أعلن قسم شرطة حي الجورة في مدينة ديرالزور، أنه تمكن من إلقاء القبض على معظم أفراد عصابة محلية للسرقة، قامت باقتحام أحد منازل الحي وسرقت منه مبلغ 25 مليون ليرة سورية، بالإضافة إلى بعض المصاغ الذهبي والأدوات المنزلية الأخرى، مؤكداً استمرار البحث عن بقية العصابة التي ينتمي معظم أفرادها إلى ميليشيا الدفاع الوطني.
حيث أصبحت ظاهرة سرقة المنازل والمحال التجارية وجرائم القتل والاختطاف والابتزاز وغيرها من الجرائم، من الظواهر الخطيرة التي تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم الشخصية في المدينة، بعد ارتفاع كبير في معدل هذه الجرائم مقارنةً بعدد السكان فيها، لتصبح المدينة على عتبة الدخول لقائمة أخطر المدن في العالم.
مصادر محلية عزت ارتفاع معدل جرائم السرقة في المدينة إلى الوضع المعيشي المتردي الذي يعاني منه أبناءها، واعتماد معظم العائلات على المساعدات الإغاثية الشحيحة التي تقدمها المنظمات الدولية في المدينة، واتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية، مازاد من حالة النقمة الداخلية لدى الطبقة الفقيرة تجاه الطبقات الغنية والمسؤولين التابعين للنظام السوري.
المصادر ذاتها ربطت ازدياد عدد جرائم السرقة في المدينة بازدياد واضح لعدد متعاطي الممنوعات والحبوب المخدرة، والتي باتت تباع في الأسواق المحلية بشكل شبه علني، كون معظم تجار ومتعاطي هذه المواد هم من قادة وعناصر الميليشيات المحلية والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري.
في الوقت الذي أصبحت فيه الشرطة المدنية عاجزةً أمام ارتفاع معدلات الجرائم المرتكبة في المدينة، وخصوصاً أن معظم مرتكبيها هم من عناصر الأجهزة الأمنية المحلية أو من قادة وعناصر ميليشيا الدفاع الوطني والميليشيات الإيرانية والروسية المتواجدة في المدينة، حيث لا تمتلك الشرطة أي صلاحية أو سلطة لإلقاء القبض عليهم أو محاسبتهم.
بينما يعيش سكان مدينة ديرالزور حالة من الخوف والترقب نتيجة الانفلات الأمني الكبير الذي تشهده المدينة، واضطرار الأهالي إلى التناوب لحراسة ممتلكاتهم الشخصية، خصوصاً مع قيام اللصوص بسرقة بعض المنازل في وضح النهار وتحت تهديد السلاح، الذي لا يملكه أحد في المدينة سوى عناصر الميليشيات المرتبطة بالنظام السوري.
“منال الحسين”، من سكان حي الجورة وتعمل معلمة في إحدى مدارس التعليم الأساسي في المدينة، أشارت إلى تعرض منزلها للسرقة من قبل عصابة ترتدي الزي العسكري، قام باقتحام المنزل في وضح النهار، وسرقت منه مبلغ مالي وبعض المصاغ الذهبي وبطارية للإنارة، قبل أن تلوذ بالفرار”، على حد قولها.
وقالت السيدة في حديثها لمنصة SY24: “جميع من في الحي يعلم أن اللصوص هم عناصر ميليشيا الدفاع الوطني من أبناء الحي، ولكن لا أحد يستطيع أن يتهمهم بشكل علني أو يتقدم بشكوى ضدهم خوفاً من انتقام زملائهم، ولذلك ازدادت عمليات السرقة لعدم وجود من يحاسب اللصوص الذين باتوا يعرضون مسروقاتهم وبشكل علني في سوق الجمعة الذي تحول اسمه إلى سوق الحرامية”.
وأوضحت أن “كل شيء تغير في المدينة منذ سيطرة النظام والميليشيات الشيعية التابعة له عليها، إذ بات تعاطي الشباب للمواد المخدرة أمر طبيعي في المدينة، بل أصبح التجار يبيعون الحشيش وحبوب الكبتاجون بشكل علني في الشارع دون محاسبة من أحد، كون جميع هذه المواد تأتي عبر الميليشيات الإيرانية أو عبر الفرقة الرابعة التي تسيطر على معابر المدينة”.
وفي السياق ذاته، أكد “عمر الجاسم”، وهو طالب جامعي في كلية الاقتصاد وناشط محلي، “وجود عدة أقسام لعصابات السرقة التي تنشط في المدينة، أهمها هي العصابات المرتبطة بالميليشيات الإيرانية وميليشيا الدفاع الوطني، والتي تعمل على سرقة المنازل والمحال التجارية في الأماكن القريبة من المقرات الأمنية أو في المناطق التي لا يدخلها أحد، حيث تتم عمليات السرقة بعلم قادتهم ويتم تقاسم المسروقات معهم”.
ولفت إلى أن “القسم الثاني هم عناصر الميليشيات المحلية الذين يعملون على سرقة المنازل بشكل فردي دون علم من قادتهم، حيث يتم اعتقالهم بشكل مؤقت دون محاكمة لعدة أشهر، ليقوموا بعدها بإخراجهم ونقلهم إلى النقاط المتقدمة داخل البادية السورية كنوع من العقاب”.
وأضاف أنه “بينما يقوم عدد من مدمني المخدرات وغالبيتهم من الشباب المراهقين الذين لا تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة، بسرقة الدراجات الهوائية ومحركات ضح المياه وبعض المواد الأخرى البسيطة من المنازل والمحال التجارية وبيعها في سوق الجمعة بسعر زهيد، وذلك من أجل شراء الممنوعات والمواد المخدرة”.
والجدير بالذكر أن أهالي مدينة ديرالزور يعيشون الآن ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة، مع سيطرة قوات النظام والميليشيات والمحلية والإيرانية الموالية له على معظم مفاصل الحياة فيها وتحكمهم بمقدرتها، في ظل حالة الانفلات الأمني الكبير الذي تعيشه المدينة، وازدياد واضح في معدلات جرائم القتل والسرقة المرتكبة فيها والتي يقف خلفها عناصر وقادة هذه الميلشيات، ما تسبب في هرب معظم العائلات من المدينة باتجاه مناطق سيطرة “قسد” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، ومنها إلى تركيا وأوروبا.