بأنامل أنثوية.. ديوانيّ شعر يبصران النور في مدينة الرقة 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

“تركت الحرب مشاعر مؤلمة، وذكريات حزينة تتأجج في ذاكرة الشعب السوري، كلما مر عليها الحنين، فتهفوا النفوس إلى السلام والحب والسكينة، فكان هذا المزيج من الأحاسيس المتخبطة، دافعاً قوياً لي  للإبداع في الكتابة، تلك الموهبة التي صقلت شخصيتي الآن وجعلتني أولد من جديد”. 

بهذه الكلمات المفعمة، بدأت الكاتبة الشابة الحرب “ختام الطويل” لقائها مع منصة SY24، لتحكي لنا قصتها مع الأدب والفن وكيف تكللت أعمالها الأدبية بطباعة ديوانيّ شعر وعدة مقالات أدبية قيد الإنجاز. 

الكاتبة ” ختام” من مواليد مدينة حلب، مقيمة في الرقة، أنهت دراستها في معهد إعداد المدرسين قسم “الرسم” الذي كان بوابة دخولها عالم الأدب والكتابة.

كان الرسم مُحفزاً أولياً لفتح الأبواب أمام مخيلتها العميقة لتترجم ما بداخلها، إلى حروف يرويها الحنين الذي أصبح عنوان ديوانها الأول، إذ اطُبع إبان الحرب على مدينتها في عام 2019.

تقول لنا: “ولدت الموهبة مع الحرب من خلال ربط اللوحات التي أرسمها مع كتابة نثرية أو أدبية  تعبر عما في خاطري وما أعيشه في لحظات عصيبة، لأن كلاهما يعتمد على الإحساس”.

وتناولت في حديثها معنا ضرورة تسليط الضوء على ما عايشه أهل الرقة في تلك الحقبة، لأن الكاتب مرآة العصر برأيها، وهو مؤرخ اللحظة، فكيف إن كان الكاتب “امرأة”!.

تقول: إن “هناك قوة كبيرة تشعر بها الأنثى الكاتبة تمييزها عن غيرها، وهي الأحاسيس الصادقة والتي تستطيع أن تُغير الكثير في المجتمع الرافض إلى  حد ما لقلم الأنثى”. 

عاشت الكاتبة “ختام الطويل” كسائر النساء في مجتمع يُقلل من شأن المرأة إذا جاز التعبير، ولا يهتم لما في داخلها من إبداع، فوجدت في المعهد متنفساً لها، تُعبر به عن ذاتها أمام معلميها وزملائها، لتتلقى التشجيع منهم والدعم المعنوي لإكمال ما بدأت به. 

وفي العودة للحديث عن الحرب التي أثرت بشكل كبير على نقاط حروفها وضبطها، فقد أكدت “الطويل” أن أغلب كلماتها كانت تخرج تلقائياً من رحم الواقع المعاش آنذاك مثل بعض مفردات كـ “الخيام، النزوح، الأحياء المدمرة، والطائرات” وغيرها من المفردات التي ما تزال تتعمق بذاكرة السوريين بشكل عام، و أهالي الرقة بشكل خاص.

تقول لنا: “لم أفقد شيئاً من كتاباتي إبان الحرب، ربما لأني كنت حريصة جداً عليها، أو ربما لأني أحسست أنها أنا، وحافظت على نفسي من خلالها”. 

في عام 2019 صدر ديوانها الأول في الرقة تحت عنوان “حروف يرويها الحنين” وعبّرت عنه: بأنه “حنين حقيقي، كانت كتابته في مرحلة صعبة جداً وحتى الكلمات كانت حزينة جداً”.

ضم الديوان عشرات القصائد والعناوين، ولاقت إعجاب الكثيرين من أُدباء الرقة ونُقادها إذ  أشادوا بكتاباتها وأسلوبها، مما دفعها لتُكمل بمسيرتها إلى الأمام وتُعلن في العام التالي عن ولادة طبيعية لديوانها الثاني الذي حمل عنوان “رذاذ”. 

حيث قالت لنا: “رذاذ هو امتداد لحروف الأمل بالمطر الذي يروي ظمأ القلوب، وهو امتداد طبيعي لحروف يرويها الحنين”.

ما يقارب  98 قصيدة تغنت بالحب، والوطن والحنين بقوامها العامودي، الذي أعطاها مساحة أكبر للتعبير عمّا في داخلها، مترجمة مشاعر عميقة بأسلوب عذب جداً، وهمس شعري رقيق نقل أحاسيس مفعمة بأوجاع الأوطان وقلوب العشاق. 

وعن الضغوطات والتحديات التي تواجه المرأة الكاتبة عموماً وكان للكتابة “ختام الطويل” نصيباً منها، وقالت: “عندما تكون في وطن يتآكل من داخله بسبب الحرب، وطن مشتت وتعيش حلماً جميلاً ثم تصحو على واقع مرير وصعب فهذا التحدي الأكبر الذي يواجه الكتّاب بشكل عام”.

كما عرّجت “الطويل” للحديث عن الحريات المأسورة في العالم العربي، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي برأيها فتحت الباب أكثر للتعبير والإبداع ومخاطبة الجمهور بشكل مباشر، دونما رقيب عليها، فأبدع العشرات من الكتاب والأدباء والشعراء أيضاً عبر تلك المنصات.

“الطويل” لم تختصر نفسها ككاتبة فحسب بل أصرت إلا أن تترك بصمتها في عالم الأطفال، فعملت مدربة لهم في “نادي القراءة” في الرقة عام 2021، وقامت بتعليم وتحفيظ الأطفال للقصائد الشعرية والقواعد النحوية وغيرها من فنون الأدب، جاذبةً إياهم للعوم في بحر الكتابة والشعر ليُبدع الصغار بقراءة القصائد بلغة عربية سليمة.

وعن يوم المرأة العالمي تحدثت “الطويل” أنه يوم جميل لكنه لا يُعبر عن المرأة بشكل حقيقي وهي تتعرض أحياناً للاضطهاد والتعنيف من مجتمع يُسيء لها أحياناً بشكل مقصود حسب رأيها. 

تقول عن ذلك الموضوع : “لا أتمنى رؤية امرأة تعتلي المنصات لتتحدث عن يوم المرأة في حين هناك العشرات من النساء مغيبات عن الواقع، لا أعتقد أن حفلات ومهرجانات المرأة تحقق المرجو لها، وهو تحقيق قق ذاتها ووجودها وليس عن طريق المنصات وقص الأشرطة الحمراء”.

مجموعة جديدة عبارة عن مقالات ناقدة تحاكي الواقع كشفت عنها الطويل لمراسل منصتنا، وأنها ستكون معبرة عما يجول في ذهن الكثيرين وخاصة الكُتّاب الذين تتمنى عليهم أن تبقى رسالتهم سامية داعيةً للسلام وألا ينحازوا  سوى للجانب الإنساني الذي يجب

 عليهم أن يعملوا من أجله.

وأنهت الطويل حديثها بأن “الحلم سيتحقق في نهاية الأمر، مهما كانت الظروف قاسية، والإيمان بالحلم هو أيضا تحقيق له”، وتمنت أن تكون كلماتها أنفاس من شهقات الناس وهمومهم، وأن تترك رسالة جميلة تبقى حتى بعد رحيلها.

مقالات ذات صلة