في أحد مقاهي دمشق، يقف الشاب “عيسى 26” أمام الطاولات لتلبية طلبات الزبائن، ويشرف على قسم “الأراكيل” منذ حصوله على العمل قبل عدة أشهر.
“عيسى” خريج كلية الاقتصاد من جامعة دمشق، لم يحصل على عمل يناسب شهادته بعد التخرج، وبقي مدة طويلة دون عمل، ليجد نفسه بعد بحث طويل عن يحضر النرجيلة في أحد مقاهي المدينة.
يقول “عيسى” في حديثه إلى منصة SY24 إنه “لم يتردد لحظة في قبول العمل في المقهى بعد معاناته من ضائقة مادية كبيرة، وبقائه دون عمل بعد تخرجه، واستحالة هجرته خارج البلاد والعمل في اختصاصه بسبب ارتفاع تكاليف السفر”.
حالة “عيسى” تحاكي آلاف القصص المشابهة للشباب السوريين، الذين لم يجدوا فرصة عمل تناسب اختصاصهم الجامعية، ما جعلهم يلجأون إلى سوق العمل اليومي لكسب قوتهم بدل البقاء دون عمل أو انتظار فرصة توظيف تناسبهم.
في آخر إحصائية ذكرتها صحفية “البعث” التابعة للحزب الحاكم، ارتفاع نسبة البطالة في سوريا من 8% عام 2011 إلى 56 % عام 2013، غير أن مختصين قالوا إن “هذه النسبة ارتفعت إلى أكثر من 60% حالياً، وتتمثل ببطالة الكفاءات والخريجين وأصحاب الاختصاصات العلمية والخبرات عن العمل”.
تخرجت “لمياء” 24 عام، منذ عامين من كلية التربية، تقدمت إلى عدة مسابقات للحصول على فرصة عمل، غير أن جميع محاولاتها باءت بالفشل وانتهى بها المطاف “مربية” أطفال عند أحد العائلات.
تقول “لمياء” إن “الظروف المعيشية المتردية، أجبرتها على قبول العمل لدى إحدى العائلات، مقابل مبلغ مالي آخر الأسبوع، تعيينها في مصروفها اليومي”.
“لمياء” وعدد من صديقاتها عملن بغير اختصاصهن بعد التخرج، تخبرنا أن “منهن من تعمل في محل بيع ألبسة، وأخرى ممرضة في عيادة طبيب أسنان بعد عجزهن عن العمل في اختصاصهن بعد سنوات الدراسة والتخرج”.
أدت سياسة النظام من قصف ممنهج للمدن بما فيها المنشآت الصناعية والتجارية إلى خروج آلاف المعامل وعن الخدمة، ماسبب ارتفاع نسبة البطالة إلى نسب قياسية غير مسبوقة، تظهر العجز والفشل الحاصل على كافة المستويات.
كما أدت عمليات التجنيد الإجباري، في صفوف جيش النظام إلى هجرة آلاف الشبان خارج البلاد، للبحث عن فرص حياة أفضل بعد ما أصبحت الحياة شبه مستحيلة مع انعدام معظم مقومات الحياة.
يشار إلى أن الهجرة استنزفت خيرة الكفاءات والخبرات في كل المجالات، وخاصة الخريجين في الجامعات أصحاب الاختصاصات الطبية والهندسية، وباتت أغلب أن الكليات الطبية في الجامعات كافة، وخاصة كلية الطب البشري بجامعة دمشق كادت تخلو من كادرها التدريسي، يضاف إلى ذلك هجرة أصحاب المهن والحرف ورؤوس الأموال خارجاً.