أكدت صحيفة “الغارديان البريطانية” في تحقيق صحفي أن النظام السوري يتعمد هدم الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة السورية في دمشق بحجة إزالة الألغام ومخلفات الحرب لتوفير مساحات لتشييد مبانٍ حديثة وحدائق نظيفة.
وأجرت الصحيفة -بالاشتراك مع منظمة “لايت هاوس” الإعلامية الهولندية المستقلة، ومؤسسة سراج السورية للصحافة الاستقصائية، وراديو روزنة- تحقيقا كشف عن عمليات هدم بالجملة لحي القابون وهو أحد ضواحي العاصمة دمشق التي يجري إزالتها ويعاد تطويرها لدرجة يصعب التعرف عليها بعد نزوح سكانها بسبب القتال أو لجوئهم إلى الخارج.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها “الغارديان” مقدار الثمن الباهظ الذي دفعه القابون بسبب مقاومته، حيث استخدم جيش النظام السوري أساليب ماحقة في محو الحي بكامله بحجة تسوية المنازل بالأرض بغرض إزالة الألغام.
ويعد القابون واحدا من مناطق عديدة في أنحاء دمشق وسوريا طالها الهدم بعد أن تم تحديدها كمواقع للمصادرة ضمن خطط الحكومة لتعمير ما دمّرته الحرب على أمل استقطاب استثمارات خارجية في قطاع العقارات.
وبحسب ما ترجم موقع “الجزيرة نت” عن تحقيق الغارديان، تظهر الخطط المقترحة تصورا للقابون يختلف كثيرا عما كان معروفا عنه كحي للطبقة العاملة قبل الحرب، والذي لم يستطع سكانه المطالبة بأراضيهم منذ توقف القتال وحتى بعد أن أبلغت دول غربية -مثل الدانمارك وبريطانيا- طالبي اللجوء السوريين أن دمشق باتت آمنة للعودة إليها.
واتهم سكان الحي السابقون وجهات بحثية نظام الأسد بقيامه بتغيير تركيبته السكانية (أو ما يعرف بإعادة هندسته اجتماعيا) بعدما تحول إلى معقل للمعارضة المسلحة إبان الحرب.
وتقول “مزينة سعدي” وهي واحدة من سكان حي القابون سابقاً والتي تقيم حالياً في الدانمارك إن هذه السياسة التي ينتهجها النظام السوري هدفها “الانتقام من أهالي القابون ولتأكيد أنه لم يتبق شيئاً للأهالي لكي يعودوا إليه”.
وفي حزيران 2020 أعلنت حكومة النظام السوري عن وضعها يدها وبشكل صريح على أملاك وعقارات المدنيين في منطقتي “مخيم اليرموك” و “القابون السكني”، معلنة عن طرح مخططات تنظيمية جديدة لتلك المناطق، ومدعية أنها تنوي البدء بإعادة تأهيل تلك المناطق وإعمارها من جديد، الأمر الذي حذر منه حقوقيون ومراقبون.
وأرجع قانونيون وحقوقيون سوريون هذه الإجراءات إلى القانون رقم 10 الذي أصدره النظام السوري عام 2018 بحجة إعادة التنظيم السكاني، والذي يتيح للنظام السوري وضع يده على أملاك المعارضين الذين لا يستطيعون العودة لإثبات ملكيتهم.
ويرى حقوقيون أن القانون رقم 10 صُمم للاستيلاء على أملاك المهجرين واللاجئين، واستبدال الشعب الرافض للنظام بشعوب اخرى، مشيرين إلى أنها جريمة توطئة لجريمة التهجير القسري التي جرت بقرار من رأس النظام السوري “بشار الأسد”، الذي صرّح بشكل علني أنه سعيد بالحرب لأنها جعلت المجتمع السوري متجانس، أي أن جميع الباقين هم تحت هيمنته، والمعارضين أصبحوا خارج سوريا ولن يسمح لهم بالعودة.