرت من أن قادة (جماعات مسلحة) في سوريا يخططون لشن هجمات في 4 محافظات وهي حمص ودمشق ودرعا السويداء”، حسب زعمها ووصفها.
وادّعى نائب مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا والتابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري “أوليغ جورافليوف” في بيان: “المعلومات الواردة تفيد بأن زعماء من (العصابات المسلحة) المختفية يخططون لتنفيذ عمليات تخريبية تستهدف الموظفين والمنشآت للحكومة في أراضي محافظات حمص ودمشق ودرعا والسويداء”.
ويرى مراقبون أن الروس يتجاهلون ما يجري في مناطق النظام من أزمات اقتصادية ومعيشية فاقت قدرة المواطنين على تحملها، يضاف إليها قرارات النظام العشوائية التي فاقمت أيضًا من الأزمات ودفعت بهم للخروج إلى الشوارع بمظاهرات ووقفات احتجاجية خاصة في محافظة السويداء، يضاف إليها حالة السخط الشعبي في كثير من المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام وميليشياته وحتى التي تتواجد فيها روسيا، على الأوضاع المعيشية.
وكانت “بثينة شعبان” مستشارة رأس النظام السوري “بشار الأسد”، هاجمت قبل أيام، الاحتجاجات الشعبية الأخيرة الرافضة لقرارات النظام وحكومته، معتبرة أنها تصب في مصلحة إسرائيل، ومطلقة أوصافاً مثل “الطابور الخامس” على الأفراد المتذمرين من تدهور الأحوال الخدمية والاقتصادية في البلاد، حسب مصادر متطابقة.
وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي “فراس السقال” لمنصة SY24، إن “تاريخ روسيا الأسود لا يُبشر بأيّ خير تدعيه، فالمتابع للسياسة الروسية يلاحظ الكذب والنفاق الذي تمتهنه باحترافية وإدمان في كلّ بلد دخلته حرباً أو سلماً، وعلينا ألا ننسى أنّ سياسة عائلة الأسد من الألف إلى الياء هي نِتاج الفكر الروسي الذي تبناه حزب البعث في سورية، لذلك نجد ذلك الانسجام بينهما، وعدم الاستهجان من أي تصرف إرهابي جديد يمارسه كلّ منهما”.
وأضاف أن “ممارسات المحتل الروسي في سورية يزيد رصيده الإجرامي، ومن الجيد أن يُفضح النظام الروسي أمام العالم بأسره، لما ينتهجه من الانتهاكات منذ عشر سنوات في سورية بحق الأبرياء فيها، فعندما دخلتْ روسيا بقواتها اتبعت سياسة الحصار والتجويع والاعتقال والأرض المحروقة، وبعد ذلك خرجتْ لتلمّع نفسها على أنّها راعية وعرابة المصالحات والتسويات الداعية للسلام، وتبعتْ كلّ ذلك بزرع الجيوب الإرهابية في المناطق المصالِحة، وبعد ذلك جاءتْ تستشرف بأن تكون القاضية على ما تدعيه من الإرهاب”.
وتابع “من سياستها أيضاً عندما تجد أي مقاومة للظلم أو عدم الرضوخ لشروط التسويات (المذلة) تقوم بزرع القلاقل والفتن بين النّاس، فتستبق ما تُبيته من الشرور، كأن تدعي أنّها حصلتْ على معلومات استخباراتية بوجود مجموعات لا تريد بقاء الحالة التصالحية والتسوية (الفاشلة) والهدوء بين الشعب والنظام وتريد زرع الفتن، فتكون تلك الادعاءات تبريراً لما ستقدم عليه لاحقاً من المداهمات والاقتحامات والاعتقالات والتهجير والقصف والتدمير”.
ومضى قائلًا: “أظن حسب هذه الأخبار الواردة من روسيا أنّها عازمة في تصعيد الأوضاع، بشنّ هجمات متفرقة بممارسات إجرامية مختلفة، متذرعة بالقضاء على الإرهاب والحفاظ على ضبط النفس، وأرجو أن تكون تلك الحماقات القاسمة لها، فملفها ما عاد يتحمل أكثر مما أقترفتْ. وغالباً يكون التوتر الروسي عقب فشل ذريع باءت به سياسياً أو عسكرياً، فيكون التصعيد ورفع الصوت ستراً لعورتها التي فُضحت، ولفت النظر إليه دون غيره من الإخفاقات”.
وختم قائلًا “أمّا بالنسبة لشعبنا السوري الحر الواعي فلديّ يقين جازم بأنه لن ينخدع بما يقوله المحتل الروسي، فوعي شعبنا وخبرته في ممارسات المحتل أكبر وأعظم من أن تمرّ عليهم تلك الخدع والأكاذيب المؤدية إلى المزيد من الضعف والانقسام بين صفوف أبنائه الرافضين لنظام الأسد المجرم وكلّ حلفائه من المحتلين والمرتزقة وممارساتهم الآثمة”.
وفيما يخص الأحداث الأمنية التي تشهدها وما تزال محافظة درعا، فقد وثقت منصة SY24 وعبر مراسلها في المنطقة الجنوبية الكثير من التطورات بالتزامن مع “الادعاءات الروسية” وأهمها:
استهداف مجهولين بعبوة ناسفة سيارة تتبع لفرع الأمن العسكري أثناء مرورها على طريق حي سجنة بدرعا البلد واقتصرت الأضرار على الماديات، إضافة إلى استهداف مجهولين بعبوة ناسفة سيارة المدعو “شادي بجبوج” الملقب بـ “العو” على مفرق خربة غزالة وسط مدينة درعا، أدت إلى إصابته بجروح خطيرة، ما دفع بمجموعات محلية تتبع لفرع الأمن العسكري المتواجدة قرب المشفى الوطني التي يتزعمها المدعو “بجبوج” لقطع طريق “درعا البلد – المحطة”، وإطلاق النار باتجاه القادمين من أحياء درعا البلد على خلفية مقتل قائدهم.
يضاف إلى تلك التطورات، استهداف مسلحين مجهولين المدعو “منير سالم المفعلاني” بعدة طلقات نارية أدت الى مقتله على الفور في مدينة نوى شمال غربي درعا، في حين استهدف مجهولون بعبوة ناسفة دورية مشتركة (شرطة – أمن سياسي – أمن عسكري) على طريق بلدة صيدا النعيمة شرقي درعا، كما قتل المدعو “رامي جوخدار” إثر استهدافه بالرصاص المباشر من قبل مجهولين في بلدة “اليادودة”.
الجدير ذكره أن هذه الأحداث تتزامن مع ما تسمى “عملية تسوية الأوضاع” للمدنيين في المنطقة الجنوبية، والتي تشهد إقبالًا ملحوظا من الشباب، حسب ادعاءات وزعم النظام السوري وقواته العسكرية والأمنية في المنطقة.
وتشهد محافظة درعا منذ سيطرة جيش النظام والقوات الروسية والميليشيات الإيرانية عليها، في عام 2018، توترًا أمنيًا متسارعًا سواء على صعيد عمليات الاغتيال أو العبوات الناسفة، وصولاً إلى عودة المواجهات العسكرية.